الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية،

الجوهري (المتوفى: 393 هـ)

كون

صفحة 2190 - الجزء 6

  وقد تقع زائدةً للتوكيد، كقولك زيدٌ كانَ منطلقاً، ومعناه زيدٌ منطلقٌ. قال الله تعالى: {وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً}. وقال الهذلىّ⁣(⁣١):

  وكنتُ إذا جَارِى دَعَا لِمَضُوفَةٍ ... أُشَمِّرُ حتى يَنْصُفَ الساقَ مِئْزَرِى

  وإنّما يُخبر عن حاله، وليس يُخبر بكُنْتُ عما مضى من فعله.

  وتقول: كانَ كَوْناً وكَيْنُونَةً أيضاً، سبّهوه بالحيدودة والطَّيرورة من ذوات الياء. ولم يجئ من الواو على هذا إلّا أحرف: كَيْنُونَةٌ، وهَيْعُوعَةٌ، ودَيْمُومَةٌ، وقَيْدُودَةٌ. وأصله كَيَّنُونَةً بتشديد الياء فحذفوا كما حذفوا من هَيِّنٍ ومَيِّتٍ ولو لا ذلك لقالوا كَوْنُونَةٌ. ثمّ إنَّه ليس فى الكلام فَعْلُولٌ.

  وأمَّا الحيدودة فأصله فَعْلُولَةٌ بفتح العين فسكنتْ.

  وقولهم: لم يَكُ، وأصله يَكُونُ، فلما دخلتْ عليها لم جزَمتْها فالتقى ساكنان فحذفت الواو فبقى لم يكن، فلمَّا كُثر استعمالُها حذفوا النونَ تخفيفاً، فإذا تحرَّكتْ أثبتوها فقالوا: لم يكن الرجل. وأجاز يونسُ حذفَها مع الحركة.

  وأنشد:

  إذا لم تكُ الحاجات مِن هِمَّة الفتى ... فليس بمُغْنٍ عنك عَقْدُ الرَتَائِمُ

  وتقول: جَاءونى لا يكون زيداً، تعنى الاستثناء، كأنَّك قلت: لا يكون الآتى زيداً.

  وكَوَّنَهُ فَتَكَوَّنَ: أَحْدَثَهُ فَحدَثَ.

  والكِيَانَةُ: الكَفالة.

  وكُنْتُ على فلان أَكُونُ كَوْناً، أى تكفّلت به. واكْتَنْتُ به اكْتِيَاناً مِثله.

  وتقول: كُنْتُكَ، وكُنْتُ إيّاك، كما تقول: ظَنَنْتُكَ زيداً وظننت زيداً إياك، تضع المنفصل موضع المتَّصل فى الكناية عن الاسم والخبر، لأنَّهما منفصلان فى الأصل، لأنّهما مبتدأ وخبر. قال أبو الأسود الدؤلى:

  دَعِ الخَمر يشربها الغواةُ فإنَّنى ... رأيتُ أخاها مُجْزِئاً لمكانِها

  وإلّا يَكُنْهَا⁣(⁣٢) أو تَكُنْهُ فإنّه ... أخوها غَذَتْهُ أمه بلِبَانِهَا

  يعنى الزبيب.

  والكَونُ: واحد الأَكْوَانِ.

  وسَمْعُ الكِيَانِ: كتابٌ للعجم.

  والاسْتِكانَةُ: الخضوع.

  والمَكانَةُ: المنزلة.


(١) أبو جندب.

(٢) ويروى: «فإن لا يكنها».