الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية،

الجوهري (المتوفى: 393 هـ)

نشأ

صفحة 77 - الجزء 1

  به أَبَلَتْ شَهْرَىْ رَبِيعٍ كِليْهِمَا ... فقد مارَ فيها نَسْؤُهَا واقْتِرَارُها⁣(⁣١)

  فالنَسْءُ: بَدْءُ السِمَنِ. والاقْتِرَارُ نِهَايته.

  ونَسَأْتُ اللبَنَ: خَلَطْنُهُ بماءٍ، واسمه النَسْءُ، قال عُرْوَةُ بن الوَرْدِ العَبْسِىُّ:

  سَقوْنِى النَسْءَ⁣(⁣٢) ثم تَكَنَّفُونِى ... عُدَاةُ الله من كَذِبٍ وَزُورِ

  وقوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ} هو فعيل بمعنى مفعول من قولك: نَسَأْتُ الشئَ، فهو مَنْسُوءٌ، إذا أَخَّرْتَهُ، ثم يُحوَّلُ مَنسُوءٌ إلى نَسِيءٍ، كما يُحَوَّلُ مَقتولٌ إلى قَتِيلٍ.

  ورجلٌ نَاسِئٌ وقومٌ نَسَأَةٌ، مثل: فَاسِقٍ وفَسَقَةٍ، وذلك أنهم كانوا إذا صَدَرُوا عن مِنًى يقوم رجل من كِنَانَةَ فيقول: أنا الذى لا يُرَدُّ لى قَضَاءٌ! فيقولون: أَنْسِئْنَا شهراً، أى: أَخِّرْ عنا حُرُمَةَ الْمُحَرَّمِ واجعلها فى صَفَرٍ، لأنهم كانوا يكرهون أن تتوالى عليهم ثلاثةُ أشهُرٍ لا يُغِيرُونَ فيها، لأن مَعَاشَهُمْ كان من الغارَةِ؛ فَيُحِلُّ لهم الْمُحَرَّمَ.

  وقولهم: أَنْسَأْتُ سُرْبَتِى، أى: أَبْعَدْتُ مذهبى. قال الشَنْفَرَى:

  عَدَوْنَ مِنَ الْوَادِى الذى بين مِشْعَلٍ ... وَبَيْنَ الْحَشا هيهَاتَ أَنْسَأْتُ سُرْبَتِى⁣(⁣١)

  وانتَسَأْتُ عنه: تأَخَّرْتُ وتبَاعدتُ، وكذلك الإبل إذا تبَاعَدَت فى المرعى. قال الشاعر⁣(⁣٢):

  إذا انتَسَئُوا فَوْتَ الرِّماحِ أَتَتْهُمُ ... عَوَائِرُ نَبْلٍ كالْجَرادِ نُطِيرُها⁣(⁣٣)

  ويقال: إنَّ لى عنك لَمُنْتَسَأً، أى: مُنْتَأًى وسَعَة.

[نشأ]

  أَنْشَأَهُ الله: خَلَقَهُ. والاسم النَّشْأَةُ والنَّشَاءَةُ بالمدِّ، عن أبى عمرو بن العَلَاء. وأَنْشَأَ يَفْعَلُ كذا، أى: ابتَدَأَ. وفلان يُنْشِئُ الأحاديث، أى يَضَعُهَا.

  والناشِئُ: الْحَدَثُ الذى قد جاوز حَدَّ الصِغَرِ، والجاريةُ ناشِئٌ أيضاً، والجمع النَشَأُ، مثل: طالبٍ وطلَبٍ، وكذلك النَشْءُ، مثل: صاحبٍ وصَحْبٍ.

  والنَشءُ أيضاً: أول ما يَنْشَأُ من السحاب.

  ونَشَأْتُ فى بنى فلانٍ نَشْأً ونُشُوءًا، إذا شَبَبْتُ فيهم. ونُشِّئَ وأُنْشِئَ بمعنى: وقُرِئَ، {أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ}⁣(⁣٤).


(١) أبلت: جزأت بالرطب عن الماء. ومار: جرى.

(٢) وقيل النسء: الشراب الذى يزيل العقل، وبه فسر ابن الأعرابى النسء ههنا، قال: إنما سقوه الخمر.

ويقوى ذلك رواية سيبويه «سقونى الخمر».

(١) قال ابن برى: «الصواب عدونا» أى كما أنشده فى سرب كذلك. اه شرح القاموس. وفى اللسان فى مادة (سرب) منه «غدونا» بالغين المعجمة، وفى المفضليات «وبين الجبى». ويرى «أنشأت» بالشين المعجمة: أظهرت جماعتى من مكان بعيد لمغزى بعيد.

(٢) الشعر لمالك بن زغبة الباهلى.

(٣) يروى إذا أنسؤوا، وعوائر نبل، أى جماعة سهام متفرقة لا يدرى من أين أتت.

(٤) فى اللسان: قال الفراء: قرأ أصحاب عبد الله: {يُنَشَّؤُا} وقرأ عاصم وأهل الحجاز «يَنْشَأ».