أنا
  وكُلُّ أَخٍ مُفَارِقُهُ أخوه ... لَعَمْرُ أَبِيكَ إلَّا الفَرقدانِ(١)
  كأنّه قال غير الفرقدين. وأصل إلَّا الاستثناء والصفةُ عارضةٌ. وأصل غير صفةٌ والاستثناء عارضٌ.
  وقد يكون إلَّا بمنزلة الواو فى العطف، كقول الشاعر(٢):
  وأَرَى لها دَاراً بِأَغْدِرَةِ ال ... سِيدانِ لم يَدْرُسْ لها رَسْمُ
  إلَّا رَمَاداً هَامِداً دَفَعَتْ ... عنه الرياحَ خَوالِدٌ سُحْمُ(٣)
[أنا]
  أَنَّى معناه أين، تقول: أَنَّى لك هذا، أى من أين لك هذا؟ وهى من الظروف التى يُجازَى بها، تقول: أَنَّى تَأَتِنِى آتِكَ معناه: من أىّ جهة تَأْتِنِى آتِكَ.
  وقد تكون بمعنى كيفَ، تقول: أَنَّى لك أن تفتح الحصنَ؟ أى كيفَ لك ذلك.
  وأمَّا قولك أَنَا فقد ذكرناه فى باب النون.
[إيا]
  إيَّا: اسمٌ مبهم، وتتَّصل به جميع المضمرات المتّصلة التى للنصب، تقول: إِيَّاكَ وإِيَّاىَ وإِيَّاهُ وإِيَّانَا. وجعلت الكاف والهاء والياء والنون بياناً عن المقصود، ليُعلم المخاطَبُ من الغائب؛ ولا موضع لها من الإعراب، فهى كالكاف فى ذَلِكَ وأرْأَيْتَكَ، وكالألف والنون التى فى أَنْتَ، فيكون إِيَّا الاسمَ وما بعدها للخطاب وقد صارا كالشئ الواحد؛ لأنَّ الأسماء المبهمة وسائر المَكْنِيَّاتِ لا تضاف، لأنّها معارف.
  وقال بعض النحويين: إنَ إيَّا مضافٌ إلى ما بعده، واستدلَّ على ذلك بقولهم: «إذا بَلَغَ الرجلُ الستِّين فَإِيَّاهُ وإيَّا الشَوَابِّ»، فأضافوها إلى الشَوَابِّ وخفضوها.
  وقال ابن كيسان: الكاف والهاء والياء والنون هى الأسماء، وإيَّا عمادٌ لها، لأنها لا تقوم
(١) قبله:
وكل قرينة قرنت بأخرى ... وإن صلت بها سيفرقان
وكذلك ذكر الصغانى بصفحة ١٢٣٧ من التكملة.
(٢) المخبّل.
(٣) وآخر بيت من هذه القصيدة:
إني وجدت الأمر أرشدة ... تقوى الإله وشره الإثم