فصل الباء
  والبائِنَةُ: البئرُ البعيدةُ القعرِ الواسعةُ.
  والبَيُونُ مثله؛ لأنَّ الأَشْطَانَ تَبِينُ عن جرابها كثيراً. قال جرير يصف خيلاً(١):
  يَشْنِفْنَ(٢) للنظر البعيدِ كأنّما ... إرْنَانُهَا بِبَوَائِنِ الأَشْطانِ
  وغُراب البَيْنِ يقال هو الأبقع. قال عنترة:
  ظَمَنَ الذين فِرَاقَهُمْ أَتَوَقَّعُ ... وجرى بَيْنِهِمِ الغُرابُ الأَبْقَعُ
  حَرِقُ الجَناحِ كأنَّ لَحْيَىْ رَأْسِهِ ... جَلَمانِ بالأخبار هَشٌّ مُولَعُ
  وقال أبو الغوث: غراب البَيْنِ هو الأحمر المنقار والرجلين، فأمَّا الأسود فهو الحاتم؛ لأنّه عندهم يحتم بالفراق.
  وبَيْنَ بمعنى وَسْط، تقول: جلست بَيْنَ القوم كما تقول: وسط القوم بالتخفيف، وهو ظرف، وإنْ جعلتَه اسماً أعربته. تقول: جلست بَيْنَ القوم كما تقول وسط القوم بالتخفيف.
  وهو ظرف وإن جعلته اسماً أعربته. تقول: لقد تَقَطّعَ بَيْنُكم برفع النون، كما قال الهذلىّ(٣):
  فلَاقَتْهُ بِبَلْقَعَةٍ بَرَاحٍ ... فصادف بين عينيه الجَبُوبَا(٤)
  وتقول: لقيته بُعَيْدَاتِ بَيْنٍ، إذا لقيتَه بعد حين ثم أمسكت عنه ثمّ أتيته.
  وهذا الشئ بَيْنَ بَيْنَ، أى بين الجيِّد والردئ. وهما اسمان جعلا اسماً واحداً وبنيا على الفتح.
  والهمزةُ المخففة تسمَّى بَيْنَ بَيْنَ، أى همزة بين الهمزةِ وحرف اللِينِ، وهو الحرف الذى منه حركتُها، إن كانت مفتوحة فهى بين الهمزة والألف مثال سأل، وإن كانت مكسورة فهى بين الهمزة والياء مثل سَئِمَ، وإن كانت مضمومةً فهى بين الهمزة والواو مثل لَؤُمَ. وهى لا تقع أوَّلاً أبداً لقربها بالضعف من الساكن، إلّا أنَّها وإن كانت قد قربت من الساكن ولم يكن لها تَمَكُّنُ الهمزة المخففة فهى متحرِّكة فى الحقيقة. وسمِّيت بَيْنَ بَيْنَ لضعفها، كما قال عبيد بن الأبرص:
  بحمى حقيقتنا وبَعْ ... ضُ القومِ يَسْقُطُ بَيْنَ بَيْنا
  أى يتساقط ضعيفاً غير معتدٍّ به.
  وبَيْنَا: فَعْلَى أشبعت الفتحة فصارت ألفاً.
  وبينما زيدت عليها مَا، والمعنى واحد. تقول: بَيْنَا
(١) قال ابن برى: البيت للفرزدق.
(٢) الذى فى شعره: «يصهلن».
(٣) أبو خراش الهذلى.
(٤) الجبوب: وجه الأرض.