عبر
  والمَعْبَر: شطّ نهرٍ هُيئ للعبُور. والمِعْبَر: سفينة يُعبَر عليها النّهر. ورجل عابرُ سبيلٍ، أي مارّ. قال اللَّه تعالى: {وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ}. ومن الباب العَبْرَة، قال الخليل: عَبْرَة الدَّمع: جَرْيُه. قال: والدَّمع أيضاً نفسُه عَبْرَة.
  قال امرؤ القيس:
  وإنّ شِفائى عَبْرَةٌ إن سَفَحتُها ... فهلْ عند رسْمٍ دارسٍ من مُعَوَّلِ(١)
  وهذا من القياس؛ لأنَّ الدّمع يعبُرُ، أي ينفُذ ويَجرى. والذي قاله الخليل صحيحٌ يدلُّ على صِحّة القياس الذي ذكرناه.
  وقولهم: عَبِرَ فلانٌ يَعْبَرُ عَبَراً من الحزن، وهو عَبْرَانُ، والمرأةُ عَبْرَى وعَبِرَةٌ، فهذا لا يكون إلَّا وثَمَّ بكاء. ويقال: استَعْبَرَ، إذا جَرَتْ عَبْرَتُه.
  ويقال من هذا: امرأةٌ عابر، أي بها العَبَر. وقال:
  يقولُ لي الجَرْمِىُّ هل أنت مُرْدِفِى ... وكيف رِدَافُ الفَلِّ أمُّك عابِرُ(٢)
  فهذا الأصل الذي ذكرناه. ثم يقال * لضرب من السدر عُبْرِىٌّ، وإنما يكون كذلك إذا نَبَتَ على شُطوط الأنهار. والشّطُّ يُعْبَرُ ويعبر إليه. قال العجّاج:
(١) البيت من معلقته المشهورة.
(٢) البيت للحارث بن وعلة الجرمي. اللسان (عبر). وفي خزانة الأدب (١: ١٩٩) أنه لأبيه وعلة بن عبد اللّه الجرمي. فيقال إن الجرمي لحق رجلا من بنى نهد يقال له سليط بن قتب فقال له وعلة: أردفنى خلفك، فإني أتخوف القتل. فأبى أن يردفه فطرحه عن قربوسه وركب عليها ونجا. فرواية البيت الصحيحة على هذا القول: «وقد قلت للنهدى». وذكر في اللسان أن النهدي هو الذي سأل الحارث أن يردفه خلفه لينجو فأبى. فرواية البيت: «يقول لي النهدي».
وقد اتفقت الروايتان على أن «النهدي» قد قتل. أما رواية ابن فارس هنا فغريبة لا سند لها من القصص. وانظر الاشتقاق ٢٩١.