معجم مقاييس اللغة،

ابن فارس (المتوفى: 395 هـ)

عبر

صفحة 208 - الجزء 4

  والمَعْبَر: شطّ نهرٍ هُيئ للعبُور. والمِعْبَر: سفينة يُعبَر عليها النّهر. ورجل عابرُ سبيلٍ، أي مارّ. قال اللَّه تعالى: {وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ}. ومن الباب العَبْرَة، قال الخليل: عَبْرَة الدَّمع: جَرْيُه. قال: والدَّمع أيضاً نفسُه عَبْرَة.

  قال امرؤ القيس:

  وإنّ شِفائى عَبْرَةٌ إن سَفَحتُها ... فهلْ عند رسْمٍ دارسٍ من مُعَوَّلِ⁣(⁣١)

  وهذا من القياس؛ لأنَّ الدّمع يعبُرُ، أي ينفُذ ويَجرى. والذي قاله الخليل صحيحٌ يدلُّ على صِحّة القياس الذي ذكرناه.

  وقولهم: عَبِرَ فلانٌ يَعْبَرُ عَبَراً من الحزن، وهو عَبْرَانُ، والمرأةُ عَبْرَى وعَبِرَةٌ، فهذا لا يكون إلَّا وثَمَّ بكاء. ويقال: استَعْبَرَ، إذا جَرَتْ عَبْرَتُه.

  ويقال من هذا: امرأةٌ عابر، أي بها العَبَر. وقال:

  يقولُ لي الجَرْمِىُّ هل أنت مُرْدِفِى ... وكيف رِدَافُ الفَلِّ أمُّك عابِرُ⁣(⁣٢)

  فهذا الأصل الذي ذكرناه. ثم يقال * لضرب من السدر عُبْرِىٌّ، وإنما يكون كذلك إذا نَبَتَ على شُطوط الأنهار. والشّطُّ يُعْبَرُ ويعبر إليه. قال العجّاج:


(١) البيت من معلقته المشهورة.

(٢) البيت للحارث بن وعلة الجرمي. اللسان (عبر). وفي خزانة الأدب (١: ١٩٩) أنه لأبيه وعلة بن عبد اللّه الجرمي. فيقال إن الجرمي لحق رجلا من بنى نهد يقال له سليط بن قتب فقال له وعلة: أردفنى خلفك، فإني أتخوف القتل. فأبى أن يردفه فطرحه عن قربوسه وركب عليها ونجا. فرواية البيت الصحيحة على هذا القول: «وقد قلت للنهدى». وذكر في اللسان أن النهدي هو الذي سأل الحارث أن يردفه خلفه لينجو فأبى. فرواية البيت: «يقول لي النهدي».

وقد اتفقت الروايتان على أن «النهدي» قد قتل. أما رواية ابن فارس هنا فغريبة لا سند لها من القصص. وانظر الاشتقاق ٢٩١.