معجم مقاييس اللغة،

ابن فارس (المتوفى: 395 هـ)

أنف

صفحة 146 - الجزء 1

أنف

  الهمزة والنون والفاء أصلان منهما يتفرَّع مسائلُ الباب كلّها:

  أحدهما أخْذ الشئِ من أوّلِه، والثاني أَنْف كلِّ ذي أَنْف. وقياسه التحديد. فأمّا الأصل الأوّل فقال الخليل: استأنفت كذا، أي رجعتُ إلى أوّله، وائتنفت ائتنافا.

  ومُؤْتَنَف الأَمْر: ما يُبْتَدأُ فيه. ومن هذا الباب قولهم: فعل كذا آنِفا، كأنّه ابتداؤه.

  وقال اللَّه تعالى: {قَالُوا ... مَاذَا قَالَ آنِفًا}.

  والأصل الثاني الأنف، معروف، والعدد آنُفٌ⁣(⁣١)، والجَمْعُ أُنُوفٌ. وبعيرٌ مأنوفٌ.

  يساق بأنفه، لأنه إذا عَقَره الخِشاشُ انقاد. وبعير أَنِفٌ وآنِفٌ مقصور ممدود.

  ومنه

  الحديث: «المسلمون هَيِّنُون لَيِّنون، كالجمل الأَنِف، إنْ قِيدَ انْقَاد، وإن أُنِيخ اسْتَنَاخ⁣(⁣٢)».

  ورجل أُنَافِيٌّ عظيم الأنف. وأَنَفْتُ الرَّجلَ: ضربْتُ أنْفَه.

  وامرأةٌ أَنُوفٌ: طيِّبة ريح الأنْف. فأما قولهم: أَنِفَ مِن كذا، فهو من الأنْف أيضاً، وهو كقولهم للمتكبِّر: «ورِمَ أنفُهُ». ذكر الأَنْف دون سائر الجسَد لأنه يقال شمَخ بأنْفه، يريد رفع رأسه كِبْرا، وهذا يكون من الغَضَب. قال:

  ... ولا يُهاجُ إِذا ما أَنْفُه وَرِما ...

  أي لا يُكلَّم عند الغضَب. ويقال: «وجَعُهُ حيثُ لا يضَعُ الرَّاقِى⁣(⁣٣) أَنْفَه».

  يضرَب لما لا دواءَ له. قال أبو عبيدة: بنو أنف النَّاقة بنو جعفر بن قُريع بن عَوف ابن كعب بن سعد، يقال إنهم نَحَروا جَزُوراً كانوا غنِموها في بعض غَزَواتهم،


(١) يراد بهذا التعبير أقل الجمع، وهو ما يسمونه «جمع القلة». وصيغه أفعلة وأفعل وفعلة وأفعال. وهو يطلق على الثلاثة إلى العشرة، وسائر الصبغ للعشرة فما فوقها. انظر اللسان (أهن س ٢) وما سيأتي هنا في مادة (أهن) ص ١٥١.

(٢) في اللسان (١٠: ٣٥٥): «وإن أنيخ على صخرة استناخ».

(٣) في الأصل: «الرامي» محرفة.