معجم مقاييس اللغة،

ابن فارس (المتوفى: 395 هـ)

حفن

صفحة 82 - الجزء 2

  قد حفَّلت؛ أَى جُمع اللّبنُ في ضَرعها. ونُهِى عن التَّصريةِ والنَّحفيل. ويقال لا تَحْفِل به، أي لا تُبالِهِ؛ وهو من الأصل، أي لا تتجمَّع. وذلك أنّ مَن عَراه أمرٌ تجمَّع له.

  فأمَّا قولهم لحُطام التِّبن حُفالة فليس من الباب، إنّما هو من باب الإبدال؛ لأنّ الأصلَ حُثالة، فأبدلت الثاء فاءَ.

  ومن الباب رجلٌ ذو حَفْلَةٍ، إذا كان مبالِغاً فيما أخذ فيه، وذلك أنّه يتجمّع له رأياً وفِعلا. وقد احتَفَل لهم، إذا أحسن القيام بأمرهم. ويقال احتَفَل الوادِى.

  بالسّيل. فأمّا قولهم تحفّل، إذا تزيّنَ، فهو من ذلك أيضاً لأنه يجمُع لنفسه المحاسِن.

  فأمّا قولهم حَفَلْتُ الشئَ، إذا جلوتَه، فمن الباب، والقياسُ صحيح؛ وذلك أنّه.

  يجمع ضَوءَه ونُورَه بما يَنفيه من صَدئه. قال بشر:

  رأى درة بيضاء يَحفِل لونُها ... سُخامٌ كغِربان البريرِ مَقَصَّبُ⁣(⁣١)

  والمُقصَّبْ المجمَّد. وأراد بالدّرّة امرأةً. يحفل لونَها [سخام⁣(⁣٢)]، يعنى الشَعَر يريدها بسوادِه بياضا، وهذا كأنّه جلاها، وهو من الكلام الحسن جدًّا.

حفن

  الحاء والفاء والنون كلمةٌ واحدة، منقاسٌ، وهو جمعُ الشئ في كفٍّ أو غير ذلك. فالحَفْنَة: مِلءُ كفّيك من الطَّعام. يقال حَفَنْتُ الشئَ حَفْناً بيدىَّ. ومنه

  حديث أبي بكر: «إنّما نحن حَفْنَةٌ من حَفنات اللَّه تعالى».

  معناه أنَّ اللّه تعالى إذا شاء أدخل خلْقه الجنّةَ، وأنَّ ذلك يسيرٌ عنده كالحَفْنَةِ. ويقال احتَفْنتُ الشئَ لنفسي، إذا أخذتَه ويقال الحُفْنة إنّها الحُفْرة؛ فإن صحَّ فمحتملٌ


(١) سبق البيت والكلام عليه في (مادة بر).

(٢) التكملة من المجمل.