معجم مقاييس اللغة،

ابن فارس (المتوفى: 395 هـ)

انتقاله إلى الري:

صفحة 6 - الجزء 1

انتقاله إلى الري:

  ولما اشتهر أمره بهمذان وذاع صوته، استدعى منها إلى بلاط آل بويه بمدينة الري، ليقرأ عليه أبو طالب بن فخر الدَّولة علي بن ركن الدَّولة الحسن بن بويه الدَّيلمى. وهناك التقى برجل خطير كان يبغى من قبل أن يعقد صلة بينه وبينه، حتى لقد أنفذ إليه من همذان كتاباً من تأليفه، هو «كتاب الحجر⁣(⁣١)».

  ذلك الرجل الخطير هو الصاحب إسماعيل بن عباد⁣(⁣٢). وفي هذه الآونة زال ما كان بين أبى الحسين وبين الصاحب من انحراف، كانت علته انتساب ابن فارس إلى خدمة آل العميد⁣(⁣٣) وتعصبه لهم. واصطفاه الصاحب حينئذ، وأخذ عنه الأدب،


(١) في إرشاد الأريب «كان الصاحب منحرفا عن أبي الحسين بن فارس؛ لانتسابه إلى خدمة آل العميد وتعصبه لهم، فأنفذ إليه من همذان كتاب الحجر من تأليفه، فقال الصاحب: رد الحجر من حيث جاءك. ثم لم تطب نفسه بتركه فنظر فيه وأمر له بصلة».

(٢) هو أبو القاسم إسماعيل بن عباد بن العباس بن عباد. وهو أول من لقب بالصاحب من الوزراء؛ لأنه كان يصحب أبا الفضل بن العميد، فقيل له «صاحب ابن العميد» ثم أطلق عليه هذا اللقب لما تولى الوزارة، وبقي علما عليه. وقيل إنما سمى الصاحب لأنه صحب مؤيد الدولة أبا منصور بويه بن ركن الدولة بن بويه الديلمي، وتولى وزارته بعد أبي الفتح علي بن أبي الفضل بن العميد، فلما توفى مؤيد الدولة في سنة ٣٧٣ بجرجان استولى على مملكته أخوه فخر الدين أبو الحسن على، فأقر الصاحب على وزارته. توفى سنة ٣٨٥ بالري.

(٣) كان من أشهر آل العميد، أبو الفضل محمد بن الحسين. والعميد لقب والده الحسين، لقبوه بذلك على عادة أهل خراسان في إجرائه مجرى التعظيم. وكان أبو الفضل عماد آل بويه، وصدر وزرائهم، وهو الذي قيل فيه: «بدئت الكتابة بعبد الحميد، وختمت بابن العميد». قال الثعالبي في اليتيمة (٣: ٨) في ترجمته ابن العميد: «وكان كل من أبى العلاء السروي، وأبى الحسن العلوي العباسي، وابن خلاد القاضي، وابن سمكة القمي، وأبى الحسين بن فارس، وأبى محمد هندو يختص به ويداخله وينادمه حاضراً، ويكاتبه ويجاوبه ويهادبه نثراً ونظما». وكان أبو الفضل وزير ركن الدولة أبى الحسن علي بن بويه، والد عضد الدولة، تولى وزارته عقب موت وزيره أبى علي بن القمي سنة ٣٢٨. وللصاحب فيه مدائح كثيرة. ولما توفى أبو الفضل ولى الوزارة بعده لركن الدولة ولده أبو الفتح على. ولما توفى ركن الدولة وولى بعده ولده «مؤبد الدولة» استوزره أيضا. وكان بين أبى الفتح والصاحب منافرة، ويقال إن الصاحب أوغر قلب مؤيد الدولة عليه، فقيض عليه واعتقله وسامه سوء العذاب، وولى مكانه الصاحب بن عباد وقد روى ابن فارس في هذا الجزء من المقاييس ص ٢٠٦ عن أبي الفضل بن العميد.