معجم مقاييس اللغة،

ابن فارس (المتوفى: 395 هـ)

بد

صفحة 176 - الجزء 1

بد

  الباء والدال في المضاعف أصلٌ واحد، وهو التفرُّق وتباعُدُ ما بينَ الشَّيئين. يقال فرسٌ أَبدُّ، وهو البعيد ما بين الرِّجلَين. وبَدَدْتُ الشئَ إذا فرّقتَه. ومن ذلك

  حديثُ أمِّ سلمة: «يا جارية أَبِدِّيهِمْ تَمْرةً تَمْرةً».

  أي فرِّقيها فيهم تَمرة تَمْرة. ومنه قول الهذلي⁣(⁣١):

  فأَبَدَّهُنَّ حُتُوفَهُنَّ فهاربٌ ... بِذَمائِهِ أو باركٌ مُتَجَعْجِعُ

  أي فرَّق فيهنّ الحُتوفَ. ويقال فرّقْناهم بَدَادِ⁣(⁣٢). قال:

  ... فشلوا بالرِّماح بَدَادِ⁣(⁣٣) ...

  وتقول بادَدْتُه في البَيع، أي بِعتُه مُعاوَضة. فإن سأل سائلٌ عن قولهم: لا بدَّ من كذا، فهو من هذا الباب أيضاً، كأنه أراد لا فِراق منه، لا بُعد عنه.

  فالقياس صحيحٌ. وكذلك قولهم للمفازة الواسعة «بَدْبَدٌ⁣(⁣٤)» سمِّيت لتباعُدِ ما بين أقطارها وأطرافها. والبادّان: باطنا الفَخِذين من ذلك، سمِّيا بذلك للانفراج الذي بينهما.

  وقد شذّ عن هذا الأصل كلمتان: قولهم للرجل العظيم الخَلْق «أبَدّ». قال:

  ... أَلَدَّ يَمْشِى مِشْيَةَ الأَبَدِّ ... (⁣٥)

  وقولهم: ما لك به بَدَدٌ⁣(⁣٦)، أي ما لك به طاقةٌ.


(١) هو أبو ذؤيب الهذلي، وقصيدته في ديوانه ص ١ والمفضليات (٢: ١٢١).

(٢) بداد، بفتح أوله والبناء على الكسر. وفي الأصل: «بدادا» محرف.

(٣) قطعة من بيت لحسان، وهو وسابقه في ديوانه ١٠٨ واللسان (بدد):

هل سر أولاد اللقيطة أننا ... سلم غداة فوارس المقداد

كنا ثمانية وكانوا جحفلا ... لجبا فشلوا بالرماح بداد.

(٤) كذا وردت مضبوطة في الأصل وفي المجمل. وفي اللسان: «البديدة»، وفي القاموس:

«البديد».

(٥) وكذا ورد إنشاده في المجمل. وقد نبه صاحب القاموس على خطأ هذه الرواية، وأن صوابها:

... بداء تمشى مشية الأبد ...

وعلى هذا الوجه جاء إنشاده في اللسان (٤: ٤٦) منسوباً إلى أبى نخيلة السعدي.

(٦) ويقال أيضاً مالك بدة وبدة، بكسر الباء وفتحها.