بد
بد
  الباء والدال في المضاعف أصلٌ واحد، وهو التفرُّق وتباعُدُ ما بينَ الشَّيئين. يقال فرسٌ أَبدُّ، وهو البعيد ما بين الرِّجلَين. وبَدَدْتُ الشئَ إذا فرّقتَه. ومن ذلك
  حديثُ أمِّ سلمة: «يا جارية أَبِدِّيهِمْ تَمْرةً تَمْرةً».
  أي فرِّقيها فيهم تَمرة تَمْرة. ومنه قول الهذلي(١):
  فأَبَدَّهُنَّ حُتُوفَهُنَّ فهاربٌ ... بِذَمائِهِ أو باركٌ مُتَجَعْجِعُ
  أي فرَّق فيهنّ الحُتوفَ. ويقال فرّقْناهم بَدَادِ(٢). قال:
  ... فشلوا بالرِّماح بَدَادِ(٣) ...
  وتقول بادَدْتُه في البَيع، أي بِعتُه مُعاوَضة. فإن سأل سائلٌ عن قولهم: لا بدَّ من كذا، فهو من هذا الباب أيضاً، كأنه أراد لا فِراق منه، لا بُعد عنه.
  فالقياس صحيحٌ. وكذلك قولهم للمفازة الواسعة «بَدْبَدٌ(٤)» سمِّيت لتباعُدِ ما بين أقطارها وأطرافها. والبادّان: باطنا الفَخِذين من ذلك، سمِّيا بذلك للانفراج الذي بينهما.
  وقد شذّ عن هذا الأصل كلمتان: قولهم للرجل العظيم الخَلْق «أبَدّ». قال:
  ... أَلَدَّ يَمْشِى مِشْيَةَ الأَبَدِّ ... (٥)
  وقولهم: ما لك به بَدَدٌ(٦)، أي ما لك به طاقةٌ.
(١) هو أبو ذؤيب الهذلي، وقصيدته في ديوانه ص ١ والمفضليات (٢: ١٢١).
(٢) بداد، بفتح أوله والبناء على الكسر. وفي الأصل: «بدادا» محرف.
(٣) قطعة من بيت لحسان، وهو وسابقه في ديوانه ١٠٨ واللسان (بدد):
هل سر أولاد اللقيطة أننا ... سلم غداة فوارس المقداد
كنا ثمانية وكانوا جحفلا ... لجبا فشلوا بالرماح بداد.
(٤) كذا وردت مضبوطة في الأصل وفي المجمل. وفي اللسان: «البديدة»، وفي القاموس:
«البديد».
(٥) وكذا ورد إنشاده في المجمل. وقد نبه صاحب القاموس على خطأ هذه الرواية، وأن صوابها:
... بداء تمشى مشية الأبد ...
وعلى هذا الوجه جاء إنشاده في اللسان (٤: ٤٦) منسوباً إلى أبى نخيلة السعدي.
(٦) ويقال أيضاً مالك بدة وبدة، بكسر الباء وفتحها.