معجم مقاييس اللغة،

ابن فارس (المتوفى: 395 هـ)

قدس

صفحة 63 - الجزء 5

  ومن الباب الأَقْدَرُ من الخليل، وهو الذي تقعُ رِجلاهُ موَاقِعَ يدَيْه، كأن ذلك قدَّرَه تقديراً قال:

  وأقْدَرُ مُشرِفُ الصَّهَوَاتِ ساطٍ ... كميتٌ لا أحَقُّ ولا شئيتُ⁣(⁣١)

  وقوله تعالى: {وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}، قال المفسرون: ما عظَّموا اللَّهَ حقَّ عظمته. وهذا صحيحٌ، وتلخيصُه أنَّهم لم يصفوه بصِفَته التي تَنْبَغِي له تعالى.

  وقوله تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} فمعناه قُتِر. وقياسه أنَّه أُعْطِيَ ذلك بقَدْر يسير. وقُدْرَةُ اللَّه تعالى على خليقته: إيتاؤهم بالمبلغ الذي يشاؤه ويريده، والقياس فيه وفي الذي قبلَه سواءٌ. ويقولون: رجلٌ ذو قُدرةٍ وذو مَقدِرة، أي يسار.

  ومعناه أنّه يبلُغُ بيسارِه وغِنائِه من الأُمور المبلغَ الذي يوافق إرادتَه.

  ويقولون: الأَقْدَر من الرِّجال: القصير العنُق؛ وهو القياسُ كأنَّ عُنقَه قد قُدِرت.

  ومما شذَّ أيضا عن هذا القياس القِدر، وهي معروفةٌ. والقَدِير: اللَّحمُ يُطبخ في القِدر. والقُدَار فيما يقولون: الجَزّار، ويقال الطَّباخ، وهو أشْبَه.

  ومما شذَّ أيضاً قولُهم: القُدَار: الثُّعبان العظيم وفيه نظر.

قدس

  القاف والدال والسين أصلٌ صحيح، وأظنه من الكلام الشرعيِّ الإسلاميِّ، وهو يدلُّ على الطهْر.

  ومن ذلك الأرضُ المقدَّسة هي المطهَّرة. وتسمَّى الجنَّة حَظِيرةَ القُدْس، أي الطُّهر. وجَبْرَئيلُ # رُوح القُدُس. وكلُّ ذلك معناه واحد. وفي صِفَة


(١) البيت لعدى بن خرشة الخطمي، كما في اللسان (شأت، حقق، سطا)، وقد سبق في (حق، شأت).