معجم مقاييس اللغة،

ابن فارس (المتوفى: 395 هـ)

غيب

صفحة 404 - الجزء 4

  فالأوَّل الغِيرَة، وهي الميرَة بها صلاحُ العِيال. يقال: غِرْتُ أهلي غِيرَةً وغِياراً، أي مِرْتُهُم. وغَارَهم اللَّه تعالى بالغيث يَغِيرهم ويَغُورهم، أي أصلَح شأنَهم ونَفعَهم. ويقال: ما يَغِيرك كذا، أي ما ينفعُك. قال:

  ماذا يَغِيرُ ابنتَىْ رِبْعٍ عَويُلهُمَا ... لا تَرقُدانِ ولا بُؤْسَى لمَنْ رَقدا⁣(⁣١)

  ومن هذا الباب الغَيْرة: غَيرةُ الرَّجُل على أهله. تقول: غِرْتُ على أهلي غَيْرَةً. وهذا عندنا من الباب؛ لأنّها صلاح ومنفعة.

  والأصل الآخر: قولُنا: هذا الشَّئُ غيرُ ذاك، أي هو سِواه وخلافُه. ومن الباب: الاستثناء بغَير، تقول: عَشرة غير واحدٍ، ليس هو من العَشَرة. ومنه قولُه تعالى: {صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}.

  فأمَّا الدِّيَة فإنّها تسمَّى الغِيرَ.

  قال رسول اللَّه ÷ لرجلٍ طلَبَ القَوَدَ بولىٍّ له قُتِلَ: «ألَا الغِيرَ⁣(⁣٢)».

  يريد: ألَا تَقبلُ الغِير. فهذا محتملٌ أنْ يكون من الأوّل، لأنَّ في الدِّيةِ صلاحاً للقاتل وبقاءً له ولِدَمِه. ويحتمل أنْ يكون من الأصل الثَّانى، لأنَّه قَوَد فَغيِّر إلى الدِّية، أي أُخِذَ غيرُ القَوَد، أي سِواه. قال في الغِيَر:


(١) لعبد مناف بن ربعي الهذلي. ديوان الهذليين (٣: ٣٨) واللسان (غير) وإصلاح المنطق ١٥٢.

(٢) وكذا ورد نصه في المجمل على الإيجاز. وفي اللسان: «ألا تقبل الغير».