بدح
  رَخاوة، كما تأخذ بِطِّيخة فَتَبْدَح بها إنساناً. وتقول: رأيتهم يتَبادَحُون بالكُرِينَ والرُّمانِ ونحوِ ذلك عبثاً. فهذا الأصل الذي هو عمدة الباب.
  وأمّا الكلماتُ الاخَر فقولهم بدحَه الأمرُ، وإنما هي حاءٌ مبدلة من هاء، والأصل بَدَهَهُ. وكذلك قولهم ابتدحت الشئَ، إذا ابتدأتَ به من تِلقاءِ نفسك، إنما هو في الأصل ابتدَعْت واختلقْت. قال الشاعر:
  يأيُّها السّائِلُ بالجَحْجاحِ ... لَفِى مُرادٍ غَيْرَ ذِى ابتداحِ
  وكذلك البَدْح، وهو العَجْز عن الحَمَالة إذا احتَمَلها الإنسان، وكذلك عَجْزُ البعير عن حَمْل حِمْله. قال الشاعر:
  وكاين بالمَعن مِن أغَرَّ سَمَيْدَعٍ ... إِذا حُمِّل الأثْقالَ ليسَ ببادِح(١)
  فهذا من العين، وهو الإبداع الذي مضى ذكره، إذا كلَّ وأعيا. فأمَّا قول القائل(٢):
  بالهَجْر من شعثاءَ وال ... حَبْلِ الذي قَطَعَتْه بَدْحَا
  فهو من الهاء، كأنَّها فاجأَتْ به من البديهه، وقد مضى ذكره، وأما الذي حكاه أبو عُبيدٍ مِن قولهم بَدَحْتُه بالعصا، أي ضربتُه بها، فمحمول * على قولهم: بدحْتُه بالرُّمّان وشبهِها، والأصل ذاك.
(١) كذا وردت كلمة «بالمعن».
(٢) هو أبو دواد الإيادى، كما في اللسان (بدح) برواية: «بالصرم». وقبله:
نزجرت أولها وقد ... أبقيت حين خرجن جنحا.