معجم مقاييس اللغة،

ابن فارس (المتوفى: 395 هـ)

شعره:

صفحة 12 - الجزء 1

  وهو يتبرم بهمَذان والعيشِ فيها، فيرسم حياته فيها على هذَا النحو الساخر البديع:

  سقى همذانَ الغيثُ لستُ بقائل ... سوى ذا وفي الأحشاء نار تَضرّمُ⁣(⁣١)

  وما لي لا أُصفِى الدُّعاءَ لبلدةٍ ... أفدتُ بها نسيانَ ما كنتُ أَعلم

  نَسِيت الذي أحسنتُه غير أنني ... مَدِينٌ وما في جوف بيتىَ درهم

  وهو صاحبُ حملة ما جنة على من يزهدون فِي الدِّينار والدِّرهم، ويطلبون المجد في العلم والعقل، أنشد البِيرونى له⁣(⁣٢):

  قد قال فيما مضى حكيم ... ما المرء إلا بأصغريه

  فقلت قول امرئ لبيبٍ ... ما المرء إِلا بدرهميه

  من لم يكن مَعْهُ درهماه ... لم تلتفت عِرسُه إِليه

  وكان من ذُلِّهِ حقِيرا ... تبول سنَّورُه عليه

  ولابن فارس التفات عجيب إلى السنور، وقد سجل في غير هذا الموضع من شعره أنه كان يصطفى لنفسه هرة تلازمه، وتنفى عنه هموم قلبه ووساوس النفس:

  وقالوا كيف أنت فقلت خيرٌ ... تُقَضَّى حاجةٌ وتفوت حاجُ

  إِذا ازدحمت همومُ القلب قلنا ... عَسى يوما يكون لها انفراجُ

  نديمى هِرّتى وسرور قلبي ... دفاتر لي ومعشوقى السراج⁣(⁣٣)

  وهو بصير ذو خبرة بطبائع الناس، واستئسارهم للمال، وخضوعهم له:

  إذا كنت في حاجة مرسِلا ... وأنت بها كَلِفٌ مغرمُ


(١) ياقوت، والثعالبي، وابن خلكان، وابن العماد.

(٢) الآثار الباقية ص ٣٣٨ وياقوت.

(٣) يتيمة الدهر، ودمية القصر، ونزهة الألباء، والمنتظم، وياقوت، وابن خلكان، واليافعي، وابن العماد.