باب الهمزة والفاء وما بعدهما في الثلاثي
  ولذلك سمِّى الجِلْد بعد الدَّبغ الأَفيق، وجمعه أَفَقٌ(١)، ويجوز أُفُقٌ(٢) فهذا ما في اللُّغة واشتقاقها. وأمّا يوم الأُفاقة فمن أيام العرب، وهو يوم العُظَالى، ويوم أَعْشاشٍ، ويوم مُلَيْحة - وأُفَاقَة موضع - وكان من حديثه أنّ بسطامَ بنَ قيسٍ أقْبَل في ثلاثمائَة فارسٍ يتوكَّفُ انحدارَ بنى يربوعٍ في الحَزْن، فأوَّلُ مَن طَلَع منهم بنو زُبَيْد حَتى حَلُّوا الحديقةَ بالأُفاقة، وأقبل بِسطامٌ يَرْتَبئ، فرأى السَّوادَ بحديقة الأُفاقة، ورأى منهم غلاماً فقال له: من هؤلاء؟ فقال:
  بنو زُبيد. قال: فأَين بنو عُبيدٍ وبنو أَزْنَمَ؟ قال: بروضة الثَّمَد. قال بسطامٌ لقومه: أطيعُونى واقبِضوا على هذا الحىّ الحَريدِ من زُبيد، فإِنَّ السَّلامة إحدى الغنيمتين. قالوا: انتفَخَ سَحْرك، بل نَتَلَقَّطُ بنى زُبيدٍ ثمّ نتلقَّط سائرّهم كما تُتَلقَّط الكَمأَة. قال: إني أخشَى أنْ يتلقَّاكُم غداً طعْنٌ يُنسيكم الغنيمةَ! وأحسَّتْ فرسٌ لِأُسيدِ بن حِنَّاءَة بالخيل، فبحثت بيدها، فركب أُسَيد وتوجَّه نحوَ بنى يربوعٍ، ونادى: يا صباحاه، يآل يربوع! فلم يرتفع الضَّحاءُ حتَّى تلاحَقُوا بالغَبِيط، وجاء الأُحَيْمِر بنُ عبد اللَّه فرمى بِسطاماً بفرسه الشَّقراء - ويزعمون أنّ الأحيمر لم يطعن برمح قطّ إلا انكسر، فكان يقال له «مكسِّر الرِّماح» - فلما أَهْوَى ليطعُنَ بِسطاماً انهزم بسطامٌ ومَن معه بعد قتْل من قُتِل منهم، ففي ذلك يقول شاعر(٣):
(١) مثل أديم وأدم، فهو اسم جمع وليس بجمع؛ لأن فعيلا لا يكسر على فعل.
(٢) مثل رغيف ورغف. لكن قال اللحياني: «لا يقال في جمعه أفق البتة».
(٣) هو العوام بن شوذب الشيباني. انظر معجم المرزباني ٣٠٠ وحواشي الحيوان (٥: ٢٤٠).