[باب العين والنون وما يثلثهما]
  قالوا: وتقول العرب: عَنَوْتُ عند فلانٍ عُنُوَّا، إذا كنتَ أسيراً عنده.
  ويقولون في الدعاء على الأسير: لا فَكَّ اللَّه عُنْوَته! بالضم، أي إساره.
  ومن هذا الباب، وهو عندنا قياسٌ صحيح: العَنِيَّة، وذلك أنها تُعنِّى كأنّها تُذِلّ وتَقْهَر وتشتدُّ على من طُلِىَ بها. والعَنِيَّة: أبوال الإبل تَخْثُر، وذلك إذا وُضعت في الشَّمس. ويقولون: بَل العَنِيّة بولٌ يُعْقَد بالبَعْر. قال أوس:
  كأنّ كُحَيلًا مُعْقَداً أو عَنيَّةً ... على رَجْع ذفراها من اللِّيت واكفُ(١)
  قال أبو عبيد من أمثال العرب: «عَنِيَّةٌ تَشفِى الجَرَب(٢)»، يضرب مثلًا لمن يُتداوَى بعقله ورأيه(٣)، كما تُداوَى الإبل الجَرْبَى بالعنيَّة. قال بعضهم:
  عَنَّيت البعير، أي طليتُه بالعَنِيَّة. وأنشد:
  على كلِّ حرباء رعيل كأنّه ... حَمُولةُ طالٍ بالعَنيَّة ممهلِ(٤)
  والأصل الثالث: عُنْيان الكِتاب، وعُنوانه، وعُنْيانه. وتفسيره عندنا أنّه البارز منه إذا خُتم. ومن هذا الباب مَعنَى الشَّئ. ولم يزد الخليل على أنْ قال: معنى كلِّ شئ: مِحْنَتْه وحاله التي يَصِير إليها أمره(٥).
  قال ابنُ الأعرابىّ: يقال ما أعرِف معناه ومَعناتَه. والذي يدلُّ عليه قياسُ اللُّغة أنَّ المعنى هو القَصْد الذي يَبرُز ويَظهر في الشَّىْء إذا بُحث عنه. يقال: هذا
(١) ديوان أوس بن حجر ١٥ واللسان (عنا).
(٢) وكذا في المجمل. وفي أمثال الميداني (١: ٤٢٥): «عنيته تشفى الجرب».
(٣) في الأصل: «لعقله ورأيه»، صوابه ما أثبت. وفي أمثال الميداني: «يضرب للرجل الجيد الرأي يستشفى برأيه فيما ينوب».
(٤) كذا ورد البيت في الأصل.
(٥) العبارة بعينها وردت في اللسان (عنا ٣٤١).