عرو عرى
  وقال بعضهم: العُرْوة: الشَّجر الملتف. وقال الفَرَّاء: العُروة من الشَّجر:
  ما لا يسقط ورقُه. وكلُّ هذا راجعٌ إلى قياس الباب، لأنَّ الماشية تتعلَّق به فيكون كالعُروة وسائر ما ذكرناه.
  وربّما سَمْوا العِلْق النَّفِيسَ عُروةً، كما يسمَّى عِلْقا، والقياس فيهما واحد.
  ويقال: إن عُروةَ الإسلام: بقِيَّته، كقولهم: بأرض بنى فلانٍ عُروة، أي بقيّة مِنْ كلإ. وهذا عندي كلامٌ فيه جفاء؛ لأنَّ الإسلام والحمدُ للَّه باقٍ أبداً، وإنَّما عُرَى الإسلام شرائعه التي يُتَمسَّك بها، كلُّ شريعةٍ عُروة. قال اللَّه تعالى عند ذكر الإيمان: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها}.
  فأما العَرِىُّ فهي الرِّيح الباردة، وهي عرِيَّة أيضاً. وسمِّيت لأنّها تَعْرُو وتَعترِى، أي تَغْشَى. قال ذو الرُّمَّة:
  وهَلْ أحْطِبَنَّ القومَ وهي عريَّةٌ ... أُصولَ ألاء في ثرًى عَمِدٍ جَعْدِ(١)
  ويقولون: «أهْلكَ فقد أعْرَيْتَ»، أي غابت الشَّمسُ وهبَّت عرِيّا.
  وأمّا الأصل الآخَر فخُلوُّ الشَّئ من الشَّئ. من ذلك العُرْيان، يقال منه:
  قد عَرِىَ من الشَّئ يَعرَى، وجمع عارٍ عُراة. قال أبو دُوَاد:
  فبِتنا عُراةً لَدَى مُهْرِنا ... نُنَزِّع من شَفَتيه الصَّفارا(٢)
  أي متجرِّدين، كما [يقال] تجرّد للأمر، إذا جدّ فيه. ويقولون: إنّه من العُرَواء، أي كأنَّهم ينتفضون من البرد. ويقال من الأوّل: ما أحْسَنَ عُرْيةَ هذه
(١) ملحقات ديوان ذي الرمة ٦٦٥ واللسان (حطب) والمخصص (١١: ٢٢). وقد مضى الاستشهاد به في (عمد).
(٢) سبق البيت بدون نسبة في (صفر).