معجم مقاييس اللغة،

ابن فارس (المتوفى: 395 هـ)

برج

صفحة 239 - الجزء 1

  البارحة الليلة التي قبلَ لَيْلَتِك، صفةٌ غالبةٌ لها. حتَّى صار كالاسم. وأصلها من بَرِح، أي زال عَنْ موضعه.

  قال أبو عبيدة في * المثل: «ما أشْبَهَ اللَّيْلَةَ بالبارِحة» للشئ ينتظرُه خيراً من شئ، فيَجئُ مِثْلَه.

  قال أبو عُبيد: البِرَاح المكاشَفة، يقال بَارَحَ بِراحاً كاشَفَ. وأحسبُ أنّ البارحَ الذي هو خلافُ السّانح مِن هذا؛ لأنّه شئُ يبرُزُ ويَظْهر. قال الخليل:

  البُرُوح⁣(⁣١) مصدر البَارح وهو خلافُ السَّانح، وذلك من الظِّباء والطير يُتشاءم به أو يُتَمَيَّن، قال:

  وهنَّ يَبْرُحْنَ لَهُ بُرُوحا ... وتَارَةً يأتِينَهُ سُنُوحَا⁣(⁣٢)

  ويقول العربُ في أمثالها: «هو كبارِحِ الأَرْوَى، قليلًا ما يُرَى». يُضْرَبُ لمن لا يكادُ يُرَى، أو لا يكونُ الشئُ منه إلّا في الزَّمان مرّةً. وأصلُهُ أنّ الأرْوَى مساكِنُها الجِبالُ وقِنانُها، فلا يكاد الناسُ يَرَوْنَهَا سانحَةً ولا بارحةً إلّا في الدَّهرِ مرَّةً. وقد ذَكَرْنا اختلافَ الناسِ في ذلك في كتاب السِّين، عند ذكرنا للسَّانح. ويقال في قولهم: «هو كبارحِ الأرْوَى» إنّه مشئُوم من وجهين:

  وذلك أنّ الأروى يُتشاءَم بها حيث أتَتْ، فإذا بَرَحَتْ كانَ أعظَمَ لشُؤْمِها والأصل الآخرُ قال أبو عُبيدٍ: يقال ما أبْرَحَ هذا الأمرَ، أي أعجَبَه.

  وأنشد للأعشى:


(١) في الأصل: «البرح».

(٢) البيتان في اللسان (٣: ٢٣٤).