معجم مقاييس اللغة،

ابن فارس (المتوفى: 395 هـ)

دنق

صفحة 306 - الجزء 2

  «لا تسبُّوا الدَّهْرَ فإنَّ اللَّهَ هُوَ الدّهر».

  فقال أبو عبيد: معناه أنّ العربَ كانوا إِذا أصابتْهم المصائبُ قالوا: أبادَنَا الدّهرُ، وأتَى علينا الدّهر.

  وقد ذكروا ذلك في أشعارهم. قال عمرو الضُّبَعِىّ⁣(⁣١):

  رَمَتْنِى بناتُ الدَّهرِ من حيثُ لا أَرَى ... فكيفَ بمن يُرمَى وليس بِرَامِ

  فلو أنَّنِى أُرَمى بنَبْلٍ تَقَيْتُها ... ولكنَّنى أُرَمى بغير سِهامِ

  وقال آخر⁣(⁣٢):

  فاستأثرَ الدّهرُ الغَدَاةَ بهمْ ... والدّهرُ يرمِينِى وما أَرْمِى

  يا دهرُ قد أكثَرْتَ فَجْعَتَنَا ... بسَرَاتنا ووقَرْتَ في العَظْمِ⁣(⁣٣)

  وسلَبْتَنَا ما لستَ تُعْقِبُنا ... يا دَهرُ ما أنصفْتَ في الحُكْمِ

  فأعلَمَ رسولُ اللَّه ÷، أن الذي يفعل ذلك بهم هو اللَّه جلّ ثناؤُه، وأنّ الدّهرَ لا فِعلَ له، وأنّ مَن سَبَّ فاعِلَ ذلك فكأنّه قد سَبَّ ربّه، تبارك وتعالى عمّا يقول الظالمون عُلُوًّا كبيراً.

  وقد يحتمل قياساً أن يكون الدَّهرُ اسماً مأخوذاً من الفِعْل، وهو الغَلَبة، كما يقال رجل صَوْمٌ وفِطرٌ، فمعنى لا تسبُّوا الدَّهْرَ، أي الغالبَ الذي يقهركم ويغلِبُكم على أموركم.

  ويقال دَهْرٌ دَهِيرٌ، كما يقال أبدٌ أبِيدٌ. وفي كتاب العين: دَهَرَهُم أمْرٌ،


(١) في الأصل: «الضائع»، وإنما هو عمرو بن قميئة بن سعد بن مالك بن ضبيعة. انظر المعمرين ٦٢، ٨٩ ومعجم المرزباني ٢٠٠ والخزانة (١: ٣٣٨) حيث أنشد الشعر له.

(٢) هو الأعشى. انظر ملحقات ديوانه ٢٥٨ واللسان (وقر).

(٣) في الأصل: «وقد قرت»، تحريف.