معجم مقاييس اللغة،

ابن فارس (المتوفى: 395 هـ)

2 - ابن فارس الأديب

صفحة 19 - الجزء 1

  قد طويناه فوق خِشفٍ كحيلٍ ... أحورِ الطرفِ فاترٍ سَحّارِ

  وعكفنا على المُدامة فيه ... فرأينا النهار في الظهر جارى

  وهي مليحةٌ كما ترى. وفي ذكرها كلِّها تطويل، والإيجاز أمثل وما أحسبك ترى بتدوين هذا وما أشبهه بأسا.

  ومدح رجلٌ بعض أمراء البصرة، ثم قال بعد ذلك وقد رأى توانياً في أمره، قصيدَةً يقول فيها كأنه يجيب سائلًا:

  جوَّدتَ شعرَك في الأمي ... رِ فكيفَ أمْرُك قلتُ فاترْ

  فكيفَ تقول لهذا، ومن أي وجه تأتى فتظلمه، وبأي شئٍ تعانده فتدفعه عن الإيجاز، والدلالة على المراد بأقصر لفظٍ وأوجز كلام. وأنت الذي أنشدتنى:

  سَدَّ الطريقَ على الزما ... نِ وقام في وجه القطوب

  كما أنشدتَنى لبعض شُعراء الموصل:

  فدَيتك ما شبت عن كُبرةٍ ... وهذى سِنِيَّ وهذا الحسابُ

  ولكن هُجِرتُ فحَلَّ المشيبُ ... ولو قد وُصِلتُ لعاد الشبابُ

  فلِمَ لم تخاصم هذين الرجلين في مزاحمتهما فحولة الشعراء وشياطين الإِنس، ومَرَدة العالَم في الشعر.

  وأنشدني أبو عبد اللَّه المغلسى المراغي لنفسه:

  غداةَ تولت عِيسُهم فترحلوا ... بكيت على ترحالهم فعميتُ

  فلا مُقلتِى أدّت حقوقَ وِدادهم ... ولا أنا عن عيني بذاك رضيتُ

  وأنشدني أحمد بن بندار لهذا الذي قدمت ذكره، وهو اليوم حي يرزق:

  زارَنى في الدُّجى فنمَّ عليه ... طيبُ أردانِه لدى الرقباءِ