معجم مقاييس اللغة،

ابن فارس (المتوفى: 395 هـ)

باب العين والصاد وما يثلثهما

صفحة 343 - الجزء 4

  مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً}. وأُعْصِرَ القومُ، إذا أتاهم المطر. وقرئت: فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وفيه يُعصَرُون⁣(⁣١)، أي يأتيهم المطر. وذلك مشتقٌّ من عَصْر العنب وغيرِه. فأمَّا الرِّياح وتسميتُهم إيَّاها المُعْصِرات فليس يبعُد أنْ يُحمَل على هذا الباب من جهة المجاورَة، لأنَّها لمّا أثارت السَّحابَ المعصرات سمِّيت معصِرات وإعصاراً. قال في المُعصِرات:

  وكأنَّ سهْكَ المُعْصِرَات كَسَوْنها ... تُرْبَ الفَدَافِدِ والبقاعِ بِمُنْخُلِ⁣(⁣٢)

  والإعصار: الغبار الذي يسطع مستدِيراً *؛ والجمع الأعاصير. قال:

  وبينما المرء في الأحياءِ مغتبطاً ... إذ صار في الرَّمْسِ تَعفوه الأعاصيرُ⁣(⁣٣)

  ويقال في غُبار العَجاجة أيضاً: إعصار. قال اللَّه تعالى: {فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ}. ويقال: مرَّ فلانٌ ولثيابِه عَصَرَةٌ، أي فَوْحُ طِيبٍ وهَيْجُه. وهو مأخوذ من الإعصار.

  وفي الحديث: «مرَّت امرأة متطيِّبة لذَيْلها عَصَرة».


(١) هذه قراءة جعفر بن محمد والأعرج وعيسى. وعن عيسى أيضاً: «تعصرون» بالخطاب والبناء للمفعول. انظر تفسير أبى حيان (٥: ٣١٦). وقال الأزهري: «ما علمت أحداً من القراء المشهورين قرأ يعصرون، ولا أدرى من أين جاء به الليث». كذا ورد في اللسان. على أنه قرئ أيضاً: {يَعْصِرُونَ} و «تعصرون» بالبناء للفاعل فيهما. وقراءة الخطاب لحمزة والكسائي وخلف، ووافقهم الأعمش، وقراءة الغيبة لسائر الأربعة عشر. إتحاف فضلاء البشر ٢٦٥.

(٢) أنشده في اللسان (نقع) بهذه الرواية. وفي المخصص (٩: ٩٦): «ترب القعاقع والنقاع».

(٣) انظر البيت وقصته في مجالس ثعلب ٢٦٥ وعيون الأخبار (٢: ٣٠٥) ودرة الغواص للحريرى ٣٣، والمعمرين ٤٠ والعقد (١: ٣٨٠) طبع بولاق، ونزهة الألبا ٣٤ وشرح شواهد المغنى ٨٦، وأسد الغابة (٣: ٣٥١). وأنشده في اللسان (عصر).