تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[أبق]:

صفحة 3 - الجزء 13

بَابُ القاف

  هي أَحدُ الحُروفِ المَجْهُورةِ، ومَخْرَجُها بين عَكَدَةِ اللِّسَانِ وبينَ اللهاةِ في أَقْصَى الفَم، وهي من أَمْتَنِ الحُروفِ وأَصَحِّها جَرْساً، قال شيخُنا: وقد أُبْدِلَتْ من حرفٍ واحدٍ وهو الكافُ، قالوا: أُكْنَةُ الطّائرِ، واسْتَدَلُّوا على الإِبدالِ بأَنَّه سُمِعَ جمِع الأُكْنَة دُونَ الأُكْنَة دُونَ الأُقْنِة، وهو من عَلاماتِ الأَصالة، والأُقْنَةُ حكاه الخَليلُ.

فصل الهمزة مع القاف

  [أبق]: أَبِقَ العَبْدُ، كسَمِعَ وضَرَبَ ومَنَعَ الأُولى نَقَلَها ابنُ دُرَيْدٍ، وقَوْلُه: مَنَع، هكَذا في النُّسَخ، والذي في التَّكمِلَةِ بفتحِ الباءِ، أَي: من حَدِّ نَصَر، كذا هو مَضْبُوطٌ مُصحَّحٌ أَبْقاً بالفَتْحِ، ويُحرَّكُ، وإِباقاً، ككِتابٍ: ذَهَبَ بلا خَوْفٍ ولا كَدِّ عَمَلٍ قال اللَّيْثُ: وهذا الحُكْمُ فيه أَنْ يُرَدَّ، فإِن كانَ من كَدِّ عَمَلٍ أَو خَوْفٍ، لم يُرَدَّ، قالَ الله تَعالَى: {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}⁣(⁣١) وفي حَدِيثِ شُرَيْحٍ: «أَنَّه كان لا يَرُدُّ العبدَ من الادِّفانِ، ويَرُدُّه منَ الإِباقِ الباتِّ» أَي: القاطِعِ الذي لا شُبْهةَ فيه.

  أَو أَبِقَ العبدُ: إِذا اسْتَخْفَى ثُمَّ ذَهَبَ كما في المُحْكَمِ فهو آبِقٌ، قالَتْ سِعلاةُ عَمْرِو بنِ يَرْبُوع:

  أَمْسِكْ بَنِيكَ عَمْرُو إِنِّي آبِقُ

  وأَبُوقٌ كصَبُورٍ، هذِه عن ابْنِ فارسٍ ج. ككُفّارٍ، ورُكَّعٍ قالَ رُؤْبَةُ:

  ويَغْتَزِي مِنْ بَعْدِ أُفْقٍ أُفَّقَا

  حتّى اشْفَتَرُّوا في البِلادِ أُبَّقَا⁣(⁣٢)

  والأَبَقُ، مُحَرَّكَةً: القِنَّبُ قال رُؤْبةُ يَصِفُ الأُتُنَ:

  قُودٌ ثَمانٍ مثلُ أَمْراسِ الأَبَقْ ... فِيها خُطُوطٌ من سَوادٍ وبَلَقْ⁣(⁣٣)

  أَو قِشْرُه وهو قولُ اللَّيْثِ.

  وأَبّاقٌ كشَدّادٍ: شاعِرٌ دُبَيْرِيُّ مشهورٌ، كُنْيَتُه أَبو قَرِيبَة.

  وتَأَبَّقَ العَبْدُ: اسْتَتَرَ كما في الصِّحاحِ، زادَ ابنُ سِيدَه: ثمّ ذَهَبَ.

  أَو تَأَبَّقَ: احْتَبَسَ كما في الصِّحاح، ومنه قولُ الأَعْشَى:

  فَذاكَ ولَمْ يُعْجِز من المَوْتِ رَبَّه ... ولكِنْ أَتاهُ المَوْتُ لا يَتَأَبُّقُ

  قالَ الصّاغانيُّ: إِنّه لا يَتَحَبَّسُ، ولا يَتَوارَى.

  وتَأَبَّقَ: تَأَثَّمَ ورَوَى ثَعْلبٌ أَنَّ ابنَ الأَعْرابيِّ أَنْشَدَه:

  أَلا قالَتْ بَهانِ ولَمْ تَأَبَّقْ ... كَبِرْتَ ولا يَلِيقُ بِكَ النَّعِيمُ

  قال: لم تَأَبَّقْ: لم تَأَثَّمْ من مقالَتِها، وقيل: لم تَأْنَفْ، وقال أَبو حاتِمٍ: سأَلتُ الأَصْمَعِيَّ عن تَأَبَّقَ فقالَ: لا أَعْرِفهُ، وأَنْشَدَه أَبو زَيْدٍ في نوادِرِه لعامِرِ بنِ كَعْبِ بنِ عَمْرِو بنِ سَعْدٍ، وقالَ أَبُو عُمَر في اليَواقِيت: هو لعامانَ بنِ كَعْبٍ، ويُقال: غامانُ، وقال أَبو زَيْدٍ: لم تَأَبَّقْ: لم تَبْعُد، أَخَذَه من


(١) سورة الصافات الآية ١٤٠.

(٢) بالأصل «ويعتري ... حتى استقروا ...» والمثبت عن أراجيز رؤبة ص ١١٤.

(٣) وذكر الأزهري في التهذيب شاهداً آخر: قال زهير:

القائد الخيل منكوباً دوابرها ... قد أحكمت حكمات القِدّ والأبقا