[لوما]:
  إلَّا أنَّ الفِعْل أُخِّر؛ وقولُ جرير:
  تَعُدُّونَ عَقْرَ النِّيبِ أَفْضَلَ مَجْدِكُم ... بَنِي ضَوْطَرَى لَوْلا الكَمِيَّ المُقَنَّعَا(١)
  إلَّا أنَّ الفِعْل أُضْمِر، أَي لَوْلا عَدَدْتُم أَو لَوْلا تَعُدُّونَ عَقْرَ الكَمِيّ المُقَنَّع مِن أَفْضَل مَجْدِكم، وقد فُصلت مِن الفِعْل بإذ وإذا مَعْمُولَيْن له، وبجُمْلَةِ شَرْطٍ مُعْتَرِضَةٍ، فالأوَّل نحو: {لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ}؛ والثاني والثَّالثِ: {فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ}(٢) {فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها}(٣).
  * الرابع: الاسْتِفهامُ، نحو: {لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ}، {لَوْ لا أُنْزِلَ} إليه {مَلَكٌ}(٤) كذا مثلوا والظاهِرُ أنَّ الأولى للعَرْضِ، والثانِيَة مِثْل {لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ}.
  * والخامس: أنْ تكونَ نافِيَةً بمعْنَى لم، عن الفرَّاء، ومثله بقوله تعالى: {فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ}(٥)، قال: لم يَكُنْ أَحدٌ كَذلكَ إلَّا قليلاً، فإنَّ هؤلاء كانوا يَنْهون فَنَجوا، وهو اسْتِثناءٌ على الانْقِطاع ممَّا قَبْله، كما قال، ø: {إِلّا قَوْمَ يُونُسَ}(٦)، ولو كانَ رَفْعاً لكانَ صَواباً، هذا نَصّ الفرَّاء.
  ومَثَّله غيرُه(٧) بقوله تعالى: {فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلّا قَوْمَ يُونُسَ}، والظاهِرُ أَنَّ المَعْنى على التَّوْبيخ، أَي فهَلَّا كانتْ قَرْيَة واحِدَة مِن القُرَى المُهْلَكَة تابَتْ عن الكُفْر قَبْل مجيءِ العَذَابِ فنَفَعَها ذلكَ، هكذا فَسَّره الأَخْفَش والكِسائي وعليُّ بنُ عِيسَى والنحَّاسُ، ويُؤَيّدُه قِراءَةُ أُبيٍّ وعبدِ الله فهَلَّا ويَلْزَمُ مِن هذا المَعْنى النَّفْي لأنَّ التَّوْبيخَ يَقْتَضِي عَدَمُ الوُقُوعِ. وذَكَرَ الزَّمَخْشَري في قولهِ تعالى: {فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا}(٨)، جيءَ بلَوْلا ليُفادَ أَنَّهم لم يَكُنْ لهُم عذْرٌ في تَرْكِ التَّضرُّعِ إلَّا عَنَادهم وقَسْوَة قُلُوبِهم وإعْجابهم بأَعْمالِهم التي زَيَّنها.
  الشَّيْطانُ لَهُم؛ وقولُ الشاعرِ:
  أَلا زَعَمَتْ أَسْماء أَنْ لا أُحبُّها ... فقُلْتُ: بَلَى لَوْلا يُنازَعني شغلِ(٩)
  قيل: إنَّها الامُتِناعِيَّة والفِعْل بَعْدَها على إضْمارِ أَن، وقيل: لَيْسَتْ مِن أَقْسام لَوْلا بل هُما كَلِمتانِ بمنْزِلَةِ قَوْلكَ لو لم. قال ابنُ سِيدَه: وأَمَّا قولُ الشاعرِ:
  لَلَوْلا حُصَيْنٌ عَيْبَهُ أَن أَسُوءَه ... وأَنَّ بَني سَعْدٍ صَديقٌ ووَالِدُ(١٠)
  فإنَّه أَكَّدَ الحَرْفَ باللّام.
  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:
  [لوما]: لَوْما: وهي مِن حُروفِ التَّحْضِيض. قال ثَعْلَب: إذا وَلِيتَها الأَسْماءُ كانتْ جَزاءً، وإذا وَلِيتَها الأفعالُ كانتِ اسْتِفْهاماً، كقوله تعالى: {لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ}(١١)؛ وقال الشاعرُ:
  لَوْ ما هَوَى عِرْسٍ كُمَيْتٍ لَمْ أُبَلْ
  وقيلَ: هي مُرَكَّبَة مِن لَوْ وما النافِيَةِ.
  [ما]: ما: قالَ اللَّحْياني: مُؤَنَّثَة وإن ذُكِّرَتْ جازَ.
  وقد أَلَّفَ في أَنْواعِها الإمامُ أَبو الحُسَيْن أَحمدُ بنُ فارِس بنِ زَكَريَّا رِسالَةً مُسْتقلةً، ونحنُ نُوردُ لكَ إنْ شاءَ الله تعالى خُلاصَتَها في أَثْناءِ سِياقِ المصنِّفِ.
  تأْتي اسِميَّةً وحَرْفِيَّةً. فالاسمِيَّةُ ثلاثَةُ أَقْسام.
  * الأوَّلُ: تكونُ مَعْرِفَةً بمعْنَى الذي ولا بُدَّ لَها مِن صِلَةٍ كما لا بُدَّ للذي مِن صِلَةٍ، وتكونُ ناقِصَةً، كقوله
(١) ديوانه ص ٣٣٨ واللسان والصحاح والشاهد ٤٩٥ في مغني اللبيب.
(٢) سورة الواقعة، الآية ٨٣.
(٣) سورة الواقعة، الآيات ٨٦ - ٨٧.
(٤) سورة الأنعام، الآية ٨ وفيها «عَلَيْهِ» بدل «إليه».
(٥) سورة هود، الآية ١١٦.
(٦) سورة يونس، الآية ٩٨.
(٧) ذكره أبو الحسن علي بن محمد الهروي، كما في مغني اللبيب ص ٣٦٢.
(٨) سورة الأنعام، الآية ٤٣.
(٩) البيت لأبي ذؤيب الهذلي، ديوان الهذليين ١/ ٣٤.
(١٠) اللسان وكتب مصححه: قوله: عيبه، كذا ضبط في الأصل.
(١١) سورة الحجر، الآية ٧٠.