تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[خصف]:

صفحة 171 - الجزء 12

  الأَرْضِ نَبَاتًا، قالَهُ الخَطَّابِيُّ، وبه فسّرَ حديث الكَعْبَةِ: «إِنَّهَا كَانَتْ خَشَفَةً عَلَى الْمَاءِ فَدُحِيَتْ».

  [خصف]: الْخَصْفُ: النَّعْلُ ذَاتُ الطَّرَاقِ، وكُلُّ طِرَاقٍ منها خَصْفَةٌ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.

  وخَصَفَ النَّعْلَ، يَخْصِفُهَا، خَصْفاً، ظَاهَرَ بَعْضَهَا علَى بَعضٍ، وخَرَزَهَا، وَكُلُّ ما طُورِقَ بَعْضُه علَى بَعْضٍ فقد خُصِفَ، وفي الحديثِ: «كانَ يَخْصِفُ نَعْلَهُ» وفي آخَرَ: «وهو قاعِدٌ يَخْصِفُ نَعْلَهُ» وهو من الخَصْفِ، بمعْنَى الضَّمِّ وَالجَمْعِ.

  ومِن المَجَازِ: خَصَفَ العُرْيَانُ الْوَرَقَ علَى بَدَنِهِ، يَخْصِفُهَا، خَصفاً: أَلْزَقَهَا، أي: أَلْزَقَ بَعْضَها إلى بَعْضٍ، وأَطْبَقَهَا عَلَيْهِ ورَقَةً وَرَقَةً، لِيَسْتُرَ به عَوْرَتَهُ، وبه فُسِّرَ قَوْلُه تعالَى: {وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ}⁣(⁣١)، ومنه أَيضا قَوْلُ العَبّاسِ ¥، يَمْدَحُ النَّبِيَّ :

  مِنْ قَبْلِهَا طِبْتَ في الظِّلَالِ وفي ... مُسْتَوْدَعٍ حَيْثُ يُخْصَفُ الْوَرَقُ

  أي: في الجَنَّةِ، كَأَخْصَفَ، وَمنه قِرَاءَةُ ابنُ بُرَيْدَةَ، وَالزُّهْرِيِّ، - في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ -: وطَفِقَا يُخْصِفَانِ.

  واخْتَصَفَ قال اللَّيْثُ: الاخْتِصَافُ: أَن يَأْخُذَ العُرْيَانُ علَى عَوْرَتِهِ وَرَقًا عَرِيضاً، أو شَيْئًا نَحْوَ ذلك، يُقال: اخْتَصَفَ بكذا، وقَرَأَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ، والزُّهْرِيُّ، وَالْأَعْرَجُ وعُبَيْدُ بنُ عُمَيْرٍ: وطَفِقَا يَخِصِّفانِ، بكَسْرِ الخاءِ والصَّادِ وتَشْدِيدِهَا، علَى معنَى يخْتَصِفَان، ثم تُدْغَمُ التَّاءُ في الصَّادِ، وتُحَرَّكُ الخاءُ بِحَرَكةِ الصَّادِ، وبعضُهُمْ حَوَّلَ حَرَكَةَ التَّاءِ ففَتَحَهَا، حَكاهُ الأَخْفَشُ.

  قلتُ: ويُرْوَى عن الحَسَنِ أَيضاً، وقَرَأَ الأَعْرَجُ وأَبو عمرٍو يَخْصِّفَانِ بسُكُونِ الخاءِ وكَسْرِ الصَّادِ المُشَدَّدَةِ.

  قلتُ: وفيه الجَمْعُ بين السَّاكنَيْن، وقد تقدَّم الكلامُ عَلَيه في اسْتَطاع، فرَاجِعْهُ.

  وخَصَفَتِ النَّاقَةُ، تَخْصِفُ، خِصَافاً⁣(⁣٢)، بِالْكَسْرِ: إذا أَلْقَتْ وَلَدَهَا وقَدْ بَلَغَ الشَّهْرَ التَّاسِعَ، فهي خَصُوفٌ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.

  قلتُ: وهو قَوْلُ أَبِي زَيْدٍ، ونَصُّه في النَّوادِرِ، يُقَال للنَّاقَةِ إذا بَلَغَتِ الشَّهْرَ التَّاسِعَ مِن يَوْمِ لَقِحَتْ ثم أَلْقَتْهُ: قد خَصَفَتْ، تَخْصِفُ، خِصَافاً، فهي خَصُوفٌ.

  وقيل: الخَصُوفُ: هي التي تُنْتَجُ بَعْدَ الْحَوْلِ مِن مَضْرِبِهَا بِشَهْرَيْنِ، هكذا في النُّسَخِ: والصَّوابُ - كما في الصِّحاحِ والعُبَابِ -: بشَهْرٍ، والجَرُورُ بشَهْرَيْنِ.

  قلتُ: وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: الخَصُوفُ: هي التي تُنْتَجُ عندَ تَمَامِ السَّنَةِ، وقال غيرُه: الخَصُوفُ مِن مَرَابِيعِ الإِبِلِ: التي تُنْتَجُ عندَ تَمامِ السَّنَةِ، وقال غيرُه: الخَصُوفُ مِن مَرَابِيعِ الإِبلِ: التي تُنْتَجُ إذا أَتَتْ علَى مَضْرِبِها تَمَاماً لا يَنْقُصُ.

  والخَصَفَةُ، مُحَرَّكَةً: الْجُلَّةُ تُعْمَلُ مِن الْخُوصِ لِلْتَمْرِ، يُكْنَزُ فيها، بلُغَةِ البَحْرَانِيِّينَ.

  والخَصَفَةُ أَيضاً: الثَّوْبُ الْغَلِيظُ جِدًّا تَشْبِيهاً بالخَصَفَةِ المَنْسُوجَةِ مِنَ الخُوصِ، قَالَهُ اللَّيْثُ ج: خَصَفٌ، وَخِصَافٌ، بالكَسْرِ، قال الأَخْطَلُ يذْكُر قَبِيلَةً:

  فَطَارُوا شَقافَ الْأُنْثَيَيْنِ فَعَامِرٌ ... تَبِيعُ بَنِيهَا بِالْخِصَافِ وبِالتَّمْرِ⁣(⁣٣)

  أي صارُوا فِرْقَتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الأُنْثَيَيْنِ، وهما البَيْضَتانِ.

  قال اللَّيْثُ: بَلَغَنَا أَن تُبَّعاً كَسَا الْبَيْتَ المُسوحَ، فانْتَفَضَ البيتُ منها، ومَزَّقَهَا عن نَفْسِهِ، ثُمَّ كَسَاهُ الخَصَف، [فلم يَقْبلها، ثُمَّ كَسَاهُ الأَنطاعَ فقبلها]⁣(⁣٤)، قال الأَزْهَرِيُّ: الخَصَفُ الذي كَسَا تُبَّعٌ البَيْتَ لم يكُنْ ثِيَاباً غِلاظاً كما قال اللَّيْثُ، إِنَّمَا الخَصَفُ سَفَائِفُ⁣(⁣٥) تُسَفُّ مِن سَعَفِ النَّخْلِ، فيُسَوَّى منها شُقَقٌ تُلبَّسُ بُيُوت الأَعْرَابِ، ورُبَّمَا سُوِّيَتْ جِلالاً للتَّمْرِ، ومنه الحديثُ: «أنه كان يُصَلِّي فأَقْبَلَ رَجُلٌ في بَصَرِه سُوءٌ، فَمَرَّ بِبِئْرٍ عَلَيْهَا خَصَفَةٌ، فَوَطِئَها، فَوَقَعَ


(١) سورة الأعراف الآية ٢٢.

(٢) كذا بالأصل والصحاح، وفي اللسان عن الجوهري: خَصْفاً.

(٣) ويروى صدره:

فساروا شقافاً لاثنتين فعامر

هامش المقاييس ٢/ ١٨٦ نقلا عن الديوان.

(٤) زيادة عن التهذيب.

(٥) في التهذيب: حصر تُسفّ من خوص النخل.