[خبث]:
  حرُوفِ المَعَانِي، وإِنما ضُمَّتْ؛ لأَنّها ضُمِّنَتْ الاسمَ الذي كانتْ تَسْتَحِقُّ إِضافَتَهَا إِليه، قال: وقالَ بعضُهُم: إِنَّمَا ضُمَّتْ لأَنّ أَصلَهَا حَوْثُ، فلما قَلَبُوا واوَهَا ياءً ضَمُّوا آخِرَها. قال أَبُو الهَيْثَمِ: وهذا خَطَأٌ؛ لأَنَّهُم إِنّما يُعْقِبُون في الحرف ضَمَّةً دالَّةً على واوٍ ساقِطَةٍ.
  قال الأَصمعيّ: ومما تخطِيءُ فيه العَامَّةُ والخَّاصَّةُ باب حِينَ وحَيْثُ، غَلِطَ فيه العُلَمَاءُ مثلُ أَبي عُبَيْدَةَ وغيرِه(١).
  قال أَبو حاتمٍ: رأَيتُ في كتابِ سيبويهِ أَشياءَ كثيرةً، يَجْعَلُ حِينَ حَيْثُ، وكذلك في كتابِ أَبي عُبَيْدَة بِخَطِّه.
  قال أَبو حاتِمٍ: واعلمْ أَنّ حِينَ وحيْثُ ظَرْفَانِ: فحينَ ظرفٌ من الزَّمَانِ، وحَيْثُ ظرفٌ من المَكَانِ، ولكُلِّ واحد منهما حَدُّ لا يُجَاوِزُه، والأَكثرُ من النّاس جعلوهُما معاً(٢).
  والله أَعلم.
(فصل الخاءِ) المعجمة مع المثلثة
  [خبث]: الخَبِيثُ: ضِدُّ الطَّيِّبِ من الرّزْقِ والوَلَدِ والنّاسِ، والجَمْعُ خُبْثَاءُ وخِبَاثٌ، وخَبَثَةٌ، عن كُرَاع، قال: وليس في الكلام فَعِيلٌ يُجْمَع على فَعَلَةٍ غيره، قال: وعندي أَنَّهُمْ تَوَهَّمُوا فيه فاعِلاً ولذلك كَسَّرُوه على فَعَلَة، وحكَى أَبو زيد في جَمْعِه خُبُوثٌ، وهو نادرٌ أَيضاً.
  والأُنثى خَبِيثَةٌ، وفي التنزيل العزيز: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ}(٣).
  ثم إِنّ شيخَنا ضبطَ الجمعَ الثّانِيَ بزيادةِ الأَلِفِ، ونَظَّره باسرافٍ، والذِي في سائر أُمّهات اللُّغَةِ خِبَاثٌ، بالكَسْر من غير، أَلف ونَظَّرَ الجمعَ الثَالِثَ بضَعِيفٍ وضَعَفَة، وقال: لا ثالثَ لهما، أَي في الصّحِيح، وإِلّا مطْلَقاً فيَرِدُ عليه مثل سَرِيّ وسَرَاة. قلت: وقد عرفتَ ما فيه قَرِيباً.
  وقد خَبُثَ ككَرُمَ يَخْبُثُ خُبْثاً، بالضَّمّ، وخَبَاثَةً، ككَرَامَة، وخَبَاثِيَةً، ككَرَاهِيَةٍ - الأَخِيرُ عن ابنِ دُرَيْد -: صار خَبِيثاً.
  وَخَبُثَ الرجُلُ، فهو خَبِيثٌ، وهو الرَّدِيءُ الخَبُّ أَي الماكرُ الخادِعُ من الرّجالِ، وهو مجازٌ كالخَابِثِ وهو الرَّدِيءُ من كُلّ شيْءٍ.
  وقد خَبثَ(٤) الشَّيْءُ خُبْثاً.
  والخَبِيثُ والخَابِثُ: الذِي يَتَّخِذُ أَصْحَاباً أَو أَهْلاً، أَو أَعْوَاناً خُبَثَاءَ، كالمُخْبِثِ كمُحْسِنٍ، والمَخْبَثَانِ.
  وفي اللّسان -: أَخْبَثَ الرَّجُلُ، أَي اتَّخَذَ أَصْحَاباً خُبَثَاءَ، فهو خَبِيثٌ مُخْبِثٌ ومَخْبَثانٌ، يقال: يا مَخْبَثان: والأُنْثَى مَخْبَثَانَةٌ، ويقال للرَّجُلِ والمرأَةِ معاً: يَا مَخْبَثَانُ، وفي حديثِ سعيدٍ «كَذَبَ مَخْبَثَانٌ» هو الخَبِيثُ، وكأَنّه يَدُلّ على المُبَالَغَةِ أَو مَخْبَثَانُ مَعْرِفَةٌ كما عَرفْتَ وقالَ بعضُهُم: لا يُسْتَعْمَلُ إِلّا خَاصّةً في النِّدَاءِ(٥).
  وقد أَخْبَثَ الرَّجُلُ: صارَ ذا خُبْث.
  واتَّخَذَ أَعْواناً خُبْثَاءَ، فهو خَبِيثٌ مُخْبِثٌ.
  ويقال للذَّكَرِ: يا خُبَثُ، كلُكَعٍ، أَي يا خَبِيثُ.
  ويقال للمرأَة: يا خَبِيثَةُ، ويا خَبَاثِ، كقَطَامِ معدولٌ من الخُبْثِ.
  ورُوِيَ عن الحَسَنِ أَنَّه قال - يخاطِب الدُّنْيَا -: «خَبَاثِ.
  قَدْ مَضَضْنَا عيدَانَكِ(٦)، فوَجَدْنا عَاقِبَتَهُ مُرّاً» وقول المصنّف «يا خَبِيثَةُ»، هكذا في النّسخ التي عِنْدَنَا كُلِّهَا، ولم أَجِدْه في ديوانٍ، وإِنما ذَكَرُوا خُبَثَ وخَبَاثِ، نعم أَوردَ في اللّسَان حديثَ الحَجّاجِ أَنه قالَ لأَنَسٍ: يا خِبْثَة، بكسر فسكون، يريد يا خَبِيث، ثم قَالَ: ويقال للأَخْلاقِ(٧) الخَبِيثَةِ: يا خِبْثَةُ، فهذا صَحِيحٌ لَكِنّه يُخَالِفُه قولُه: وللمَرْأَةِ، إِلا أَنْ يكُونا في الإِطْلاقِ سواءٌ، كمَخْبَثَان، وعلى كُلِّ حالٍ فيَنْبَغِي النَّظَرُ
تجمع معنى ظرفين، كقولك: حيثُ عبد الله قاعدٌ زيدٌ قائمٌ. المعنى: الموضع الذي فيه عبد الله قاعدٌ زيدٌ قائمٌ، قال: وحيث ...».
(١) في التهذيب واللسان: وسيبويه.
(٢) زيد في التهذيب عن أبي حاتم قال: والصواب أن تقول: رأيتك حيثُ كنت أي الموضع الذي كنت فيه، واذهب حيثُ شئت أي إلى أيّ موضع شئت. ويقال: رأيتك حين خرج الحاج ... ولا يجوز حيث خرج الحاج.
(٣) سورة الأعراف الآية ١٥٧.
(٤) ضبطت في القاموس بفتح الباء ضبط قلم.
(٥) في القاموس: وخاصة بالنداء.
(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله قد مضضنا عيدانك الذي في النهاية: كل عيدانك قد مضضنا، قال في النهاية: والمض مثل المص، يريد أنا جربناك وخبرناك فوجدنا عاقبتك مرة» وفي التهذيب قد مصصنا عيدانك فوجدناك كذا.
(٧) بهامش المطبوعة المصرية «قوله للأخلاق الخ كذا بخطه».