تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[خبث]:

صفحة 202 - الجزء 3

  حرُوفِ المَعَانِي، وإِنما ضُمَّتْ؛ لأَنّها ضُمِّنَتْ الاسمَ الذي كانتْ تَسْتَحِقُّ إِضافَتَهَا إِليه، قال: وقالَ بعضُهُم: إِنَّمَا ضُمَّتْ لأَنّ أَصلَهَا حَوْثُ، فلما قَلَبُوا واوَهَا ياءً ضَمُّوا آخِرَها. قال أَبُو الهَيْثَمِ: وهذا خَطَأٌ؛ لأَنَّهُم إِنّما يُعْقِبُون في الحرف ضَمَّةً دالَّةً على واوٍ ساقِطَةٍ.

  قال الأَصمعيّ: ومما تخطِيءُ فيه العَامَّةُ والخَّاصَّةُ باب حِينَ وحَيْثُ، غَلِطَ فيه العُلَمَاءُ مثلُ أَبي عُبَيْدَةَ وغيرِه⁣(⁣١).

  قال أَبو حاتمٍ: رأَيتُ في كتابِ سيبويهِ أَشياءَ كثيرةً، يَجْعَلُ حِينَ حَيْثُ، وكذلك في كتابِ أَبي عُبَيْدَة بِخَطِّه.

  قال أَبو حاتِمٍ: واعلمْ أَنّ حِينَ وحيْثُ ظَرْفَانِ: فحينَ ظرفٌ من الزَّمَانِ، وحَيْثُ ظرفٌ من المَكَانِ، ولكُلِّ واحد منهما حَدُّ لا يُجَاوِزُه، والأَكثرُ من النّاس جعلوهُما معاً⁣(⁣٢).

  والله أَعلم.

(فصل الخاءِ) المعجمة مع المثلثة

  [خبث]: الخَبِيثُ: ضِدُّ الطَّيِّبِ من الرّزْقِ والوَلَدِ والنّاسِ، والجَمْعُ خُبْثَاءُ وخِبَاثٌ، وخَبَثَةٌ، عن كُرَاع، قال: وليس في الكلام فَعِيلٌ يُجْمَع على فَعَلَةٍ غيره، قال: وعندي أَنَّهُمْ تَوَهَّمُوا فيه فاعِلاً ولذلك كَسَّرُوه على فَعَلَة، وحكَى أَبو زيد في جَمْعِه خُبُوثٌ، وهو نادرٌ أَيضاً.

  والأُنثى خَبِيثَةٌ، وفي التنزيل العزيز: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ}⁣(⁣٣).

  ثم إِنّ شيخَنا ضبطَ الجمعَ الثّانِيَ بزيادةِ الأَلِفِ، ونَظَّره باسرافٍ، والذِي في سائر أُمّهات اللُّغَةِ خِبَاثٌ، بالكَسْر من غير، أَلف ونَظَّرَ الجمعَ الثَالِثَ بضَعِيفٍ وضَعَفَة، وقال: لا ثالثَ لهما، أَي في الصّحِيح، وإِلّا مطْلَقاً فيَرِدُ عليه مثل سَرِيّ وسَرَاة. قلت: وقد عرفتَ ما فيه قَرِيباً.

  وقد خَبُثَ ككَرُمَ يَخْبُثُ خُبْثاً، بالضَّمّ، وخَبَاثَةً، ككَرَامَة، وخَبَاثِيَةً، ككَرَاهِيَةٍ - الأَخِيرُ عن ابنِ دُرَيْد -: صار خَبِيثاً.

  وَخَبُثَ الرجُلُ، فهو خَبِيثٌ، وهو الرَّدِيءُ الخَبُّ أَي الماكرُ الخادِعُ من الرّجالِ، وهو مجازٌ كالخَابِثِ وهو الرَّدِيءُ من كُلّ شيْءٍ.

  وقد خَبثَ⁣(⁣٤) الشَّيْءُ خُبْثاً.

  والخَبِيثُ والخَابِثُ: الذِي يَتَّخِذُ أَصْحَاباً أَو أَهْلاً، أَو أَعْوَاناً خُبَثَاءَ، كالمُخْبِثِ كمُحْسِنٍ، والمَخْبَثَانِ.

  وفي اللّسان -: أَخْبَثَ الرَّجُلُ، أَي اتَّخَذَ أَصْحَاباً خُبَثَاءَ، فهو خَبِيثٌ مُخْبِثٌ ومَخْبَثانٌ، يقال: يا مَخْبَثان: والأُنْثَى مَخْبَثَانَةٌ، ويقال للرَّجُلِ والمرأَةِ معاً: يَا مَخْبَثَانُ، وفي حديثِ سعيدٍ «كَذَبَ مَخْبَثَانٌ» هو الخَبِيثُ، وكأَنّه يَدُلّ على المُبَالَغَةِ أَو مَخْبَثَانُ مَعْرِفَةٌ كما عَرفْتَ وقالَ بعضُهُم: لا يُسْتَعْمَلُ إِلّا خَاصّةً في النِّدَاءِ⁣(⁣٥).

  وقد أَخْبَثَ الرَّجُلُ: صارَ ذا خُبْث.

  واتَّخَذَ أَعْواناً خُبْثَاءَ، فهو خَبِيثٌ مُخْبِثٌ.

  ويقال للذَّكَرِ: يا خُبَثُ، كلُكَعٍ، أَي يا خَبِيثُ.

  ويقال للمرأَة: يا خَبِيثَةُ، ويا خَبَاثِ، كقَطَامِ معدولٌ من الخُبْثِ.

  ورُوِيَ عن الحَسَنِ أَنَّه قال - يخاطِب الدُّنْيَا -: «خَبَاثِ.

  قَدْ مَضَضْنَا عيدَانَكِ⁣(⁣٦)، فوَجَدْنا عَاقِبَتَهُ مُرّاً» وقول المصنّف «يا خَبِيثَةُ»، هكذا في النّسخ التي عِنْدَنَا كُلِّهَا، ولم أَجِدْه في ديوانٍ، وإِنما ذَكَرُوا خُبَثَ وخَبَاثِ، نعم أَوردَ في اللّسَان حديثَ الحَجّاجِ أَنه قالَ لأَنَسٍ: يا خِبْثَة، بكسر فسكون، يريد يا خَبِيث، ثم قَالَ: ويقال للأَخْلاقِ⁣(⁣٧) الخَبِيثَةِ: يا خِبْثَةُ، فهذا صَحِيحٌ لَكِنّه يُخَالِفُه قولُه: وللمَرْأَةِ، إِلا أَنْ يكُونا في الإِطْلاقِ سواءٌ، كمَخْبَثَان، وعلى كُلِّ حالٍ فيَنْبَغِي النَّظَرُ


تجمع معنى ظرفين، كقولك: حيثُ عبد الله قاعدٌ زيدٌ قائمٌ. المعنى: الموضع الذي فيه عبد الله قاعدٌ زيدٌ قائمٌ، قال: وحيث ...».

(١) في التهذيب واللسان: وسيبويه.

(٢) زيد في التهذيب عن أبي حاتم قال: والصواب أن تقول: رأيتك حيثُ كنت أي الموضع الذي كنت فيه، واذهب حيثُ شئت أي إلى أيّ موضع شئت. ويقال: رأيتك حين خرج الحاج ... ولا يجوز حيث خرج الحاج.

(٣) سورة الأعراف الآية ١٥٧.

(٤) ضبطت في القاموس بفتح الباء ضبط قلم.

(٥) في القاموس: وخاصة بالنداء.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله قد مضضنا عيدانك الذي في النهاية: كل عيدانك قد مضضنا، قال في النهاية: والمض مثل المص، يريد أنا جربناك وخبرناك فوجدنا عاقبتك مرة» وفي التهذيب قد مصصنا عيدانك فوجدناك كذا.

(٧) بهامش المطبوعة المصرية «قوله للأخلاق الخ كذا بخطه».