تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سقلط]:

صفحة 291 - الجزء 10

  وأَبو عَمْرٍو عُثْمَانُ بن محمَّد بن بِشْر بن سَنَقَةَ السَّقَطِيّ، عن إِبراهِيم الحَرْبِيّ وغيرِهِ، مات سنة ٣٥٦.

  [سقلط]: سَقْلاطُون، أَهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ، وهو: د، بالرُّومِ تُنْسَب إِليه الثِّيَاب السَّقْلاطُونِيَّةُ. وقد تُسَمَّى الثِّيَاب بنفسِهَا سَقْلاطُونا.

  قلتُ: وهي كَلِمَة رُومِيَّة، والحُكْمُ بزيَادَةِ نُونِهَا منظورٌ فيه، فالأَوْلَى ذِكْرُها في حَرْفِ النُّون، ولذا ذَكَرَهُ صاحِبُ اللِّسَانِ في المَوْضِعَيْن، كما سيأْتي إِنْ شاءَ الله تعالَى، ومِمّن نُسِبَ إِليه: أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ السَّمّاكِ السَّقْلاطُونِيُّ المعروفُ بابْن البِير عن أَبِي مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، مات سنة ٥٠٤.

  والسِّقِلاّط كالسِّجِلاّط زِنَةً ومَعْنًى وهُو الَّذِي تُسَمِّيه العامَّةُ سِكِرْلاط، وجاءَ في شِعْر المُوَلَّدِين:

  أَرْفُل منها في سِكِرْلاطِ

  [سلط]: السَّلْطُ، والسَّلِيطُ: الشَّدِيدُ، يقال: حافِرٌ سَلْطٌ وسَلِيطٌ، أَي شديدٌ. وإِذا كان الدّابَّةُ وَقَاحَ الحافِرِ، والبَعِيرُ وَقَاحَ الخُفِّ يُقَال: إِنّه لسَلْطُ الحافِرِ والخُفِّ، وقد سَلُطَ يَسْلُطُ سَلَاطَةً.

  واللسان السَّلْطْ والسَّلِيطُ: الطَّوِيلُ.

  والسَّلْطُ والسَّلِيطُ: الطَّوِيلُ اللِّسَانِ من الرِّجَالِ.

  وهي سَلِيطَةٌ، أَي صَخَّابَةٌ، وكَذلِكَ سَلَطَانَةٌ، مُحَرَّكةً، وسِلِطانَةٌ بكَسْرَتينِ، الأَخِيرَةُ عن ابْنِ دُرَيْدٍ، ووُجِد في الجَمهرة بتَشْدِيدِ الطاءِ مَضْبُوطاً، قال: وهي الطَّوِيلَةُ اللِّسَان والصَّخَّابَة، وقد سَلُطَ الرجلُ، ككَرُمَ وسَمِعَ، وعلى الأَوّل اقتصرَ الجوهَرِيّ وغيرهُ، سَلَاطَةً، بالفَتْح، وسُلُوطَةً، بالضَّمِّ، وسَلَطاً، مُحَرّكَةً أَيضاً، كما في التكمِلَةِ. وقال اللَّيْثُ: السَّلَاطَةُ مصدرُ السَّلِيطِ من الرِّجَالِ والسَّلِيطَة من النِّسَاءِ، والفِعْلُ سُلِطَتْ، وذلِكَ إِذا طالَ لِسَانُهَا واشْتَدَّ صَخَبُهَا، وقال الأَزْهَرِيُّ: وإِذا قالوا: امَرأَةٌ سَلِيطَةُ اللِّسَانِ فله مَعْنَيَانِ: أَحدُهما أَنِّهَا حَدِيدَةُ اللِّسَانِ، والثَّانِي أَنَّهَا طَوِيلَةُ اللِّسَانِ.

  والسَّلِيطُ: الزَّيْتُ، عند عامَّة العَرَبِ، وعِنْدَ أَهْلِ اليَمَنِ: دُهْنُ السِّمْسِمِ، كما نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ⁣(⁣١)، وهو الصَّوابُ المَسْمُوع، وخَالَفَه ابنُ دُرَيْدٍ حيثُ قال في الجَمْهَرَةِ: السَّلِيطُ بلغةِ أَهْلِ اليَمَنِ: الزَّيْتُ، وبلُغَةِ مَنْ سِوَاهُمْ من العَرَبِ: دُهْنُ السِّمْسِم، وتَابَعَهُ ابنُ فَارِسٍ في المَقَايِيس، والصَّوابُ: ما قَالَهُ الجَوْهَرِيُّ، وقد نَبَّه عليه الصاغَانِيُّ في العُبَابِ.

  وقِيلَ: هو كُلُّ دُهْنٍ عُصِرَ من حَبٍّ، قالَ ابنُ بَرِّيّ: دُهْنُ السِّمْسِمِ هو الشَّيْرَجُ والحَلُّ، ويُقَوِّي أَنَّ السَّلِيطَ الزَّيْتُ قولُ النّابِغَةِ الجَعْدِيِّ ¥:

  أَضاءَتْ لنا النَّارُ وَجْهاً أَغَ ... رَّ مُلْتَبِساً بالفُؤادِ الْتِباسَا

  يُضِيءُ كضَوْءِ سِرَاجِ السَّلِي ... طِ لَمْ يَجْعَلِ الله فيه نُحَاسَا

  قوله: «لم يَجْعَل الله فيه نُحَاسا» أَي دُخَاناً، دليلٌ على أَنَّه الزَّيْتُ، لأَنَّ السَّلِيطَ له دُخَانٌ صَالِحٌ، ولِهذَا لا يُوقَدُ في المَسَاجِد والكَنائِسِ إِلاّ الزَّيْتُ، وقال الفَرَزْدَقُ:

  ولكِنْ دِيافِيُّ أَبُوهُ وأُمُّه ... بحَوْرانَ يَعْصرْنَ السَّلِيطَ أَقَارِبُهْ

  وحَوْرانُ: من الشَّأْمِ، والشَّأْمُ لا يُعْصَرُ فيها إِلاّ الزَّيْتُ.

  قلتُ: هو من أَبْيَاتِ الكِتَابِ، هَجَا به عَمْرَو بن عِفْرَى الضَّبِّيّ لأَنّ عبدَ الله بنَ مُسْلِمٍ الباهِلِيَّ خَلَعَ عَلَى الفَرَزْدَقِ وحَمَلَه على دَابَّةٍ، وأَمَرَ له بأَلْفِ دِرْهَمٍ، فقال عَمْرٌو: ما يَصْنَع الفَرَزْدَقُ بهذَا الَّذِي أَعْطَيْتَه، إِنَّمَا يَكْفِيه ثَلاثُون دِرْهَماً يَزْنِي بعَشَرَة، ويأْكُل بعَشَرَةٍ، ويَشْرَب بعَشَرَةٍ، فقال: «ولكنْ دِيَافِيُّ، إِلى آخِرَه». ودِيَافُ: من قُرَى الشَّامِ. وقيلَ: من قُرَى الجَزِيرَةِ. وقَوْلُه: يَعْصِرْنَ السَّلِيطَ ..، كقَوْلِهِمْ: أَكَلُونِي البَرَاغِيثُ، وقال امْرُؤُ القَيْسِ:

  يُضِيءُ سَناهُ أَو مَصَابِيحُ رَاهِبٍ ... أَمَالَ⁣(⁣٢) السَّلِيطَ بالذُّبَالِ المُفَتَّلِ

  وقال ابنُ مُقْبِل:


(١) وهو قول الأصمعي كما في التهذيب.

(٢) في التهذيب: «أهان» والمثبت يوافق رواية الديوان.