تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[منع]:

صفحة 463 - الجزء 11

  مَعْنَاهُ: أَنَّ العُقَابَ كُلَّمَا عَلَتْ فِي الجَبَلِ كانَ أَسْرَعَ لانْقِضاضِهَا يَقُول: فهذِهِ عُقَابُ مَلاعٍ، أَي: تَهْوِي مِنْ عُلْوٍ، ولَيْسَتْ بعُقابِ القَوَاعِلِ، وهِيَ الجِبَالُ القِصَارُ، وقِيلَ: اشْتِقَاقُه من المَلْعِ الَّذِي هُوَ العَدْوُ الشَّدِيدُ.

  أَو مَلاعٌ مِنْ نَعْتِ العُقَابِ أُضِيفَتْ إِلى نَعْتِهَا، كمَا في العُبَابِ.

  أَو عُقابُ مَلاع: هِيَ العُقَيِّبُ الَّتِي تَصِيدُ العَصَافِيرَ والجُرْذانَ، ولا تَأْخُذُ أَكْبَرَ مِنْهَا، فارِسِيَّتُه: مُوشْ خُوَار⁣(⁣١)، قالَهُ أَبُو الهَيْثَمِ، ومِنْ أَمْثَالِهِم: «لأَنْتَ أَخَفُّ مِنْ عُقَيِّبِ مَلاعَ يا فَتًى»، بالنَّصْبِ.

  وِقالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: هُمْ عَلَيْه مَلْعٌ واحِدٌ: إِذا تَجَمَّعُوا عَلَيْهِ بِالعَداوَةِ.

  وِيُقَال: لَشَدَّ ما أَمْلَعَتِ النّاقَةُ، وامْتَلَعَتْ، أَي: مَرَّتْ مُسْرِعَةً، وقد امْتَلَعَ الجَمَلُ فسَبَقَ، أَوهُما أَي الإِمْلاعُ والامْتِلاعُ: سُرْعَةُ عَنَقِهَا.

  وِيُقَالُ: مَلَعَ الشّاةَ، كمَنَعَ: سَلَخَهَا مِنْ قِبَلِ عُنُقِها، كامْتَلَعَها، وهذِه عن ابْنِ عَبّادٍ.

  قال: وامْتَلَعَه: اخْتَلَسَهُ كامْتَعَلَه عَلَى القَلْبِ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:

  المَلْعُ: الذَّهَابُ فِي الأرْضِ، وقِيلَ: الطَّلَبُ، وقِيلَ: السُّرْعَةُ والخِفَّةُ، وقِيلَ: شِدَّةُ السَّيْرِ، وقِيلَ: العَدْوُ الشَّدِيدُ، وقِيلَ: فَوْقَ المَشْيِ ودُونَ الخَبَبِ، وقِيلَ: هُوَ السَّيْرُ الخَفِيف السَّرِيعُ، وقَدْ مَلَعَ مَلْعاً ومَلَعاناً، الأَخِيرَةُ مُحَرَّكَةٌ.

  وقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: المَلْعُ: سُرْعَةُ سَيْرِ النّاقَةِ، وقَدْ مَلَعَتْ وانْمَلَعَتْ، وأَنْشَدَ أَبُو عَمْرٍو:

  فُتْلُ المَرَافِقِ تَحْدُوهَا فَتَنْمَلِعُ

  كما في الصِّحاحِ.

  وجَمَلٌ مَلُوعٌ ومَيْلَعٌ، كصَبُورٍ وحَيْدَرٍ: سَرِيعٌ، والأُنْثَى مَلُوعٌ ومَيْلَعٌ، ومَيْلاعٌ نادِرٌ، فِيمَنْ جَعَلَه فَيْعَالاً؛ وذلِكَ لاخْتِصَاصِ المَصْدَرِ بهذا البِنَاءِ.

  وأَنْكَرَ الأَزْهَرِيُّ قَوْلَهُم: جَمَلٌ مَيْلَعٌ، كما تقَدَّمَ. وعُقَابٌ مَلاعٌ ومِلاعٌ ومَلُوعٌ، كسَحَابٍ وكِتابٍ وصَبُورٍ: خَفِيفَةُ الضَّرْبِ والاخْتِطَافِ.

  وِالمَيْلَعُ، كحَيْدَرٍ: الطَّرِيقُ الَّذِي لَهُ سَنَدانِ مَدَّ البَصَرِ.

  وبلا لامٍ: اسْمُ كَلْبَةٍ⁣(⁣٢)، قالَ رُؤْبَةُ:

  وِالشَّدُّ يُدْنِي لاحِقاً وهِبْلَعَا ... وِصاحِبَ الحِرْجِ، ويُدنِي مَيْلَعَا

  وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: يُقَالُ: مَلَعَ الفَصِيلُ أُمَّهُ، ومَلَقَ أُمَّهُ: إِذا رَضَعَهَا.

  [منع]: مَنَعَهُ كَذا يَمْنَعُه، بفَتْحِ نُونِهِما، وإِنَّمَا ذَكَر آتِيَهُ لأَنَّهُ لو أَطْلَقَه لظُنَّ أَنَّه مِنْ حَدِّ نَصَرَ، كَمَا هِيَ قاعِدَتُه، وإِنَّمَا قَيّدَ بفَتْحِ النُّونِ؛ لِئَلّا يُظَنَّ أَنّه مِنْ حَدِّ ضَرَبَ، كما هِيَ قاعِدَتُه إِذا ذَكَرَ الآتِيَ، فتَأَمَّلْ. مَنْعاً: ضِدُّ أَعْطَاهُ. قِيلَ: المَنْعُ: أَنْ تَحُولَ بينَ الرَّجُلِ وبَيْنَ الشَّيءِ الّذِي يُرِيدُه، ويُقَال: هُوَ تَحْجِيرُ الشَّيْءِ، ويُقَال أَيْضاً: مَنَعَه مِنْ كَذا، وعَنْ كَذا، ويُقَال: مَنَعَه مِنْ حَقِّهِ، ومَنَعَ حَقَّهُ مِنْهُ؛ لأَنَّه يَكُونُ بمَعْنَى الحَيْلُولَةِ بَيْنَهُمَا، والحِمَايَةِ، ولا قَلْبَ فيهِ، كما تُوُهِّم، قالَهُ الخَفَاجِيُّ في العِنَايَةِ، ونَقَلَه شَيْخُنَا كمَنَّعَهُ تَمْنِيعاً، فامْتَنَعَ مِنْه، وتَمَنَّعَ فهُوَ مانِعٌ، ومَنّاعٌ، كشَدَّادٍ، ومَنُوعٌ، كصَبُورٍ.

  وقد يُرَادُ بِذلِكَ البُخْلُ، ومِنْهُ قولُه تَعَالَى: {وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ}⁣(⁣٣) ..، {مَنّاعٍ لِلْخَيْرِ}⁣(⁣٤) ..، {وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً}⁣(⁣٥).

  وأَمّا المانِعُ - فِي أَسْمَائِهِ جَلَّ ذِكْرُه - فَهُوَ: الَّذِي يَمْنَعُ مَنِ اسْتَحَقَّ المَنْعَ، وقِيلَ: يَمْنَعُ أَهْلَ دِينهِ، أَيْ: يَحُوطُهُم ويَنْصُرُهُمْ، جَمْعُ الأَوَّلِ مَنَعةٌ، مُحَرَّكَةً، ككافِرٍ وكَفَرَةٍ.

  وِيُقَالُ: هُوَ فِي عِزٍّ ومَنَعَةٍ، مُحَرَّكَةً، وقدْ يُسَكَّنُ عنِ ابنِ السِّكِّيتِ، وعَلَى التَّحْرِيكِ فيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ مانِعٍ، كما حَكَاهُ الجَوْهَرِيُّ، وعَزَاهُ ابنُ بَرِّيّ للنَّجِيرَمِيِّ، أَي: هُوَ فِي عِزٍّ ومَعَهُ مَنْ يَمْنَعُهُ مِنْ عَشِيرَتهِ، كما فِي الصِّحاحِ، فمِنْ بَيَانِيَّةٌ، أَي: مَعَهُ ناسٌ مُتَّصِفُونَ بأَنَّهُمْ


(١) التهذيب: موش خارّه.

(٢) الأصل واللسان وفي التكملة: كلبة.

(٣) سورة الماعون الآية ٧.

(٤) سورة ق الآية ٢٥.

(٥) سورة المعارج الآية ٢١.