تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[لبك]:

صفحة 635 - الجزء 13

  وفي اللِّسَانِ: هي: الرِّسالَةُ وألِكْنِي إلى فلانٍ أي أَبْلِغْهُ عَنِّي أَصْلُهُ ألْئِكْنِي حُذِفَتِ الهَمْزَةُ وأُلْقِيَتْ حَرَكَتُها على ما قَبْلَها وقَدْ وَرَدَتْ هذه الكلمةُ في كَلامِ النَّابِغةِ⁣(⁣١) واعْتَرَضَه الآمِديّ في الموازَنةِ: بأنَّ مَعْناه كُنْ لي رَسُولاً فكيفَ يقولُ أَلِكْنِي إليك عنِّي، نَقَلَه شَيْخُنَا وقَدْ تَقَدَّمَ البحثُ فيه مطوّلاً في «أ ل ك» فراجِعْه. وحَكَى اللَّحْيَانيُّ: أَلَكْتُه⁣(⁣٢) إليه في الرسالةِ أُلِيكُه إلاكَةً، وهذا إنَّما هو على إبْدالِ الهَمْزةِ إبدالاً صحيحاً. والملْأَكُ المَلكُ لأَنَّه يُبَلِّغُ الرِّسَالَةَ عن الله ø(⁣٣) وَزْنُه مَفْعَلٌ والعينُ مَحْذوفَةٌ وهي الهَمْزَةُ أُلْزِمَتِ التَّخْفِيفَ بإلقاءِ حركتِها عن الساكنِ قَبْلها إلَّا شاذّاً كقولِهِ:

  ولسْتَ لإنْسِيٍّ ولكن لمَلأَكِ ... تَنَزَّلَ من جَوِّ السماءِ يَصُوبُ⁣(⁣٤)

  والجَمْعُ مَلائِكَةُ جمعُوه مُتَمِّماً وزَادُوا الهاءَ للتأْنِيْثِ وَوزْنُه مَفَاعِلَةٌ، ويُجْمَع أَيْضاً على مَلَائِك كمَسَاجد، وقيلَ مِيْمُه أَصْلية لا هَمْزَتُه، ووَزْنُه فَعَائِلَة. وقيلَ: هو من أ ل ك كما مَرَّ وسَيَأْتي في م ل ك أَشْياءٌ تتعلَّقُ بهذا الحرفِ فليتأمَّلْ هناك.

  وفي المُحْكَمِ تَرْجمةُ أ ل ك مقدَّمَةٌ على ترجمةِ ل أ ك وقالَ ما نَصّه: إنَّما قدَّمت بابَ مأْلَكة على بابِ مَلأَكَة لأَنَّ مأْلَكةً أَصْلٌ ومَلأَكةً فَرْعٌ مقلوبٌ عنها، أَلَا تَرَى أَنَّ سِيْبَوَيْه قدَّم مأْلَكة على مَلأَكة فقال: وقالوا مَأْلَكة ومَلأَكة؟ فلم يكُنْ سِيْبَوَيْه على ما هو به من التقدُّمِ والفَصْل ليَبْدأَ بالفرعِ على الأَصْلِ، هذا مع قولِهم الأَلوكُ، قال: فلذلِكَ قدَّمناه، وإلَّا فلقَدْ كانَ الحكمُ أَنْ يقدم مَلأَكة على مَأْلَكة لتقدُّمِ اللامِ في هذه الرُّتبةِ على الهَمْزةِ، وهذا هو ترتيبُه في كتابِه.

  * وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  اسْتَلْأكَ له: ذَهَبَ له برسالتِهِ عن أَبي عليٍّ.

  [لبك]: اللَّبْكُ الخَلْطُ قالَ أُميَّةُ بن أَبي الصَّلْتِ:

  إلى رُدُحٍ من الشِّيزَى مِلاءٍ ... لُبابَ البُرِّ يُلْبَكُ يا لشهادِ⁣(⁣٥)

  كالتَّلْبيكِ وهذه عن ابن عَبَّادِ. واللَّبْكُ: الشيءُ المَخْلُوطُ كاللَّبْكَةِ وقد لَبَكَهُ لَبْكاً. واللَّبْكُ: جَمْعُ الثَّرِيدِ لِيَأْكُلَهُ كذا في المُحْكَمِ. ومن المجازِ: أمْرٌ لَبِكٌ ككَتِفٍ مُلْتَبِسٌ، وفي الصِّحاحِ: مُخْتَلِطٌ وأَنْشَدَ لزُهَيْرٍ:

  رَدَّ القِيانُ جِمالَ الحيِّ فاحْتَمَلُوا ... إلى الظَّهِيرَةِ أَمْرٌ بينهم لَبِكُ⁣(⁣٦)

  وأَنْشَدَ الصَّاغَانيُّ لرُؤْبَة:

  وحاجة أخرجت من أمر لبك

  والتَبَكَ الأَمْرُ أي اخْتَلَطَ كما في الصِّحَاحِ؛ زَادَ الصَّاغَانيُّ: والْتَبَسَ وهو مجازٌ. واللَّبيكَةُ جماعَةٌ من الغَنَمِ، قالَ ابنُ السِّكِّيتِ عن الكلابيِّ: أَقُول لَبِيْكة من غنمٍ، وقد لَبَكُوا بَيْن الشاءِ أي خَلَطُوا بينها، وهو مِثْل البَكيلَةُ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ. وقال عَرَّام: اللَّبيكَةُ الجماعَةُ من الناسِ كاللُّباكَةِ بالضمِ واللَّبيكَةُ ضَرْبٌ من الطعامِ وهو دقيقٌ يُلْبَك بِزَيدٍ أو سَمْنٍ قالَهُ ابنُ عَبَّادٍ. وفي اللِّسَانِ: أقِطٌ ودَقيقٌ أو تَمرٌ ودَقيقٌ وسَمْنٌ أو زَيْتٌ يُخْلَطُ ويُصَبُّ عليه ولا يُطْبَخُ.

  ومن المَجازِ: اللَّبَكَةُ محرَّكةً اللُّقْمَةُ من الثَّريدِ وبه فسِّر قَوْلُهم: ما ذُقْتُ عنْدَه عَبَكةً ولا لَبَكَةً، أو القِطْعَةُ من الثَّرِيدِ كما في الصِّحَاحِ، أو القِطْعَةُ من الحَيْس كما فسَّره ابنُ دُرَيْدٍ⁣(⁣٧) والإِلْباكُ الإِخْناءُ وقال ابن عَبَّادٍ الإِلْباكُ الإِخْطاءُ في المَنْطِقِ والحُجَّةُ وأَغْلاط فيهما. قالَ: وتلَبَّكَ الأَمْرُ تَلَبَّسَ واخْتَلَطَ.

  * وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  أَمْرٌ لَبِيكٌ: أي مُخْتَلطٌ. وثرِيدَةٌ مُلَبَّكَةٌ: كمُعَظَّمةٍ أَي ملبقة لينة عن ابن عَبَّادٍ. ووَقَعَ في لَبَكَةٍ بالفتحِ ولَبِيْكَةٍ أي اخْتِلاطٍ.

  [لحك]: لَحَكَهُ كَمَنَعَهُ لَحْكاً أَوجَرَه الدَّواءَ ولَحَكَ بالشيءِ لَحْكاً شَدَّ التِئَامَهُ كَلاحَكَ وتَلَاحَكَ وقد لَوْحَكَ فَتَلَاحَكَ ورُبَّما قِيلَ: لَحَكَ لَحْكاً وهي مُمَاتَةٌ. وفي


(١) يشير إلى قوله:

ألكني يا عيين إليك قولا ... سأهديه إليك، إليك عني

انظر ديوانه ص ١٢٢ ومادة «ألك».

(٢) في اللسان: آلكته بالمد.

(٣) في القاموس: «تعالى» بدل «ø».

(٤) اللسان بدون نسبة.

(٥) الصحاح واللسان.

(٦) ديوانه ط بيروت ص ٤٧ واللسان والصحاح.

(٧) الجمهرة ١/ ٣١٤.