تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سرنج]:

صفحة 401 - الجزء 3

  وفي الحديث «أَنه تَوَضَّأَ ومَسَحَ على خُفَّيْن أَسْوَدَيْنِ سَاذِجَيْنِ». تكلّم عليه أَهلُ الغَرِيب وضبطُوه بكسر الذّال وفتحها. قال الشَّيخ وليُّ الدِّينِ العِراقيّ في شرح سُنَن أَبي داود، عند ذكر خُفَّيْه وكونهما ساذِجَيْنِ فقال: كأَنّ المرادَ: لم يُخَالِطْ سَوَادَهما لونٌ آخَرُ. قال: وهذه الكلمة تُستعمل في العُرْفِ بهذا المَعْنى ولم أَجِدْهَا في كُتبِ اللغةِ بهذا المعنى، ولا رأَيتُ المُصَنِّفينَ في غريب الحديث ذَكروها. انتهى. كذا نقله شيخنا. وقيل: السَّاذَجُ: الذي لا نَقْشَ فيه. وقيل: الّذي لا شَعَر عليه. والصّواب أَنه الذي على لونٍ واحدٍ لا يخالِطُه غيرُه ... وفي «أَقانيم العجم» لحميد الدينِ السيواسيّ: ساده وسادج: الّذِي على لَوْنٍ واحدٍ لم يُخَالِطْه غيرُه.

  فقول شيخِنَا في أَوّل المادّة: ومن العجائب إِغفالُ المصنّف الساذَج في الأَلْوان، وهو الذي لا يخالطُ لَوْنُه لَوْناً آخر يُغَايِرُه؛ عجيبٌ، فتأَمَّل. ولو استدرَك عليه بما في اللسان والمحكم المتقدّم ذكْرُه كان أَلْيَقَ. والله سبحانه وتعالى أَعلم.

  [سرنج]: سُرُنْجٌ، كعُرُنْدٍ - أَي بضمّتين فسكون، هكذا ضبَطه غيرُ واحد، ورأَيت في كتاب «لبس المُرَقَّقة⁣(⁣١) تأْليف أَبي منصور الآتي ذِكُرُه مثلَ ما ذَكَره المصنّف بضبْطِ القلم.

  ولكن في تعليقه الحافظ اليغموريّ، نقلاً عن الحافظ أَبي طاهرٍ السِّلَفيّ قال: هو بسين مهملة مضمومةٍ وموحّدة وجيم، فَلْيُنْظَر -: قَبيلةٌ من الأَكرادِ وسيأْتي ذِكْر الأَكرادِ في ك ر د. منهم العلَّامة أَبو منصور محمّدُ بْنُ أَحمدَ بْنِ مَهْدِيّ السُّرُنْجِيّ المِصْريّ النَّصِيبيّ، ¦ المُحدِّث هو ووالدُه وروى عنه ولدُه منصورٌ، والحافظ أَبو طاهرٍ السِّلَفيّ وغيرُهُما. ذكره الذَّهبيّ، وعندي من مؤلفاته «لبس المرقَّقة» في كرَّاسة لطيفة⁣(⁣٢).

  [سرج]: السِّرَاج، بالكسر: م، أَي معروف، وهو المِصْباح الزّاهِر الذي يُسْرَجُ باللّيل، جمعه سُرُجٌ. وقد أَسْرَجْت السِّرَاجَ: إِذا أَوْقَدْته.

  والمَسْرَجَة، بالفتح⁣(⁣٣): التي يُوضع فيها الفَتيلةُ والدُّهْنُ.

  وقال شيخنا نقلاً عن بعض أَهل اللغةِ: السِّراجُ: الفَتِيلةُ الموقَدَة⁣(⁣٤)، وإِطلاقُه على مَحلِّها مجازٌ مشهور.

  قلت: وفي الأَساس: ووضعَ المِسْرَجة على المَسْرَجة.

  المكسورة، التي فيها الفَتيلة، والمفتوحة، التي توضع عليها. انتهى. وقد أَغفله المصنِّف.

  وفي الحديث: «عُمَرُ سِراجُ أَهلِ الجَنَّةِ!»، أَي هو فيما بينهم كالسِّراج يُهتدَى به.

  والشَّمْس: سراجُ النهار، مجاز. وفي التَّنْزيل: {وَجَعَلْنا سِراجاً وَهّاجاً}⁣(⁣٥) وقوله تعالى: {وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً}⁣(⁣٦) إِنما يريد مثل السِّرَاج الذي يُستضاءُ به، أَو مثل الشَّمس في النُّور والظُّهُور. والهُدَى سِرَاجُ المؤمِن، على التَّشْبِيه، ومنهم من جعل «سِراجاً» صفةً لِكِتَاب، أَي ذا كتاب مُنير بَيِّنٍ⁣(⁣٧) قال الأَزهريّ: والأَوَّلُ حَسَنٌ، والمعنى: هادِياً كأَنّه سِرجٌ؛ يُهتَدى به في الظُّلَم.

  ومن سَجعات الحَرِيرِيّ في أَبي زَيْد السَّروجيّ: تاج الأُدباءِ، وسِرَاج الغرباءِ. أَي أَنهم يستضيئون به في الظُّلَم.

  وسِراجٌ، عَلَمٌ. قال أَبو حنيفةَ: هو سِراجُ بنُ قُرَّةَ الكلابيّ.

  وسَرَجَتْ شَعْرَهَا، وسَرَّجَتْ، مخفّفة ومشدّدة: ضَفَرتْ.

  وهذه مما لم يذكرها ابنُ منظور ولا الجوهريّ ولا رأَيتها في الأُمّهاتِ المشهورةِ⁣(⁣٨). وأَنا أَخشى أَن يكون مُصَحَّفاً عن: سرحت، بالمهملة، فراجِعْه.

  ومن المجاز: سَرِجَ الرجُلُ كفَرِح: حَسُنَ وَجْهُهُ، قيل: هو مُوَلَّد، وقيل: إِنه غريب.


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله المرقفة كذا بالنسخ ولعله المرقعة بالقاف والعين المهملة وكذا الآتية وربما دل لذلك ذكر المرقعات التي تلبسها الصوفية في كلام الإمام الغزالي وغيره».

(٢) وفي التكملة: السِّرَنْجُ: شيء من الصنعة كالفسيفساء. وسترد في ترجمة مستقلة.

(٣) الأصل واللسان والصحاح، وضبطت في المصباح بكسر الميم.

(٤) بالأصل: الموقودة.

(٥) سورة النبأ الآية ١٣.

(٦) سورة الأحزاب الآية ٤٦.

(٧) بهامش المطبوعة المصرية: «قال في اللسان: وإن شئت كان سِراجاً منصوبا على معنى {داعِياً إِلَى اللهِ} وتاليا كتابا بيّنا» ومثله في التهذيب.

(٨) وردت في التكملة.