تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[رصع]:

صفحة 162 - الجزء 11

  وِالمُرَيْسِيعُ، مصغَّرُ مَرْسُوعٍ: بِئرٌ، أَو ماءٌ لخُزاعَةَ بناحِيَةِ قُدَيْدٍ، على مَسِيرَةِ يَوْمٍ من الفُرْعِ، وإِليه تُضافُ غَزْوَةُ بني المُصْطَلِقِ: قوم من خُزَاعَةَ تَجَمَّعُوا على هذا الماءِ مُحَارَبَةً لرَسُولِ الله ÷، وذلِكَ في ثَانِي شَعْبَانَ في السَّنَةِ الخامِسةِ⁣(⁣١) من الهِجْرَةِ، فخرجَ ÷، ومَعَهُ بَشَرٌ كَثِيرٌ، وثلاثونَ فارِساً، وكانَ أَبُو بَكْرٍ ¥ حَامِلَ رَايَةِ المُهَاجِرِينَ، وسَعْدُ بنُ عُبَادَةَ ¥ حامِلَ رَايةِ الأَنْصَارِ، فحَمَلُوا على القَوْمِ حَمْلةً وَاحِدَةً، فقَتَلُوا منهم عَشَرةً، وأَسَرُوا سَائرَهُم، وغابَ ثمانِيَةً وعِشْرِينَ يوماً. وفيها سَقَطَ عِقْدُ عائِشَةَ، ^، وقِصَّةُ الإِفْكِ، ونَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، والنَّهْيُ عن العَزْلِ، على ما هُو مَشْرُوحٌ في كُتُبِ السِّيرِ والحَدِيثِ.

  وِقالَ ابنُ السِّكِّيتِ: التَّرْسِيعُ: أَنْ تَخْرِقَ سَيْراً⁣(⁣٢)، ثمّ تُدْخِلَ فيه سَيْراً، كما تُسَوَّى سُيُورُ المَصَاحِفِ، واسْمُ السَّيْرِ المَفْعُولِ بهِ ذلِكَ: الرَّسِيعُ، وأَنْشَدَ:

  وِعَادَ الرَّسِيعُ نُهْيَةً للحَمائِلِ

  وقد تَقَدّم.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:

  رَسِعَ به الشَّيْءُ: لَزِق.

  وِرَسَّعَه تَرْسِيعاً: أَلْزَقَه.

  وِالرَّسِيعُ: المَلْزُوق.

  وِرَسَّعَ الصَّبِيَّ وغيرَه تَرْسِيعاً: لغةٌ في رَسَعَ، كمَنَع.

  وِالرَّسَعُ، مُحَرَّكةً: ما شُدَّ به.

  وِالمِرْسَعُ، كمِنْبَرٍ: الَّذِي انسَلَقَتْ عَيْنُه في السَّهَرِ.

  ورَجُلٌ مُرَسِّعَةٌ، كمُحَدِّثَةٍ: فَسَدَ مُوقُ عَيْنِه. قالَ امْرُؤ القَيْسِ - كما في الصِّحاح - وفي العُبَابِ: هو ابنُ مالِكٍ الحِمْيَرِيُّ، كما قالَه الآمِدِيُّ، وليس لابْنِ حُجْرٍ، كما وَقَعَ في دَوَاوِينِ شِعْرِه، وهو مَوْجُودٌ في أَشْعَارِ حِمْيَرَ:

  أَيا هِنْدُ لا تَنْكِحِي بُوهَةً ... عَلَيْهِ، عَقِيقَتُه أَحْسَبَا

  مُرَسِّعَةً وَسْطَ أَرْفاغِه ... بِهِ عَسَمٌ يَبْتَغِي أَرْنَبَا

  لِيَجْعَلَ في رِجْلِهِ كَعْبَهَا ... حِذَارَ المِنيَّةِ أَنْ يَعْطَبَا⁣(⁣٣)

  قالَ الجَوْهَرِيُّ: قوله: «مُرَسِّعَة» إِنَّمَا هو كقَوْلِكَ: رَجُلٌ هِلْباجَةٌ وفَقْفَاقَةٌ، أَو يكونُ ذَهَبَ بهِ إِلَى تَأْنِيثِ العَيْنِ؛ لأَنَّ التَّرْسِيعَ إِنّمَا يَكُونُ فِيها، كما يُقال: جاءَتْكُم القَصْماءُ لرَجُلٍ أَقْصَمِ الثَّنِيَّةِ، يُذْهَب بهِ إِلى سِنِّه، وإِنَّمَا خَصَّ الأَرْنَبَ بذلِكَ، وقال: «حِذَارَ المَنِيّة»، الخ، فإِنّه كان حَمْقَى الأَعْرَابِ⁣(⁣٤) في الجَاهِلِيَّةِ يُعَلِّقُون كَعْبَها في الرِّجْلِ كالمَعاذَةِ، ويَزعُمون أَنَّ مَنْ عَلَّقَه لم تَضُرَّه عَيْنٌ ولا سِحْرٌ، لأَنَّ الجِنَّ تَمْتطِي الثَّعَالِبَ والظِّباءَ والقَنَافِذَ، وتَجْتَنِبُ الأَرانِبَ، لمكانِ الحَيْضِ. يَقُول: هو مِنْ أُولئكَ الحَمْقَى.

  والبُوهَةُ: الأَحْمَقُ.

  وقال السُّكَّرِيُّ، في شَرْحِ ديوان امْرِئِ القَيْسِ: ويُرْوَى: «مُرَسَّعَةٌ» كمُعَظَّمَة، وبرَفْعِ الهاءِ، وهي تَمِيمَةٌ وهو أَنْ يُؤْخَذَ سَيْرٌ فيُخْرَقَ، ويُدْخَلَ فيه سَيْرٌ، فيُجْعَلَ في أَرْساغهِ؛ دَفْعاً لِلْعَيْنِ، فيَكُون على هذا رَفْعُهُ بالابْتِداءِ، و «بَيْنَ أَرَساغِه» الخَبَر، قال ابنُ بَرِّيّ: وهي رِوَايَةُ الأَصْمَعِيِّ، ويُرْوى: «أَرْفاغِهِ» «وأَرْباقِه»، «وأَرْساغِه».

  وقِيلَ: رَسَّعَ الرَّجُلُ تَرْسِيعاً: أَقامَ فلم يَبْرَحْ من مَنْزِلِهِ، ورَجُلٌ مُرَسِّعَةٌ: لا يَبْرَحُ من مَنْزلِةِ، زادُوا الهاءَ للمُبَالَغَةِ، وبه فَسَّرَ بَعْضُهُم بيتَ امْرِئِ القَيْسِ السابقَ.

  [رصع]: الرَصْعُ، كالمَنْعِ: الضَّرْبُ باليَدِ، قاله ابنُ دُرَيْدٍ.

  وِقال اللَّيْثُ: الرَّصْعُ: شِدَّةُ الطَّعْنِ، كالإِرْصَاعِ، يُقَال: رَصَعَه بالرَّمْحِ يَرْصَعُه رَصْعاً، وأَرْصَعَهُ: طعَنَهُ طَعْناً شديداً.

  وِالرَّصْعُ: الإِقامَةُ، يُقَال: رَصَعَ بالمكانِ، أَي أَقام به.

  وِقال ابنُ عَبّادٍ: الرَّصْعُ: دَقُّ الحَبِّ بينَ حَجَرَيْنِ، كالارْتِصاعِ، عن ابْنِ عَبّادٍ أَيْضاً.


(١) قال ابن اسحاق: «في سنة ست» انظر سيرة ابن هشام ٣/ ٣٠٢ ومعجم البلدان «المريسيع».

(٢) في اللسان: «شيئاً» وفي احدى نسخ التهذيب: «يخرق شيئاً ثم يدخل فيه شيئا».

(٣) الأبيات في ديوان امرئ القيس بن حجر الكندي بيروت ص ٧٤ والتهذيب والصحاح واللسان باختلاف بعض الألفاظ بينها وبين الديوان والأصل.

(٤) في التهذيب: حمقى العرب.