تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ضرح]:

صفحة 134 - الجزء 4

  تُرَى بُيُوتٌ وتُرَى رِمَاحُ

  وغَنَمٌ مُزَنَّمٌ ضَحْضاحُ

  قال الأَصمعيّ: هو القليلُ على كلِّ حالٍ.

  والضَّحْضَحَة، والضَّحْضَحُ بالفَتْح، والضُّحْضُح⁣(⁣١) بالضَّمّ جَرْيُ السَّرابِ.

  وضَحْضَحَ الأَمرُ: تَبَيَّنَ وظَهَرَ.

  * ومما يستدرك عليه:

  ماءٌ ضَحْضاحٌ: قَريبُ القَعْرِ.

  وفي الحديث الّذِي يُرْوَى في أَبي طالب: «وجَدْتُهُ فِي غَمَرَات مِنَ النَّارِ فأَخْرَجْتُه إِلى ضَحْضاح». وفي رواية: في ضَحْضاحٍ مِن نَارٍ يَغْلِي منه دِمَاغُه.

  الضَّحْضَاح في الأَصلِ: ما رَقَّ من الماءِ على وَجْهِ الأَرضِ ما يبلغُ الكَعبينِ، فاستعارَه للنّار.

  [ضرح]: ضَرَحَه، كمنَعه، دَفَعَه ونَحَّاه، وفي اللسان: الضَّرْحُ: أَنْ يُؤخَذَ شَيْءٌ فيُرْمَى به في نَاحِيَةٍ وزاد في شرْح أَمالِي القالي أَنّ ضَرَحَه دَفَعَه برِجْلِه خاصَّةً؛ نَقَلَه شيخُنا.

  وعبارة الصّحاح والأَساس واللّسان تفيد أَنّ الضَّرْحَ هو الدَّفْعُ مطلقاً. قال الشاعر:

  فَلمّا أَنْ أَتَيْنَ على أُضَاخٍ

  ضَرَحْنَ حَصَاهُ أَشْتَاتاً عِزِينَا

  ومن المجاز: ضَرَحَ شَهادَةَ فُلانٍ عَنِّي: جَرَحَها وأَلْقاها عَنِّي⁣(⁣٢) لئلّا يَشْهدوا⁣(⁣٣) عليَّ بباطلٍ. وضَرَحَتِ الدّابّةُ برِجْلِها تَضْرَحُ ضَرْحاً: رمَحتْ، كضَرَحَتْ - وفي نُسخة: كضَرَح - ضِرَاحاً ككَتَب كِتَاباً؛ وهذا عن سيبويهِ، وهي ضَروحٌ. قال العجّاج:

  وفي الدَّهاسِ مِضْبَرٍ ضَرُوحِ

  وفي اللّسان⁣(⁣٤): الضَّرُوحُ: الفَرَسُ النَّفوحُ برِجْلِه، وفيها ضِرَاحٌ، بالكسر وقيل ضرْحُ الخَيْلِ بأَيْدِيهَا، ورَمْحُها بأَرْجُلِهَا. وضَرَحَ، كمنَعَ للمَيتِ: حَفَر له ضَرِيحاً، من الضَّرْحِ، وهو الشَّقُّ والحَفْرُ.

  وفي حديثِ دَفْنِ النّبيّ ÷: «نُرسِلُ إِلى اللّاحِدِ والضّارِحِ، فأَيُّهما سَبَقَ تَرَكْنَاه».

  وضَرَحَت السُّوقُ ضُرُوحاً وضَرْحاً: كَسَدَتْ، وقد أَضرَحْتُها حتَّى ضَرَحَتْ.

  والضَّرَحُ، محرّكةً: الرَّجُلُ الفاسِدُ، قاله المُؤرِّج. ومنه أَضْرَحْت فُلاناً، أَي أَفْسدْته. وقال عَرّام: نِيَّةٌ ضَرَحٌ وطَرَحٌ، أَي بَعيدة. وقال غيره: ضَرَحَه وطَرَحه: بمعنى واحدٍ. وقيل: نِيَّةٌ نزَحٌ ونَفَحٌ وطَوَحٌ وضَرَحٌ ومَصَحٌ وطَمَحٌ وطَرَحٌ، أَي بَعيدَةٌ. وأَحالَ ذلك على نوادر الأَعرَابِ.

  وضَرَاحِ، عنه كقَطامِ، أَي اضْرَحْ، أَي أَبعِدْ، وهو اسمُ فِعْلٍ كَنَزَالِ.

  والضَّرِيحُ: البَعيدُ فَعِيل بمعنَى مَفْعُول: قال أَبو ذؤَيب:

  عَصَانِي الفُؤادُ فأَسْلَمْتُهُ

  ولَمْ أَكُ مِمَّا عَناهُ ضَرِيحَا

  ونَوَّرَ الله ضُريحَه. الضَّرِيُح: القَبْرُ كلُّه. قال الأَزهريُّ: لأَنّه يُشَقّ في الأَرض شَقًّا.

  وفي حديث سَطِيح: «أَوْفَى على الضَّرِيح».

  أَو الضَّريح: الشَّقُّ في وَسَطِه كالضَّرِيحَة، واللَّحْدُ: في الجانِب؛ كذا في التّهذيب في «لحد»، أَو الضَّريح: قَبْرٌ بلا لَحْد.

  وقد ضَرَحَ للمَيتِ يَضْرَحُ ضَرْحاً، إِذا حَفَرَ له. ولا يَخْفَى أَنه مع ما قبله تكرارٌ.

  والضُّرَاحُ كغُرَابٍ، ويُروَى: الضَّريح: بَيْتٌ في السَّماءِ مُقابِلَ الكَعْبة في الأَرض، قيل: هو البَيْتُ المَعْمُورُ؛ عن ابن عبّاس ®، من المُضارَحةِ: وهي المُقَابلَةُ والمُضَارَعة. وقد جاءَ ذِكْرُه في حديث عليٍّ ومُجاهد. قال ابن الأَثير: ومن رواه بالصّاد فقد صَحَّفَ. واختُلِف في مَحَلِّه: فقيل: إِنه في السّماءِ الرّابعةِ. ومثلُه في تفسير القَاضي، في آل عمران. وجاءَ من وَجْهٍ مَرفوعاً عن أَنَس ¥، ومن وجْهٍ آخَرَ عن محمّدِ بنِ عبَّادِ بنِ جعفرٍ، وعليه اعتمدَ المصنِّف والقاضي. وجَزَمَ جماعةٌ من الحُفّاظ بأَنّه في السَّماءِ السَّابعةِ، بغير خلاف. وبه جَزَمَ الحافظُ ابنُ حَجرٍ في فتْح الباري. وقيل: هو في السماءِ


(١) في اللسان: و «التضحضح» وفي التهذيب: والتضحيح.

(٢) كلمة «عني» وردت في متن إِحدى نسخ القاموس.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية «قوله لئلا يشهدوا المناسب: يشهد، والشارح تبع اللسان، ففي اللسان: ضرح عنه شهادة القوم بالجمع بدل فلان.

(٤) في المطبوعة الكويتية تكرر جملة: «وفي اللسان: الضروح الفرس النفوح» خطأ.