تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[دثر]:

صفحة 392 - الجزء 6

  ومن المَجَاز: جَعَله دَبْرَ⁣(⁣١) أُذُنِه إِذا أُعْرضَ عنه. ووَلَّى دُبُرَه: انهزمَ. وكانت الدَّبْرةُ له: انْهزَم قِرْنُه، وعليه⁣(⁣٢): انهزمَ هو. وَوَلّوا دُبُرَهم⁣(⁣٣) مُنْهَزِمين. ودَبَرَتْ له الرِّيحُ بعد ما قَبَلَتْ⁣(⁣٤)، ودَبَر بعد إِقبال. وتقول: عَصَفَت دَبُورُه، وسَقَطت عَبُورُه⁣(⁣٥)، وكلّ ذلك مَجَازٌ.

  وكَفْر دَبُّور، كتَنّور: قَرية بمصر.

  والدَّيْبور: موضع في شعر أَبي عباد، ذكره البَكْرِيّ⁣(⁣٦).

  ودَبْرَةُ، بفتح فسكون: ناحيةٌ شاميّة.

  [دثر]: الدَّثْرُ، بالفَتْح: المَالُ الكَثِيرُ، لا يُثنَّى ولا يُجْمَع. يقال: مَالٌ دَثْرٌ، ومَالانِ دَثْرٌ، وأَموالٌ دَثْرٌ. وقيل: هو الكَثِير من كُلّ شيْءٍ. وفي الحَدِيث: «ذَهَبَ أَهلُ الدُّثُورِ بالأُجُورِ». قال أَبو عُبَيد: يقال: هم أَهلُ دَثْر ودُثُور، وهو مَجَاز. وأَما عَسْكَرٌ دَثِرٌ، أَي كَثِير، كما نقله الجوهريّ وغيره، فالتَّحْرِيك فيه لِضَرُورَة الشِّعْر، قال امرؤُ القَيْس:

  لعَمْرِي لقَوْمٌ قد تَرَى في دِيَارِهمْ ... مَرابِطَ للأَمْهارِ والعَكَرِ الدَّثِرْ

  والأَصل الدَّثْر، فحرَّك الثاءَ ليَسْتَقِيم له الوزْنُ.

  وعن ابن شُمَيْل: الدَّثَرُ، بالتَّحْرِيك: الوَسَخُ، وقد دَثَرَ دُثُوراً، إِذا اتَّسَخَ.

  ودَثِرٌ: بلَا لامٍ: حِصْنٌ باليمنِ، من حُصون ذَمَارِ الشَّرْقيّة.

  والدُّثُورُ: الدُّرُوسُ، كالانْدِثارِ، وقد دَثَرَ الرَّسْمُ وتَدَاثَرَ وانْدَثَر: قَدُمَ ودَرَسَ وعَفَا. قال ذُو الرُّمّة:

  أَشاقَتْكَ أَخلاقُ الرُّسُومِ الدَّواثِرِ⁣(⁣٧)

  واستعار بعضُ الشُّعَراءِ ذلك للحَسَبِ اتّساعاً فَقَال:

  في فِتْيَةٍ بُسُطِ الأَكُفِّ مَسَامِحٍ ... عنْد القِتَالِ قَدِيمُهمْ لمْ يَدْثُرِ

  أَي حَسَبُهم لم يَبْلَ ولا دَرَسَ.

  والدُّثُور للنَّفْسِ⁣(⁣٨): سُرْعَةُ نِسْيَانِها، قاله شَمِرٌ. والدُّثُور للقَلْب: امِّحَاءُ الذِّكرِ منه ودُرُوسُه، قاله شَمِرٌ.

  ومِن المَجاز: ما رُوِيَ عن الحَسَن أَنَّه قال: «حادِثُوا هذِه القُلُوبَ بذِكْر الله فإِنَّهَا سَرِيعَةُ الدُّثُور». قال أَبو عُبَيْدٍ: يَعنِي دُرُوس ذِكْرِ الله وامّحاءَهُ منها. يقول: اجْلُوهَا واغْسِلُوا الرَّيْنَ والطَّبَعَ الذي عَلاهَا، بذِكْر الله. زاد الأَزهريّ: كما يُحادَث السَّيفُ إِذا صُقِلَ وجُلِيَ. ومنه قول لَبِيد:

  كمِثْل السَّيْفِ حُودِثَ بالصِّقَالِ⁣(⁣٩)

  أَي جُلِيَ وصُقِلُ.

  وفي حَدِيث أَبِي الدَّرْداءِ: «إِنّ القَلْبَ يَدْثُر كما يَدْثُرُ السَّيْفُ فجِلاؤُه ذِكْر الله» أَي يَصْدأُ كما يَصْدَأُ السَّيْف.

  وأَصل الدُّثُورِ الدُّرُوسُ، وهو أَن تَهُبّ الرِّياحُ على المَنْزل فتُغَشِّيَ رُسُومُه الرَّمْلَ وتُغَطِّيَه⁣(⁣١٠) بالتُّرَاب. وفي حديث عائِشَةَ: «دَثَرَ مكانُ البَيْتِ فلم يَحُجَّه هُودٌ، #.

  والدَّثُور، بالفَتْحِ: البَطِئُ⁣(⁣١١) الثَّقِيل الذي لا يكاد يَبْرحُ مكانَه. قال طُفَيْل:

  إِذَا ساقَهَا الرَّاعِي الدَّثُورُ حَسِبْتَها ... رِكَابَ عِرَاقِيٍّ مَوَاقِيرَ تُدْفَعُ

  والدَّثُورُ أَيضاً: الخامِلُ الَّنؤُومُ، وهو مَجَاز.

  والدَّاثِرُ: الهالِكُ، ومنه قولهم: فُلانٌ خَاسِرٌ دَاثِرٌ. وقال بَعْضٌ: هو إِتباعٌ. والدّاثِر: الغافِلُ، كالأَدْثَرِ. والّذِي في اللِّسَان: رَجُلٌ دَثْرٌ: غافِلٌ، وداثِرٌ مثلُه.


(١) عن الأساس، وبالأصل: «دابر».

(٢) في الأساس: وكانت الدبرة عليه: إذا انهزم هو.

(٣) الأساس: دبرة.

(٤) عن الأساس، وبالأصل «أقبلت» وزيد بالأساس: إذا أدبر بعد الإقبال.

(٥) زيد في الأساس: أي غاب نجمه.

(٦) كذا ولم يرد في معجم ما استعجم.

(٧) ديوانه وعجزه فيه:

بأدعاص حوضى المعنقات النوادرِ

(٨) في التهذيب واللسان: ودثور النفوس.

(٩) الديوان وصدره فيه:

وأصبح يقتري الحومانَ فرداً

(١٠) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وتغطيه الخ عبارة اللسان وتغطيها، بتأنيث الضمير وهي ظاهرة اه» وفي النهاية واللسان: «بالرمل» بدل «الرمل».

(١١) في القاموس: «الرجل البطيء» ونبه إلى ذلك بهامش المطبوعة المصرية.