تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بخنق]:

صفحة 17 - الجزء 13

  * ومما يُسْتَدْرَكُ عليه:

  [بحنق]⁣(⁣١): البُحْنُقُ كعُصْفُرٍ، والحاءُ مهمَلَةٌ: جِلْبابُ الجَرادِ، نقَلَه ابنُ بَرِّيٍّ عن بعضِ بَنِي عُقَيْلٍ.

  [بخنق]: البُخْنُقُ، كجُنْدَبٍ وعُصْفُرٍ هكَذا هو في سائِرِ النُّسَخِ بالحُمْرَةِ، وهو مَوْجُودٌ في نُسَخِ الصِّحاحِ في تَرْكِيبِ «ب خ ق» على أَنَّ النُّونَ زائِدَةٌ، واقْتَصَرَ في الضّبْطِ على الوَجْهِ الأَخِيرِ، والأَوَّلُ عن شَمِر وأَبي الهَيْثَمِ، كما في التَّكْمِلَةِ، قال: وهي خِرقَة تَتَقَنَّعُ بِها الجارِيَةُ، فَتَشُدُّ طَرَفَيْها تَحْتَ حَنَكِها، لتَقِيَ الخِمارَ مِن الدُّهْنِ، والدُّهْنَ مِن الغُبارِ وهو قَولُ شَمِرٍ وأَبِي الهَيْثم، وقال ابنُ سِيدَه: وقيلَ: خِرْقَةٌ تَلْبَسُها المَرْأَةُ، فتُغَطِّي رَأْسَها ما قَبَلَ منه وما دَبَرَ، غيرَ وَسَطِ رَأْسِها، وبعضُهم يُسَمِّيه المِحْنَكَ، وقالَ اللِّحْيانيُّ: هو أَنْ تُخاطَ خِرْقَةٌ مع الدِّرْعِ فيَصِيرَ كأَنَّه تُرْسٌ، فتَجْعَلَه المَرْأَةُ على رَأْسِها.

  وقالَ اللَّيْثُ: البُخْنُقُ: البُرْقُعُ يُغَشِّى العُنُقَ والصَّدْرَ، وكذلِكَ البُرْنُسُ الصَّغِيرانِ وأَنْشَدَ لذِي الرُّمَّةِ:

  عَلَيْهِ مِنَ الظَّلْماءِ جُلٌّ وبُخْنُقُ

  هكذا أَنْشَدَه، قالَ الصّاغانيُّ: والرِّوايَةُ:

  عَلَيْها من الظَّلْماءِ جُلٌّ وخَنْدَقُ

  وصَدْرُه:

  وتَيْهاءَ تُودِي بَيْنَ أَرْجائِها الصَّبَا

  وقال ابنُ دُرَيْدٍ:(⁣٢) البُخْنُقُ: بُرْقُعٌ صَغِيرٌ، أَو مِقْنَعَةٌ صَغِيرَةٌ.

  وقالَ اللَّيْثُ: البُخْنُقُ: جِلْبابُ الجَرادِ الَّذِي عَلَى أَصْلِ عُنُقِه وجَمْعُه بَخانِقُ، وبعضُ بَنِي عُقَيْلٍ يُقُولُ: بُحْنُقٌ، بالحاءِ المُهْمَلَةِ، كما تَقَدَّمَ، ونَقَلَ ابنُ بَرِّي عن ابنِ خَالَوَيْهِ: البُخْنُقُ: أَصْلُ عُنُقِ الجَرادَةِ.

  * ومما يُسْتَدْرَكُ عليه:

  المبَخْنَقُ من الخَيْلِ: الّذِي أَخَذَتْ غُرَّتُه لَحْيَيْهِ إِلى أُصُولِ أُذُنَيْهِ، كما في اللِّسانِ.

  [بذرق]: البَذْرَقَةُ أَهمَلَه الجَوْهَريُّ، وهو بالذّالِ المُعْجَمَةِ والمُهْمَلَةِ وقالَ ابنُ بَرِّيّ: هي الخُفارَةُ ومنهُ قولُ المُتَنَبِّي: «أُبَذْرَقُ ومَعِي سَيْفِي» وقاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وفي المُحْكَمِ: هي فارسيٌّ مُعَرَّبُ، وهو قولُ ابنِ دُرَيْدٍ⁣(⁣٣)، وقالَ الهَرَويُّ في فَصْل «عصم» من كتابِه الغَرِيبَيْنِ: إِنَّ البَذْرَقَةَ يُقالُ لها: عِصْمَةٌ، أَي: يُعْتَصَمُ بها، وقالَ ابنُ خَالَوَيْهِ: ليْسَت البَذْرَقَةُ عَرَبيَّةً، وإِنّما هي فارسِيَّةٌ، فعَرَّبَتْهَا العَرَبُ، يُقال: بَعَثَ السُّلْطانُ بَذْرَقَةً مع القافِلَةِ، بالذال مُعْجَمَةً.

  قلتُ: وأَصْلُ هذه الكَلِمَةِ مُرَكَّبَة من: «بَدْ» «ورَاه» والمَعْنَى: الطَّرِيقُ الرَّدِيءُ، فعَرَّبُوا الهاءَ بالقافِ، وأَعْجَمُوا الذّال.

  والمُبَذْرِقُ: الخَفيرُ نقَلَه الصّاغانيُّ.

  [بذق]: الباذِقُ، بكَسْرِ الذّالِ، وفَتْحِها أَهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ، وقالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هي كَلمَةٌ فارِسيَّةٌ عُرِّبَتْ، فلم نَعْرفْها، قالَ: وهو تَعْريبُ بادَهْ⁣(⁣٤) وهو اسمُ الخَمْرِ بالفارِسِيَّةِ.

  وقالَ غيرُه: هو ما طُبِخَ من عَصِيرِ العِنَبِ أَدْنَى طَبْخَةٍ، فصارَ شَدِيداً وأَوَّلُ من وَضَعَه بَنُو أُمَيَّةَ؛ ليَنْقُلُوه عن اسمِ الخَمْرِ، وكُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ؛ لأَنَّ الاسْمَ لا يَنْقُلُهُ عن مَعْناه المَوْجُودِ فيهِ، قالَهُ في المَطالِعِ، وأَصْلُه في المَشارِقِ.

  قلتُ: كيفَ يَكونُ ذلِك وقَدْ سُئِلَ عَنْهُ ابنُ عَبّاسٍ فَقالَ: «سَبَقَ محمَّدٌ الباذَقَ، وما أَسْكَرَ فهُوَ حَرامٌ» فهذا يَدُلُّ على أَنّه مَعْرُوفٌ قبلَ بَنِي أُمَيَّةَ، ومَعْنَى الحَدِيثِ: أَي سَبَقَ قولُه فيهِ، وفي غَيْرِه من جِنْسِه، وقِيلَ: أَيْ لم يَكُنْ في زَمانِه، فتَأَمّلْ.

  وحاذِقٌ باذِقٌ: إتْباعٌ لَه.

  ومِمّا عُرِّبَ من هذا التَّرْكِيبِ: البَياذِقَهُ: هم الرَّجَّالَةُ وهي تَعْريبُ بيادِه⁣(⁣٥)، ومنه بَيْذَقُ الشِّطْرَنْجِ، وحَذَفَ الشّاعِرُ الياءَ فقالَ:

  وللشَّرِّ سُوّاقٌ خِفافٌ بُذُوقُها

  أَرادَ: خِفافٌ بَياذِقُها، كأَنَّه جَعَلَ البَيْذَقَ بَذْقاً، قالَهُ ابنُ


(١) ذكرت في اللسان في مادة «بخنق» بالخاء. وحقها أن يكون موضعها قبل مادة «بخق».

(٢) الجمهرة ٣/ ٣٠٤.

(٣) انظر الجمهرة ٣/ ٣٠٤.

(٤) في اللسان: «باذَه» ومثله في التكملة، وهو قول ابن الأثير كما صرح اللسان.

(٥) في التكملة: «بَيَاذه».