تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[فشأ]:

صفحة 210 - الجزء 1

  لأَبي سُفيانَ تَأَلُّفَه على الإِسلام فقال: أَنت في الناس كحِمَارِ الوَحشِ في الصَّيْدِ. وقال أَبو العباس: معناه: إِذا حَجَبْتُك⁣(⁣١) قَنِع كُلُّ مَحجُوبٍ ورَضِي، لأَن كل صيدٍ أَقلُّ من الحمار الوحشيّ، فكلُّ صَيْدٍ لِصِغره يدخل في جوف الحِمار، وذلك أَنه حَجَبه وأَذِن لغيره، فيُضْرَب هذا المثلُ للرجل تكون له حاجاتٌ، منها واحدةٌ كبيرة، فإِذا قُضِيَتْ تلك الكبيرةُ لم يُبالِ أَنْ لا تُقْضَى باقي حاجاته. انتهى. وأَما قولهم أَنْكَحْنَا الفَرَا فَسَنَرى، فإِنما هو على التخفيف البَدَلِيّ مُوَافَقَة لِسَنَرى، لأنه مَثَلٌ، والأمثالُ مَوضُوعَةٌ على الوَقْفِ فلما سكنت الهمزة ابْدِلت أَلِفاً لانْفِتاحِ ما قبلها، ومعناه: قد طَلَبْنَا عالِي الأُمورِ فسنَرَى أَمْرَنَا⁣(⁣٢) بَعْدُ. قال ذلك ثعلبٌ، وقال الأَصمعيُّ: يُضْرب مَثلاً للرجل إِذا غُرِّرَ بِأَمْرٍ فلم يَرَ ما يُحِبُّ. أَي ضَيَّعْنا الحَزْمَ فآلَ بنا إِلى عاقِبَةِ سُوءٍ، وقيل معناه: إِنا قد نظرنا في الأَمر، فسننظُرُ عمَّا يَنْكَشِفُ، ومعنى كلّ الصيدِ في جَوْفِ الفرا أَي كُلُّه دُونَه لا يَصِلُ إِلى مَرْتَبتِه ولا يَحْصُل به مثلُ ما بالفَرَا من كَثْرة اللحْم.

  وَفَرَأٌ مُحرَّكَةً: جزيرةٌ باليَمن من جزائر البَحْرِ ما بين عَدَن والسِّرَّيْنِ.

  [فسأ]: فَسَأَ الثَّوْبَ، كجَمَع يَفْسَؤُه فَسْأً: شَقَّه⁣(⁣٣) وفي العُباب: مَدَّهُ حتى تَفَزَّر كَفَسَّأَهُ تَفْسِئَةً فَتَفَسَّأَ أَي تَشَقَّق، وتَفسَّأَ الثوْبُ أَي تَقطَّعَ وَبِليَ وفَسَأَ فُلَاناً يَفْسَؤُه فَسْأً: ضَرَّبَ ظَهْرَه بالعَصَا وعن أَبي زيد: يقال: فَسَأْتُه بالعَصَا إِذا ضَرَبْتَ به ظَهْرَه كَتَفَسَّأَهُ، وفَسَأَ فُلاناً عنه أَي مَنَعَه وقال ابنُ سِيده في المُحْكم: الأَفْسَأُ هو أَلأَبْزَخُ. بالباء الموحَّدة والزاي والخاء المُعجمتَيْنِ أَو الذي وفي لسان العرب: هو الذي خرجَ صَدْرُه وَنَتَأَتَ ارتفعَتْ خَثْلَتُه بفتح الخاء المعجمة وسكون الثاء المثلثة وفتحهما معاً: ما بَيْنَ السُّرَّة والعَانَةِ والأُنثى من ذلك فَسْآءُ كَحَمْرَاءَ أَو الأَفسأُ هو الذي إِذا مَضَى كأَنّه يُرَجِّع اسْتَه⁣(⁣٤)، كالمَفْسُوءِ أَنشد ثَعلب:

  قد خَطِئَتْ أُمُّ حُبَيْنٍ بِأَذَنّ ... بِخَارِجِ الخَثْلَةِ مَفْسُوءِ القَطَنْ

  وفي التهذيب:

  بِنَاتِئِ الجَبْهَةِ مَفْسُوءِ القَطَنْ

  ومثله في العُباب أَو الأَفسأ: مَنْ إِذَا قَعَدَ لا يَستطيع أَن يَقُوم إِلَّا بِجَهْدٍ شديدٍ، كذا في بعض الحواشي، وبه صَدَّر في العُباب أو الأَفسأَ: مَنْ دَخَل صُلْبُه في وَرِكَيْهِ والأَفْقَأُ: مَن خَرج صَدْرُه، وفي وَرِكَيْهِ فَسَأٌ، كُلُّ ذلك عن ابن الأَعرابيّ، وفَسِئَ كَفَرِحَ، في الكُلِّ مما ذكر، والاسْمُ من الكلِّ فَسَأٌ محركة.

  وتفاسَأَ الرجُلُ تَفَاسُؤاً بهمز وغير همز: أَخرَج عَجِيزَته وظَهْره وَتَفَسّأَ فيهم المَرَضُ إِذَا انتَشَر بهم وَعمَّهم.

  [فشأ]: كَتَفَشَّأَ بالشين المعجمة⁣(⁣٥).

  قاله أَبو زيد وأَنشد:

  وَأَمْرٌ عَظِيمُ الشَّأْنِ يُرْهَبُ هوْلُهُ ... وَيَعْيَا بِهِ مَنْ كَانَ يُحْسَبُ رَاقِيَا

  تَفَشَّأَ إِخْوَانَ الشِّقاتِ فَعَمَّهُمْ ... فَأَسْكَتُّ عني المُعْوِلَاتِ البَوَاكِيَا

  والفَشْءُ: الفَخْرُ قاله ابن بُزُرْجَ، يقال فَشَأَ الرجلُ كمَنَع وأَفْشَأَ إِذا اسْتَكْبَر قال أَبو حزام العُكلي:

  وَنِدُّكَ مُفْشِئ رَيَّخْتُ مِنْهُ ... نَؤُوراً آضَ رِئْدَ نَؤُورِ عُوطِ⁣(⁣٦)

  وَتَفَشَّأَ فلانٌ به إِذا سَخِرَ منه واستهزَأَ به.


(١) اللسان: حجبك.

(٢) اللسان: أعمالنا.

(٣) في المطبوعة الكويتية: «شقة» تحريف.

(٤) في اللسان: «كأنه إذا مشى يُرجع استه» وفي نسخة ثانية للقاموس: «توجّع استه».

(٥) كذا بالأصل، وقد جعلت في اللسان مادة مستقلة: «فشأ» وفيه: تفشأ بالقوم المرض، بالهمز، تفشؤاً إذا انتشر فيهم.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله وندك هكذا بالنسخ وفي نسخة الصاغاني التي بيدي ومذك ولعله مصحف على مذل أو نذل بمعنى خسيس فليحرر فإني لم أجد في القاموس ولا في اللسان لفظة مذك اه. قال الصاغاني ريخت لينت والنؤر النفور والعوط جمع عائط وهي التي لم تلقح اه».