تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[منأ]:

صفحة 253 - الجزء 1

  ومعرفة بالكَفِّ عَجْلَى وجَفْنَة ... ذَوَائِبُهَا مِثْلَ المُلَاءَةِ تضربُ

  وفي أَحكام الأَساس: ومن المجاز قولُهم: عَلَيْها⁣(⁣١) مُلَاءَةُ الحُسْنِ. وجَمَّش فَتًى من العَربِ حَضَرِيَّةً فَتَشَاحَّتْ عليه، فقال لها: [واللهِ] مَا لَكِ مُلَاءَةُ الحُسْنِ ولا عَمُودُه ولا بُرْنُسُه، فما هذا الامتناعُ؟ مُلَاءَة الحُسْنِ: البَياضُ⁣(⁣٢). وعَمُوده: الطُّولُ، وبُرْنُسه: الشَّعر.

  وَمَلَأَه على الأَمْرِ كَمَنَعه، ليس بمشهور عند اللغويين: سَاعَده وشَايَعَه أَي أَعانه وَقَوَّاه، كَمَالأَهُ عليه مُمَالأَةً.

  وَتَمَالَئُوا عليه أَي اجْتَمعُوا، قال الشاعر:

  وَتَحَدَّثُوا مَلأً لِتُصْبِحَ أُمُّنَا ... عَذْرَاءَ لَا كَهْلٌ وَلَا مَوْلُودُ

  أَي تَشاوَرُوا وَتَحَدَّثُوا مُتَمالِئينَ على ذلك لِيَقْتُلونا أَجمعينَ، فتُصْبِح أُمُّنا كالعذراءِ التي لا ولدَ لها. قال أَبو عبيد: يقالُ للقومِ إِذا تَتابَعُوا بِرَأْيِهم على أَمْرٍ: قد تَمَالَئُوا عليه. وعن ابن الأَعرابيِّ: مالأَه، إِذا عَاوَنه، وَلَامَأَه: إِذَا صَحِبَه أَشْبَاهُه. وفي حديث عليٍّ: واللهِ ما قَتَلْتُ عُثمَانَ ولا مَالأْتُ على قَتْلِهِ. أَي ما ساعدت ولا عَاوَنْتُ.

  وفي حديث عُمَر: لو تَمَالأَ عليهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لأَقَدْتُهم به⁣(⁣٣). أَي لو تَضَافَروا عليه وتَعَاوَنُوا وتَساعدوا. ويقال:

  أَحْسِنِي مَلأً جُهَيْنَا

  أَي أَحْسنِي مُمَالأَةً، أَي مُعاونَةً، مِن مَالأْتُ فُلاناً: ظَاهَرْته.

  والمِلْءُ بالكَسرِ: اسمُ ما يأْخُذُه الإِناءُ إِذا امتلأَ يقال: أَعْطِه أَي القَدَحَ مِلْأَهُ ومِلْأَيْهِ وثَلَاثَةَ أَمْلَائِهِ وحَجَرٌ مِلْءُ الكَفِّ. وفي دُعَاءِ الصلاة: «لك الحَمْدُ مِلْءَ السّمواتِ والأَرض»، هذا تَمْثِيل، لأَن الكَلام لا يَسع الأَماكِنَ، والمُراد به كَثْرَةُ العَددِ⁣(⁣٤). وفي حديث إِسلام أَبي ذَرٍّ قال لنا كَلِمةٌ تَمْلأُ الفَم. أَي أَنها عَظيمةٌ شَنِيعةٌ، لا يَجوز أَن تُحْكَى وتُقال، فكأَنّ الفَمَ مَلْآنُ بها، لا يَقْدِر على النُّطْقِ. ومنه في الحديث: «امْلَئُوا أَفْواهَكُم مِنَ القُرْآن» وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ: مِلْءُ كِسَائِهَا وغَيْظُ جَارَتِها. أَرادت أَنها سَمِينَةٌ، فإِذا تَغطَّت بكسائها مَلأَتْه.

  والمِلْأَةُ بِهَاءٍ: هَيْئَةُ الامْتِلاءِ وإِنه لَحَسَنُ المِلْأةِ، وقد تَقدَّم وَمصْدَرُ مَلأَهُ بالفَتح، وقد تَقدَّمَ أَيضاً، فذكره كالاستدراك. وفي حديث عِمْرانَ [ومزادة الماء]⁣(⁣٥): إِنّه لَيُخَيَّلُ إِلينا أَنها أَشدُّ مِلْأَةً منها حين ابْتُدِئَ فيها. أَي أَشدُّ امتلاءً والمِلْأَة⁣(⁣٦) أَيضاً الِكَظَّةُ مضبوطٌ عندنا بالكسر، وضبطه شيخُنا بالفتح مِنَ الطَّعامِ هو ما يَعْترِي الإِنسانَ مِن الكَرْبِ عند الامتلاءِ منه.

  ومن المجاز، كذا في الأَساس وتبعه المناوِي أَملأَ النَّزْعَ في قَوْسهِ وَملأَ مُضعَّفاً إِذا أَغْرَق في النَّزْعِ، وقيل مَلأَ في قَوْسِه: غَرَّقَ النُّشَّابَةَ والسَّهْمَ، وأَمْلأْتُ النَّزْعَ في القَوس، إِذا شَدَدْتَ النَّزْعَ فيها. وفي التهذيب: يقال: أَملأَ فُلانٌ في قَوْسِه إِذا أَغْرق في النَّزْعِ. ومَلأَ فُلانٌ فُرُوجَ فَرَسه، إِذا حَمَله على أَشَدِّ الحُضْرِ. وقد أَغفله المؤلف.

  والمُمْلِئُ: شَاةٌ في بَطْنِهَا ماءٌ وأَغْرَاسٌ جمع غِرْسٍ، بالكسر، جِلْدَة على جَبْهَة الفَصِيل، وسيأْتي، فَتَحْسَبُها حَامِلاً لامْتِلاءِ بَطْنِها.

  ومن المجاز: نَظرتُ إِليه فملأْتُ منه عَيْنِي، وهو مَلْآنُ من الكَرَمِ ومُلِئَ ومُلِّئَ رُعْباً⁣(⁣٧). وفلانٌ مَلأَ ثِيابي، إِذا رَشَّ⁣(⁣٨) عليه طِيناً أَو غيرَه، كذا في الأَحكام.

  [منأ]: المَنِيئَةَ على فَعِيلة، هو الجِلْدُ أَوَّلَ ما يُدْبَغُ، ثم هو أَفِيقٌ، ثم أَدِيمٌ. قال حُميد بن ثَوْرٍ:

  إِذَا أَنْتَ بَاكَرْتَ المَنِيئَةَ بَاكَرَتْ ... مَدَاكاً لَهَا مِنْ زَعْفَرَانٍ وإِثْمِدَا

  والمَدْبَغَةُ نقله الجوهريّ عن الأَصمعيّ والكِسائيّ وقَوْلُ أَبي عَلِيٍّ الفارسيِّ: إِن المَنِيئَة مَفْعِلَةٌ من اللَّحْمِ النِّيءِ قال


(١) عن الأساس، وبالأصل عليه.

(٢) الأساس: ملاءته: البياض.

(٣) وكان عمر قد قتل سبعة نفر برجل قتلوه غيلة.

(٤) ويجوز أن يكون المراد به تفخيم شأن كلمة الحمد، ويجوز أن يراد به أجرها وثوابها.

(٥) عن النهاية واللسان.

(٦) اللسان: والمِلءُ.

(٧) عن اللسان، وفي الأساس: «ومُلئ رعباً ومُلّئ» وبالأصل: «وملؤ رعباً».

(٨) الأساس: رشش عليه طيناً أو دماً أو غيرهما.