[درر]:
  [درر]: الدَّرُّ، بالفَتْح: النَّفْسُ. ودَفَع الله عن دَرِّه، أَي عن نَفْسه، حكاه اللِّحيانيّ.
  والدَّرُّ: اللَّبَنُ ما كان. قال:
  طَوَى أُمَّهاتِ الدَّرِّ حتّى كأَنَّها ... فَلَافِلُ هِنْديٍّ فهُنَّ لُزُوقُ
  أُمَّهاتُ الدَّرِّ: الأَطْباءُ.
  وفي الحديث: «أَنه نَهَى عن ذَبْح ذَواتِ الدَّرِّ» أَي ذوات اللَّبَن. ويجوز أَن يكون مصدر دَرَّ اللَّبنُ إِذَا جَرَى. ومنه الحَدِيث: «لا يُحْبَس دَرُّكُم»، أَي ذواتُ الدَّرِّ. أَراد أَنها لا تُحشَر إِلى المُصَدِّق ولا تُحْبَسُ عن المَرْعَى إِلى أَن تَجْتَمِع الماشِيَةُ ثم تُعَدّ، لِمَا في ذلك من الإِضرار بها. كالدِّرَّةِ، بالكَسْرِ.
  والدِّرَّة أَيضاً والدَّرُّ: كَثْرَتُه وسَيَلانُه. وفي حديث خُزَيمة: «غَاضَتْ لها الدِّرّة»، وهي اللَّبَن إِذا كَثُرَ وسال، كالاسْتِدْرارِ يقال: استدَرَّ اللَّبَنُ والدَّمعُ ونحوُهما: كَثُرَ. قال أَبو ذُؤَيب:
  إِذا نَهَضَتْ فيه تَصَعَّدَ نَفْرَهَا ... كقِتْرِ الغِلَاءِ مُسْتدِرٌّ صِيَابُهَا
  استعار الدَّرّ لشِدَّةِ دَفْعِ السِّهَامِ.
  ودَرَّ اللَّبَنُ والدَّمْعُ يَدُرُّ، بالضَّمّ ويَدِرُّ، بالكَسْر، دَرًّا ودُرُوراً، وكذلك النَّاقَةُ إِذا حُلِبَت فأَقبلَ منها على الحالِب شَيْءٌ كَثِيرٌ قِيل: دَرَّتْ، وإِذا اجتمعَ في الضَّرْع من العُروق وسائر الجَسَدِ قيل: دَرَّ اللَّبَن. والاسمُ الدَّرَّةُ، بالكَسْرِ وبالفَتْح أَيضاً، كما في اللّسَان. وبهما جاءَ المَثَل: «لا آتِيكَ ما اخْتلفَت الدَّرَّة والجِرَّة» واخْتلافهما أَنَّ الدِّرَّة تَسْفُلُ والجِرَّةَ تَعْلُو، وقد تقدّم.
  وعن ابن الأَعرابيّ: الدَّرُّ: العَمَلُ من خَيرٍ أَو شَرٍّ. ومنه قولهم: لله دَرُّهُ، يكون مَدْحاً، ويكون ذَماًّ، كقولهم: قاتَلَه الله ما أَكْفَرَه، وما أَشْعَره، ومعناه أَي لله عَمَلُه، يقال هذا لِمَن يُمْدَح ويُتَعَجَّب من عَمَلِه. وإِذا ذُمَّ عَملُه قيل: لَا دَرَّ دَرُّه، أَي لا زَكَا عَمَلُه، وكُلُّ ذلك على المَثَلِ. وقِيل: لله دَرُّك مِن رَجُلٍ. معناه لله خَيرُكَ وفعَالُك. وإِذَا شَتَمُوا قالوا: لا دَرَّ دَرُّه، أَي لا كَثُرَ خَيْرُه. وقيل: لله دَرُّك، أَي لله ما خَرَجَ منك من خَيْر. قال ابن سَيدَه: وأَصلُه أَنّ رَجُلاً رأَى آخَرَ يَحلُبُ إِبِلاً، فتعَجَّب من كَثْرةِ لَبَنِهَا، فقال: لله دَرُّك.
  وقيل: أَراد لله صالِحُ عَمَلِك، لأَنَّ الدَّرَّ أَفضلُ ما يُحْتَلَب.
  قال بعضهم: وأَحسبَهُم خَصُّوا اللَّبَن لأَنَّهُم كانُوا يَفْصِدُون النَّاقَةَ فيَشْربُون دَمَهَا ويفْتَظُّونهَا(١) فيشربون ماءَ كَرشِها، فكان اللَّبَنُ أَفضَلَ ما يَحْتَلِبُون.
  قال أَبو بكْرِ: وقال أَهلُ اللُّغَة في قَوْلهم: لله دَرُّه.
  الأَصْلُ فيه أَن الرَّجلَ إِذا كَثُرَ خَيْرُهُ وعَطَاؤُه وإِنَالَتُه النَّاسَ قيل: لله دَرُّه، أَي عَطَاؤُه وما يُؤْخَذُ منه، فشَبَّهوا عَطَاءَه بدَرِّ النّاقَةِ، ثمّ كَثُرَ استِعْمَالُهُم حَتَّى صارُوا يَقُولُونه لكلّ مُتعجَّب مِنْه.
  قلْت: فعُرِفَ ممّا ذَكرْناه كُلّه أَن تَفْسِير الدَّرِّ بالخَيْر والعَطَاءِ والإِنَالَة إِنّما هو تفسيرٌ باللازم، لا أَنَّه شَرْحٌ له على الحَقِيقَة؛ فإِن الدَّرَّ في الأَصل هو اللَّبَن، وإِطلاقُه على ما ذُكِرَ تَجَوُّز، وإِنما أُضِيف للهِ تعالى إِشارَةً إِلى أَنه لا يَقدِر عليه غَيْرُه. قال ابنُ أَحمر:
  بانَ الشَّبَابُ وأَفْنَى دَمْعَه العُمُرُ ... لله دَرِّيَ أَيَّ العَيْشِ أَنْتَظِرُ(٢)
  تعَجَّب من نَفْسه.
  قال الفَرّاءُ: وربما استَعْمَلُوه من غير أَن يقولوا: لله، فيَقُولون: دَرَّ دَرُّ فُلانٍ.
  وأَنشد للمُتَنَخِّل:
  لا دَرَّ دَرِّي إِنْ أَطْعَمْتُ نازِلَهمْ ... قِرْفَ الحَتِيِّ وعنْدِي البُرُّ مَكْنوزُ
  ودَرَّ النَّبَاتُ دَرًّا: الْتَفَّ بعضُه مع بعض لكَثْرته. ودَرَّت الناقَةُ بِلَبَنِها تَدُرّ وتَدِرّ بالضَّمّ، والكَسْرِ، الأَوّلُ على الشُّذُوذ
(١) يقال: افتظ الكرش: شقها.
(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وأفنى دمعه، لعله محرف عن ريعه بمعنى أفضله وأحسنه وأوله كريعانه، قال الشاعر:
قد كان يلهيك ريعان الشباب فقد ... ولى الشباب وهذا الشيب منتظرُ
وقوله أي العيش هكذا بخطه والذي في اللسان فأي العيش فلعلها رواية أخرى اه» ومثله بهامش اللسان. وقال بآخره: والصواب: وأفنى ضِعْفَه ...