تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عنجرد]:

صفحة 129 - الجزء 5

  مُذْ جَهْرٍ، فغابَ عَنِّي. قال ابنُ الأَعرابيِّ: الجَهْرُ: قِطْعَةٌ من الدَّهْرِ.

  والمُعَنْجِدُ، وفي التكملة: المُنَعْجِد: الغَضُوبُ الحَدِيدُ الطَّبْعِ وهذا قد مَرَّ له في عجد.

  وقال ابنُ دُرَيْد ليس له اشتِقَاقٌ يُوضِّح زيادَةَ النُّونِ، لأَنَّه ليس في كلامِ العَرَبِ: عَجْدٌ ولا عَجَدٌ، إِلا أَن يكونَ فِعْلاً مماتاً، ووَهِمَ الجوهريُّ فَذَكَرَهُ لا في الثُّلاثيِّ ولا في الرُّباعيِّ.

  قال شيخُنَا: هو كلامٌ لا معنَى له، فَإِنَّ الجوهَرِيَّ ذَكره في الرُّباعِيِّ ترجمةً مُسْتَقِلَّةً، بعد ترجمة: عجلد. وفَسّره بأَنَّه ضَرْبٌ من الزَّبِيب، واستَدَلَّ به بما أَنشده الخَلِيلُ.

  قلت: وقد ذَكَرَه المصنِّفُ في المَحَلَّين، أَمّا في الثّلاثيِّ فلاحْتمال زيادةِ النُّونِ ... وأَمّا في الرُّباعيِّ فنظراً إِلى قولهم إِنَّ النون لا تُزاد ثانيةً إِلَّا بِثَبتٍ.

  وعَنْجَدٌ، كجَعْفَر، وعَنْجَدَةُ، بزيادة الهاءِ: اسمانِ، قال الشاعر:

  يا قَوْمِ مالي لا أُحِبُّ عَنْجَدَهْ؟ ... وكُلُّ إِنسانٍ يُحِبُّ وَلَدَهْ

  حُبَّ الحُبَارَى ويَذُبُّ عَنَدَهْ⁣(⁣١)

  وسيأْتي: ورافعُ بنُ عَنْجَدَةَ، صحابِيٌّ بَدْرِيٌّ وعَنْجدَةُ أُمَّه، وأَبوهُ عبدُ الحارِث ..

  * ومما يستدرك عليه:

  [عنجرد]: عَنْجَرِد. في التهذيب، عن الفرّاءِ: امرأَة عَنْجَرِدٌ: خَبِيثَةٌ سَيِّئةُ الخُلُقِ، وأَنشد:

  عَنْجَرِدٌ تَحْلِفْ حِينَ أَحلِفُ ... كَمِثْلِ شَيْطَانِ الحَمَاطِ أَعرَفُ

  وقال غيره: امرأَةُ عَنْجَرِدٌ: سَلِيطةٌ. وقد ذَكره المصنِّف في: عجرد. ولا يُسْتَغْنَى عن ذِكْره هنا.

  [عند]: عَنَدَ عَن الحَقِّ، والشيْءِ، والطَّريقِ، كنصَر وسَمِع - هكذا في النُّسخ. والصّواب: وضَرَب ... وهذِه عن الفَرَّاءِ في نوادِرِه، فإِنه قال عَنَدَ عَنِ الطَّرِيقِ يَعْنِد، بالكسر، لغة في يعنُد بالضّمّ، فتأَمَّلْ - وكَرُم، يَعْنُد، ويَعْنَد، ويَعْنِد عُنُوداً كَقُعُودٍ، وعَنَداً، محرَّكةً: تَبَاعَدَ ومالَ وعَدَلَ وانحرَفَ إِلى عَنَدٍ أَيْ جانِبٍ.

  ومن المَجَاز: عَنَدَ العِرْقُ يَعْنُد ويَعنَد ويَعْنِد، هو من الأَبواب الثلاثةِ، نصَر وضَرَبَ وكَرُمَ، الثانية عن الفَرَّاءِ: سالَ فَلَمْ يَرْقَأْ، كَأَعْنَدَ، وهذه عن الصاغانيِّ، وهو عِرْقٌ عانِدٌ، قال عَمْرُو بن مِلْقَطٍ:

  بَطَعْنَةٍ يَجْرِي لها عانِدٌ⁣(⁣٢) ... كالمَاءِ من غائِلَةِ الجابِيَهْ

  وأَعْنَدَ أَنْفُه: كَثُر سَيَلَانُ الدَّمِ منه.

  وسُئِلَ ابنُ عَبَّاسٍ عن المُسْتَحاضَةِ، فقال: «إِنَّه عِرْقٌ عانِدٌ، أَو رَكْضَة مِن الشَّيطانِ» قال أَبو عُبَيْد: العِرْقُ العانِدُ: الَّذي عَنَدَ وبَغَى، كالإِنسان يُعَانِدُ فهذا العِرْقُ في كَثْرةِ ما يَخْرُج مِنْهُ بمنزِلَتِهِ، شُبِّهَ به لكَثْرةِ ما يَخْرُج منه على خِلافِ عادَتِه⁣(⁣٣). وقال الرَّاعِي:

  ونحنُ تَرَكْنَا بالفَعَالِيِّ طَعْنَةً ... لها عَانِدٌ فوْقَ الذِّراعَيْنِ مُسْبِلُ

  وقيل: دَمٌ عانِدٌ: يَسِيلُ جانباً. وقال الكِسَائِيُّ: عَنَدَت الطَّعْنَةُ تَعْنِد وتَعْنُد، إِذا سالَ دَمُها بعيداً من صاحِبِها، وهي طَعْنَةٌ عانِدَةٌ. وعَنَدَ الدَّمُ يَعْنُدُ، إِذا سالَ في جانِبٍ.

  وعَنَدت النّاقَةُ: رَعَتْ وَحْدَها وأَنِفَتْ أَن تَرْعَى مع الإِبِلِ، فهي تَطْلُبُ خِيَارَ المَرْتَعِ، وبعْضُ الإِبِل يَرْتَعُ ما وَجَدَ.

  وعَنَدَ الرَّجُلُ يَعنْد ويَعْنِد عَنْداً وعُنُوداً: عَتَا، وطَغَى، وجاوَزَ قَدْرَه، وخَالَفَ الحَقَّ، ورَدَّهُ عارِفاً بِهِ، كعانَدَ مُعَانَدةً، فهو عَنِيدٌ وعانِدٌ، والعَنُود والعَنِيدُ: بمعنى⁣(⁣٤) فاعلٍ أَو مُفاعِل، والعُنُود بالضّمّ: الجَوْرُ والمَيْلُ عن الحَقِّ. وكان


(١) في اللسان (عند): ويزف بالزاي والفاء. وفي التهذيب: وتدف بالتاء والدال والفاء.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قال في اللسان: «وفسر ابن الاعرابي العاند هنا بالمائل، وعسى أن يكون السائل فصحفه الناقل عنه».

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وقال الراعي: قبله في اللسان: وقيل العائد: الذي لا يرقأ، وقال الخ».

(٤) في اللسان: فعيلٌ وفعولٌ بمعنى فاعل «أو مفاعل».