تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عشو]:

صفحة 676 - الجزء 19

  أَلَم تَرَني تَرَكْتُ أَبا يَزِيدٍ ... وصاحِبَهُ كمِعْساءِ الجَوارِي⁣(⁣١)

  وقوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ}⁣(⁣٢)، الآيَةَ، قُرِئَ بفَتْح السِّيْن وبكسْرِها، أَيْ هل أَنْتُم قَرِيبٌ منَ الفِرارِ.

  ويقالُ للمَرْأَةِ: عَسَتْ أَنْ تَفْعَلَ ذاك وعَسَيْتنَّ وعَسَيْتُم؛ ولا يقالُ منه يَفْعَل ولا فاعل.

  [عشو]: والعَشا، مَقْصورَةً: سُوءُ البَصَرِ باللَّيْلِ والنَّهارِ يكونُ في الناسِ والدّوابِّ والإِبلِ والطَّيْرِ، كما في المُحْكم.

  وقال الراغبُ: ظُلْمةٌ تَعْتَرِضُ العَيْنَ.

  وفي الصِّحاح: هو مَصْدرُ الأَعْشى لمَنْ لا يُبْصِرُ باللّيْلِ ويُبْصِرُ بالنّهارِ؛ كالعَشاوَةِ.

  أَو هو العَمَى، أَي ذهابُ البَصَرِ مُطْلقاً؛ وقد عَشِيَ، كرَضِيَ ودعا، يَعْشَى ويَعْشُو عَشًى، مَقْصورٌ مَصْدَرُ عشى، وهو عَشٍ، مَنْقُوصٌ، وأَعْشَى وهي عَشْواءُ، ورجُلانِ أَعْشَيانِ وامْرأَتانِ عَشْواوانِ.

  وقد أَعْشاهُ اللهُ، فعَشِيَ، وهما يَعْشَيانِ، ولم يقولوا يَعْشَوَانِ، لأنَّ الواوَ لمَّا صارَتْ في الواحِدِ ياءً لكَسْرَةِ ما قَبْلها تُرِكَتْ في التَّثْنِيَةِ على حالِها؛ كما في الصِّحاح.

  وقولُه تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ}⁣(⁣٣)، أَي يَعْمَ.

  وعَشَّى الطَّيْرَ تَعْشِيةً: أَوْقَدَ لها ناراً لتَعْشَى منها فتُصادَ، كذا في المُحْكم.

  وتَعاشَى عن كذا: تَجاهَلَ، كأنَّه لم يَرَه كتَعامَى على المَثَلِ.

  ومن المجازِ: خَبَطَهُ خَبْطَ عَشْواءَ: لم يَتَعَمَّدْهُ، كما في المُحْكم.

  وفي الصِّحاح: ركِبَ فلانٌ العَشْواءَ إذا خَبَطَ أَمْرَه ورَكِبَه على غيرِ بَصِيرَةٍ وبَيانٍ؛ وقيلَ: حَمَلَه على أَمْرٍ غَيْر مُسْتَبينِ الرشدِ فرُبَّما كان فيه ضلالُه، وأَصْلُه مِن العَشْواءِ⁣(⁣٤)، وهي النَّاقَةُ التي لا تُبْصِرُ أَمامَها، فهي تخْبِطُ بيَدَيْها كلَّ شيءٍ ولا تَتَعَهَّدُ مَواضِعَ أَخْفَافِها؛ وقيلَ: أَصْلُه مِن عَشْواءِ الليْل أَي ظلْمائِهِ؛ ويُضْرَبُ هذا مَثَلاً للشارِدِ⁣(⁣٥) الذي يَرْكَبُ رأْسَه ولا يَهْتَمُّ لعاقِبَتِه.

  وعَشا النَّارَ وعَشا إليها عَشْواً، بالفَتْح، وعُشُوّاً، كعُلُوِّ: رآها لَيْلاً من بعيدٍ فقَصَدَها مُسْتَضِيئاً، بها يَرْجُو بها هُدًى وخَيْراً.

  قال الجوهريُّ: وهذا هو الأصْلُ ثم صارَ كلُّ قاصِدٍ عاشِياً.

  وقيلَ: عَشَوْتُ إلى النارِ عَشْواً إِذا اسْتَدْلَلْتُ عليها ببَصَرٍ ضَعِيفٍ؛ قالَ الحُطَيْئة:

  مَتَى تأْتِهِ تَعْشُو إلى ضَوْءِ نارِهِ ... تَجِدْ خَيرَ نارٍ عندَها خَيْرُ مُوقِدِ⁣(⁣٦)

  والمَعْنى: مَتَى تَأْتِهِ عاشِياً.

  كاعْتَشَاها واعْتَشَى بها.

  والعُشْوَةُ، بالضَّم والكسر: تلكَ النَّارُ التي يُسْتَضاءُ بها؛ أَو ما أُخِذَ من نارٍ لتقْتبسَ.

  وقالَ الجوهريُّ: شُعْلَةُ النارِ؛ وأَنْشَدَ:

  كعُشْوةِ القابِسِ تَرْمِي بالشَّرر⁣(⁣٧)

  والعُشْوَةُ: رُكوبُ الأمْرِ على غيرِ بَيانٍ وبَصِيرَةٍ، ويُثَلَّثُ. يقالُ: أَوطأْنَنِي عَشْوَةً وعِشْوةً وعُشْوَةً، أَي أَمْراً مُلْتَبِساً، وذلكَ إذا أَخْبَرْتَه بما أَوْقَعْتَه به في حِيْرَةٍ أَو بَلِيَّةٍ؛ كما في الصِّحاحِ.


(١) اللسان والتهذيب.

(٢) سورة محمد، الآية ٢٢.

(٣) سورة الزخرف، الآية ٣٦.

(٤) في القاموس: العشواءُ بالرفع والكسر ظاهر.

(٥) في اللسان والتهذيب: للسادر.

(٦) ديوانه ط بيروت ص ٥١ واللسان والتهذيب والصحاح والمقاييس ٤/ ٣١٢.

(٧) الصحاح، واللسان والتهذيب وقبله فيهما:

حتى إذا اشتال سهيل بسحرْ