[لبد]:
  وفيه تَكَايُدٌ، أَي تَشَدُّدٌ، وبه فَسَّر السكَّرِيُّ قولَ أَبي ضَبَّةَ الهُذَلِيّ:
  لَقَّيْتُ لَبَّتَه السِّنَانَ فَكَبَّه ... مِنِّي تَكَايُدُ طَعْنَةٍ وتَأَيُّدُ
  وقولهم: لا أَفعل ذلك ولا كَيْداً ولا هَمًّا، أَي لا أَكادُ ولا أَهُمُّ، كقولهم: لا مَكَادَةَ ولا مَهَمَّةَ، وقد تَقَدَّم، وهذه قِطْعَة مِن عِبارة ابنِ بُزُرْج، كما سيأْتي بَيانُها، فلو أَخَّرَها فيما بَعْدُ كان أَلْيَقَ بالسَّبْكِ وأَنْسَبَ.
  واكْتَادَ، افْتَعَلَ من الكَيْدِ، وقال ابنُ بُزُرْج: يقال مِنْ كَادَ: هُمَا يَتَكَايَدَانِ، أَي بالياءِ ولا تَقُلْ أَي أَيُّهَا النحويّ: يَتَكَاوَدَانِ، أَي بالوَاو، فإِنه خَطَأٌ، لأَنهم يقولون إِذا حُمِلَ أَحدُهُمْ على ما يَكْرهُ: لا واللهَ ولا كَيْداً ولا هَمًّا، يريد: لا أُكَادُ ولا أُهَمُّ، وحكَى ابنُ مُجاهدٍ عن أَهل اللغةِ كَادَ يَكَادُ، كان في الأَصلِ كَيِدَ يَكْيَدُ.
  * ومما يستدرك عليه:
  كادَه: عَلَّمَه الكَيْدَ، وبه فُسِّرَ قولُه تعالى {كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ}(١) أَي عَلَّمْنَاه الكَيْدَ على إِخْوَتِه.
  وكادَه: أَرادَه بِسُوءٍ. وبه فُسِّرَ قولُه تعالى {لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ}(٢).
  وكَيْد اللهِ للكُفَّار هو استِدرَاجُهم {مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}.
  والمُكَايَدَةُ: المُخَاتَلَة.
  وكَيْدَانُ، بالفتح: قَرْيَةٌ بِفَارِسَ.
  وأَكْيَادُ مِنْ قُرَى مِصْرَ، وتُضَاف إِليها دِجْوَة، وقَرْيَة أُخرى تُسَمَّى بأَكْيَادِ العَتَاوِرَةِ.
(فصل اللام) مع الدال المهملة
  [لبد]: لَبَدَ بالمكان كنَصَر وفَرِحَ يَلْبُدُ ويَلْبَدُ لُبُوداً، بالضمّ مصدر الأَوّل، ولَبَداً، مُحَرّكةً، مصدر الثاني: أَقَامَ به ولَزِقَ، كأَلْبَدَ، رُباعِيًّا، فهو مُلْبِدٌ به. ولَبِدَ بالأَرض وأَلْبَد بها، إِذا لَزِمَها فأَقَام، ومنه حَديث عَلِيٍّ ¥ لرجلينِ جَاءَا يَسأَلَانِه «أَلْبِدَا بِالأَرْضِ حَتَّى تَفْهَما» أَي أَقِيمَا، ومنه قولُ حُذيفة حين ذَكَر الفِتْنَة قال: «فإِن كان ذلك فالْبُدُوا لُبُودَ الرَّاعِي عَلَى عَصاهُ خَلْفَ غَنَمِهِ لا يَذْهَبُ بكم السَّيْلُ» أَي اثْبُتُوا والْزَمُوا مَنَازِلَكم كما يَعْتَمِدُ الراعِي عَصَاهُ ثابتاً لا يَبْرَح، واقْعُدوا في بُيُوتِكم لا تَخْرُجوا منها فَتَهْلِكُوا وتَكُونوا كمَنْ ذَهَبَ به السَّيْل. ومن المجاز: اللُّبَدُ واللَّبِدُ مِن الرجال، كصُرَدٍ وكَتِفٍ: من(٣) لا يُسافر ولا يَبْرَحُ مَنْزِلَهُ ولا يَطْلُبُ مَعاشاً، وهو الأَلْيَسُ، قال الراعي:
  مِنْ أَمْرِ ذِي بَدَوَاتٍ لَا تَزَالُ لَهُ ... بَزْلَاءُ يَعْيَا بِهَا الجَثَّامَةُ اللُّبَدُ(٤)
  ويُرْوَى بالكسرِ(٥). قال أَبو عُبَيد، والكَسْر أَجْوَدُ، ومنه «أَتَى أَبَدٌ عَلى لُبَد» وهو كَصُرَدٍ اسمُ آخِر نُسُورِ لُقْمَانَ بن عادٍ، لِظَنِّه أَنه لَبِدَ فلا يَمُوت. كذا في الأَساس. وفي اللسان: سَمَّاه بذلك لأَنه لَبِدَ فبَقِيَ لا يَذْهَب ولا يَمُوت، كاللَّبِدِ مِن الرِّجال اللازِم لِرَحْلِه لا يُفَارِقه. ولُبَدٌ يَنْصَرِف لأَنه ليس بمعدُولٍ، وفي روض المناظرة لابنِ الشِّحْنَة: كانَ مِن قَوْمِ عادٍ شَخْصٌ اسمُه لُقْمَانُ غيرُ لُقْمَانَ الحَكِيمِ الذي كان على عَهْدِ دَاوودَ #. وفي الصّحاح: تَزْعُم العَربُ أَنَّ لُقْمَانَ هو الذي بَعَثَتْهُ عَادٌ في وَفْدِهَا إِلى الحَرَمِ يَسْتَسْقِي(٦) لها، زاد ابنُ الشِّحْنَة: مع مَرْثَد بن سَعْد، وكان مُؤْمِناً، فلمّا دَعَوْا قيل: قد أَعْطَيْتُكم مُنَاكُم، فاخْتَارُوا لأَنفُسِكم، فقال مَرْثَد: أَعْطِنِي بِرًّا وصِدْقاً، واختار قَبْلَ أَنْ يُصِيبَه ما أَصابَ قَوْمَه. فَلَمَّا أُهْلِكُوا هكَذَا في سائر النُّسخ، وفي بعض منها فلما هَلَكُوا خُيِّرَ لُقْمَانُ، أَي قال له اللهُ تَعالى اخْتَرْ ولا سَبِيلَ إِلى الخُلُود بَيْنَ بَقَاءِ سَبْعِ بَعَرَاتٍ، هكذا في نُسختنا بالعين، ويوجد في بعض نسخ الصحاح بَقَرات بالقاف سُمْرٍ صِفَة لبِعرات مِن أَظْبٍ جمع ظِباءٍ(٧) عُفْرٍ صِفة لها، قال شيخُنَا: والذي في نُسخ القامُوس هو الأَشْبَه، إِذ لا تَتَوَلَّد البَقَرُ من الظِّبَاءِ، ولا تكون منها، في
(١) سورة يوسف الآية ٧٦.
(٢) سورة الأنبياء الآية ٥٧.
(٣) اللسان: «الذي لا يسافر» وفي التهذيب عن أبي زيد: اللبيد من الرجال الذي لا يبرح منزله وهو الأليس.
(٤) ديوانه ص ٦٠ واللسان. والبزلاء: الحاجة التي أحكم أمرها. والجثامة والجثم أيضاً الذي لا يبرح من محله وبلدته.
(٥) يعني اللَّبِد بكسر الباء.
(٦) الصحاح: ليستقي.
(٧) كذا، والصواب: جمع ظبي.