تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[مشح]:

صفحة 210 - الجزء 4

  ومن المجاز في حديث أَبي بكر «أَغِرْ عَلَيْهِمْ غارةً مَسْحاءَ» هو فَعْلاءُ من مَسَحَهم يَمسَحهم، إِذا مَرَّ بهم مَرًّا خَفيفاً لا يُقِيم فيه عندهَم، وفي المحكم: مَسَحَتِ الإِبلُ الأَرضَ: سارَت فيها سَيْراً شَدِيداً، قيل: وبه سُمِّيَ المسيح، لِسُرْعَة سَيرِه. والمسيحُ أَيضاً الضِّلِّيل، ضدّ الصِّدِّيق، وهو من الأَضداد، وبه سُمِّيَ الدّجّال، لضلالتِه، قاله أَبو الهيثم.

  ويقال: مَسَحَ النّاقَةَ، إِذا هَزَلَها وأَدْبرَهَا وضَعَّفَها. قيل: وبه سُمِّيَ الدّجّال، كأَنّه لُوحِظَ فيه أَنّ مُنْتَهَى أَمرِه إِلى الهلاكِ والدَّبَارِ.

  ويقال: مَسَح سَيفَه، إِذا سَلَّه من غِمْدِه. قيل: وبه سُمِّيَ الدّجّال، لشَهْرِه سُيوفَ البَغْيِ والعُدْوانِ.

  وقيل: سُمِّيَ المسيحُ عيسَى لحُسْن وَجْهِه، والمسيحُ هو الحسَنُ الوجْهِ الجميلُ.

  وقال أَبو عُمَر⁣(⁣١) المُطرِّز: المَسِيح السَّيْف. وقال غيره: المَسيح المُكَارِي. وقال قُطْرُب: يقال مَسَحَ الشيءَ، إِذا قال له: بارَكَ الله عليك.

  وفي مفردات الراغِبِ: رُوِيَ أَن الدجَّال كان مَمسوحَ اليُمْنَى، وأن عِيسى كان ممسوحَ اليُسْرَى⁣(⁣٢)، انتهى.

  وقيل: سُمِّيَ المسيح لأَنّه كان يمشِي على الماءِ كمَشْيِه على الأَرض. وقيل المسيح: الملِك. وهذان القولان من العَيْنيّ في تفسيره. وقيل: لمّا مشَى عيسَى على الماءِ قال له الحَواريُّون: بمَ بَلَغْت؟ قال: تَرَكْتُ الدُّنْيَا لأَهلِها فاستوَى عندِي بَرُّ الدُّنيا وبَحْرُهَا. كذا في البصائر.

  وعن أَبي سَعِيدٍ: في بعض الأَخبار «نَرْجُو النَّصْر على مَنْ خالَفَنا، ومَسْحَةَ النِّقْمَةِ على مَن سَعَى». مَسْحتها: آيتُها وحِلْيَتُها. وقيل: معناه أَنّ أَعناقهم تُمْسَح، أَي تُقطف.

  وسِرْنَا في الأَمَاسيح⁣(⁣٣)، وهي السَّبَاسِب المُلْس.

  ومن المجازِ تَمسَّحَ للصَّلاةِ: تَوضّأَ.

  وفي الحديث «أَنّه تَمسَّح وصَلِّى» أَي تَوضّأَ. قال ابن الأَثير: يقال للرجُلِ إِذا تَوضأَ: قد تَمسَّح.

  والمَسْحُ يكونُ مَسْحاً باليَدِ وغَسْلاً.

  ومَسْحُ البَيت: الطَّوافُ.

  وفي الحديث: «تَمسَّحُوا بالأَرْضِ فإِنّها بِكُم بَرّةٌ»، أَراد به التَّيَمُّمَ، وقيل: أَرادَ مُباشرةَ تُرابِها بالجبَاهِ في السُّجود من غير حائلٍ.

  والخَيْلُ تَمْسَح الأَرضَ بحَوافرها.

  وماسَحَه: ضافَحَه، والْتقَوْا فتمَاسَحُوا: تصَافَحوا.

  وماسَحَه: عاهَدَه⁣(⁣٤).

  ومَسَحَ القَوْمَ قَتْلاً: أَثْخنَ فيهم. ومَسَحَ أَطْرَافَ الكَتائب⁣(⁣٥) بسَيفِه. وكَتَبَ على الأَطرافِ المَمْسُوحةِ. وكلُّ ذلك من المجاز.

  وماسُوحُ: قَريةٌ من قُرَى حسبان⁣(⁣٦) من الشّام نُسب إِليها جَماعةٌ من المحدِّثين.

  وأَبو عليّ أَحمد بن عليّ المُسُوحيّ بالضَّمّ، من كبار مشايخ الصُّوفِيّة صحِبَ السَّرِيّ، وسَمعَ ذا النُّون، وعنه جَعفرٌ الخلديّ.

  وتَميم بن مُسَيح، كزُبير، يروِي عن عليّ ¥، وعنه ذُهْل بن أَوْس.

  وعبد العزيز بن مُسَيح، روَى حديثَ قَتَادَة.

  [مشح]: المَشَحُ، محرّكةً: اصطِكاكُ الرَّبْلَتين، قد تقدّم ضبطْ هذه اللفْظَة، وسيأْتي في موضعه أَيضاً إِن شَاءَ الله


(١) بالأصل «أبو عمرو» خطأ وهو غلام ثعلب محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم، وكنيته «أبو عمر».

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: كان ممسوح اليسرى، انظر هذا الكلام وما فيه من البشاعة، ومعاذ الله أن يتصف السيد عيسى بما حب أن يتنزه عنه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع أنه كان حسن الوجه جداً، بدليل ما ذكره الشارح من أنه سمي المسيح لحسن وجهه. وما أظنه صحيحاً والعجب من الشارح كيف أقره».

قلت وقد وضح الراغب معنى ما رُوي - وقد تقدم قوله في أثناء المادة - قال: ويعني بأن الدجال قد مسحت عنه القوة المحمودة من العلم والعقل والحلم والاخلاق الجميلة، وأن عيسى قد مسحت عنه القوة الذميمة من الجهل والشره والحرص وسائر الأخلاق الذميمة.

(٣) في الأساس: الأماسح.

(٤) في الأساس: وما سحته عليه: عاهدته.

(٥) في الأساس: ومسح المسفر أطراف الكتاب بسيفه.

(٦) كذا، ماسوح وحسبان لم أجدهما فيما بين يدي من مراجع.