تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ها]

صفحة 425 - الجزء 20

  المُتَحرِّك بحَرَكَةٍ إعْرابِيَّة للوَقْفِ نحوُ ثمه وكيفه وقيل: لم أبله لتَقْديرِ الحَرَكَةِ كما أُسْقِطَ أَلِفُ ها في هلم لتَقْديرِ سكونِ اللامِ وهي ساكِنَةٌ وتَحْريكُها لَحْنٌ، ونحو: يا مَرْحَباه بحمارِ عفْراء، ويا مَرْحباه بحمارِ ناجِيَة، ممَّا لا يُعْتدُّ به، انتَهَى. وفي الصِّحاح: وقد تُزاد الهاءُ في الوقْفِ لبَيانِ الحَرَكَةِ نحو لِمَهْ و {سُلْطانِيَهْ} و {مالِيَهْ} وثُمَّ مَهْ، بمعْنَى ثُمَّ ما ذا، وقد أَتَتْ هذه الهاءُ في ضَرُورَةِ الشِّعْر، كما قال:

  هُمُ القائلُونَ الخَيْرَ والآمِرُونَهُ ... إذا ما خَشَوْا مِن مُعْظَمِ الأمْرِ مُفْظِعاً⁣(⁣١)

  فأَجْراها مُجْرَى هاء الإضْمارِ، انتَهَى. وتُسَمَّى هذه الهاء، يَعْني التي في {سُلْطانِيَهْ} و {مالِيَهْ}، هاءَ الاسْتِراحَةِ؛ كما في البَصائِرِ للمصنِّفِ.

  * الرابعُ: الهاءُ المُبْدَلَةُ مِن الهَمْزةِ: قال ابنُ برِّي: ثلاثَةُ أَفْعالٍ أبْدلُوا مِن هَمْزتِها هاءُ، وهي: هَرَقْت الماءَ، وهَنَرْتُ الثّوْبَ، وهَرَحْتُ الدابَّةَ، والعربُ يُبْدِلونَ هَمْزةَ⁣(⁣٢) الاسْتِفهامِ هاءً، وأنْشَدَ الجَوْهرِي:

  وأَتَى صَواحِبُها فقُلْنَ هذا الذي ... مَنَحَ المَوَدَّةَ غيرَنا وجَفانَا⁣(⁣٣)

  أَي أَذا الذي. ووُجِدَ بخطِّ الأزْهري في التهذيب:

  وأَتَتْ صَواحِبُها فقُلْنَ هذا الذي ... رَامَ القَطِيعَةَ بَعْدَنا وجَفانا⁣(⁣٤)

  وقال البَدْرُ القرافي: زَعَمَ بعضُهم أنَّ الأصْلَ هاذا الذي فحذِفَتِ الألِفُ للوَزْنِ.

  * الخامسُ: هاءُ التَّأْنيثِ، نحو: رَحْمَهْ في الوَقْفِ، وهي عنْدَ الكُوفيِّين أَصْلٌ وفي الوَصْل بَدَلٌ، والبَصْرِيّون بعَكْسِ ذلكَ، قالَهُ القَرافي. وفي الصِّحاح: قالَ الفرَّاء: والعربُ تَقِفُ على كلِّ هاءٍ مُؤَنَّثٍ بالهاءِ إلَّا طَيِّئاً فإنّهم يَقفُونَ عليها بالتاءِ فيقولون: هذه أَمَتْ وجارِيَتْ وطَلْحَتْ.

  [ها] وَهَا، بفخامَةِ الألِفِ: كَلمةُ تَنْبِيهٍ للمُخاطَبِ يُنَبِه بها على ما يُساقُ إليه مِن الكَلام. قالوا: ها السَّلامُ عَلَيْكم، فها مُنَبِّهةٌ مُؤَكِّدَةٌ؛ وقال الشاعرُ:

  وَقَفْنا فقُلْنا ها السَّلامُ عَلَيْكُمُ ... فأَنْكَرَها ضَيْقُ المَجَمِّ غَيُورُ⁣(⁣٥)

  وفي الصِّحاح: حَرْفُ تَنْبيهٍ؛ قال النابغَةُ:

  ها إنَّ تا عِذْرَةٌ إلَّا تَكُنْ نَفَعَتْ ... فإنَّ صاحِبَها قد تاهَ في البَلَدِ⁣(⁣٦)

  وتَدْخُلُ في ذا للمُذَكَّرِ وذِي للمُؤَنَّثِ تقولُ: هذا وهذهِ وهاذاكَ وهاذِيكَ إذا لحِقَ بهما الكافُ.

  قال الأزْهرِي: وأَمَّا هذا إذا كانَ تَنْبيهاً فإنَّ أَبا الهَيْثم قالَ: ها تَنْبِيهٌ تَفْتَتِحُ العربُ بها الكَلامَ بِلا مَعْنى سِوَى الافْتِتاح، تقولُ: هذا أَخُوكَ، ها إنَّ ذَا أَخُوكَ، أَو ذَا لِمَا بَعُدَ وهذا لِمَا قَرُبَ، وقد تقدَّمَ البَحْثُ فيه مُفَصَّلاً في تركيبِ ذا.

  وَهَا: كِنايَةٌ عن الواحِدةِ كَرَأَيْتُها.

  وأَيْضاً: زَجْرٌ للإبِلِ ودُعاءُ لها، ويُبْنَى على الكَسْر إذا مُدَّ تقولُ: ها هَيْتُ بالإِبِلِ إذا دَعَوْتَها، كما تقدَّمَ في حاحَيْتُ.

  وها أَيْضاً: كَلمةُ إجابَةٍ وتَلْبيةٍ. وفي التهذيبِ: يكونُ جوابَ النِّداءِ يُمَدُّ ويُقْصَر؛ وأَنْشَدَ:

  لا بَلْ يُجِيبُكَ حينَ تَدْعُو باسْمِه ... فيقولُ: هاءَ وطالَما لَبَّى⁣(⁣٧)


(١) اللسان والصحاح والتكملة قال الصاغاني: والرواية: «... من محدث الأمر معظما».

(٢) في القاموس بالكسر، والنصب ظاهر.

(٣) من شواهد القاموس، والشاهد ٦٤٨ في المغني بدون نسبة، والبيت في اللسان والصحاح.

(٤) التهذيب «ها، ٦/ ٤٨٠».

(٥) اللسان.

(٦) ديوانه صنعة ابن السكيت ط دار الفكر بيروت ص ٢٦ واللسان والصحاح وصدره في التهذيب.

(٧) اللسان والصحاح، وقوله «وفي التهذيب يكون ... الخ» كذا بالأصل نقلاً عن الأزهري، ولم أجدها في التهذيب، والعبارة في الصحاح، فلعله أخطأ، وهو يريد الجوهري بدل الأزهري. وتبعه الشارح.