تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سكر]:

صفحة 533 - الجزء 6

  أَو هو الضَّخْمُ الشَّدِيدُ البَطْشِ الطّوِيلُ من الرّجال.

  [سكر]: سَكِر، كفَرِحَ، سُكْراً، بالضمّ، وسُكُراً، بضمتين، وسَكْراً، بالفتح، وسَكَراً، محَرَّكَةً، وهو المنصوص عليه في الأُمّهات، وسَكَراناً، بالتَّحْرِيك أَيضاً: نَقِيضُ صَحَا، ومثله في الصّحاحِ والأَساسِ والمِصباح⁣(⁣١).

  والذي في المفردات للراغب، وتبعه المُصَنِّف في البَصَائِرِ: أَن السُّكْرَ: حالَةٌ تَعْترِضُ⁣(⁣٢) بين الْمرءِ وعَقْلِه، وأَكثَرُ ما يُسْتَعْمَلُ ذلك في الشّراب المُسْكِرِ، وقد يكون⁣(⁣٣) من غَضَبٍ وعِشْقٍ ولذلك قال الشاعر:

  سُكْرانِ سُكْرُ هَوًى وسُكْرُ مُدَامَةٍ ... أَنَّى يُفِيقُ فَتًى به سُكْرَانِ

  فهُوَ سَكِرٌ، ككَتِفٍ، وسَكْرانُ بفتح فسُكُون، وهو الأَكثر.

  وهي سَكِرَةٌ، كفَرِحَة، وسَكْرَى، بالأَلف المَقْصُورَة، كصَرْعَى⁣(⁣٤) وجَرْحَى.

  قال ابنُ جِنِّي، في المُحْتَسِب: وذلك لأَنَّ السُّكْرَ عِلَّةٌ لَحِقَتْ عُقُولَهُم، كما أَنّ الصَّرَعَ والجُرْحَ عِلَّة لَحقَتْ أَجسامَهم، وفَعْلَى في التَّكْسِيرِ مما يَخْتَصُّ به المُبْتَلَوْنَ.

  وسَكْرَانَةٌ، وهذِه عن أَبي عليّ الهَجَرِيّ في التَّذْكِرَة، قال: ومن قال هذا وَجَبَ عليه أَن يَصْرِفَ سَكْرَان في النَّكِرَة، وعَزَاهَا الجَوْهَرِيّ والفَيُّومِيّ لبَنِي أَسَدَ، وهي قَلِيلَةٌ كما صَرَّح بِهِ غيرُهُما، وزاد المُصَنّف في البَصَائِر في النُّعُوتِ بعد سَكْرَانَ سِكِّيراً، كسِكِّيت.

  وقال شيخُنَا - عند قوله: وهي سَكِرَة -: خالَفَ قاعِدَتَه، ولم يَقُلْ وهي بهاءٍ، فوجَّه أَن سَكْرَى في صِفَاتِها ولو قال: «وهو سَكِرٌ وسَكْرَان، وهي بهاءٍ فيهِمَا وسَكْرَى، لجَرَى على قاعِدَتِه، وكان أَخْصَرَ. ج سُكَارَى، بالضّمّ، وهو الأَكْثَرُ، وسَكَارَى، بالفَتْحِ، لُغَةٌ للبَعْضِ، كما في المِصْباحِ.

  وقال بعضُهُمْ: المَشْهُورُ في هذه البِنْيَةِ هو الفَتْحُ، والضَّمّ لُغَةٌ لكثيرٍ من العَرَبِ، قالوا: ولم يَرِدْ منه إِلّا أَرْبَعَةُ أَلْفَاظٍ: سَكَارَى وكَسَالَى وعَجَالَى وغَيَارَى، كذا في شرحِ شيخِنَا.

  وفي اللّسَانِ قولُه تعالى: {وَتَرَى النّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى}⁣(⁣٥) لم يَقْرَأْ أَحَدٌ من القُرَّاءِ سَكارَى، بفتح السين، وهي لُغَة، ولا تجوزُ القرَاءَةُ بها؛ لأَنّ القراءَةَ سُنَّة.

  وقُرئَ سَكْرَى وما هُمْ بَسَكْرَى، وهي قراءَةُ حَمْزَةَ والكِسائِيّ، وخَلَف العاشر، والأَعْمَش الرابع عشر، كذا في إِتْحَافِ البَشَرِ تَبَعاً للقَباقِبِيّ في مِفْتَاحه، كذا أَفَادَهُ لنا بعضُ المُتْقِنِينَ، ثم رأَيت في المُحْتَسِب لابن جِنِّي قد عَزا هذه القراءَةَ إِلى الأَعْرَج والحَسَن بخلاف.

  قال شيخُنَا: وحكى الزَّمَخْشَرِيّ عن الأَعْمَش أَنه قُرِئَ: سُكْرَى، بالضّمّ، قالوا: وهو غريب جِدًّا؛ إِذ لا يُعْرَف جمْعٌ على فُعْلَى بالضمّ، انتهى.

  قلْت: ويَعْنِي به في سورة النساءِ: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأَنْتُم سُكْرَى⁣(⁣٦) وهو رواية عن المطوّعيّ عن الأَعمش، صرَّح بذلك ابنُ الجَزَرِيّ في النّهَاية، وتابعه الشيخُ سُلْطَان في رسائِلِه، وظاهِرُ كلامِ شيخِنَا يقتضي أَنه رواية عن الأَعْمَشِ في سُورَةِ الحَجّ، وليس كذلك ولذا نَبَّهْتُ عليه، فتأَمَّل.

  ثم رأَيت في المُحْتَسِب لابن جِنِّي قال: ورَوَيْنَا عن أَبي زُرْعَة أَنه قَرَأَها - يعني في سورة الحَجّ - سُكْرَى، بضمّ السين، والكاف ساكنة، كما رواه ابنُ مُجَاهِد عن الأَعْرَجِ والحَسَن بخلاف.

  وقال أَبُو الهَيْثَم: النَّعْتُ الذي على فَعْلان يُجْمَع على فَعَالَى وفُعالَى مثل أَشْران وأَشارَى وأُشَارَى، وغَيْرَان وقومٌ غَيارَى وغُيَارى.

  وإِنما قالوا: سَكْرَى، وفَعْلَى أَكْثَرُ ما تجيءُ جَمْعاً لفَعِيلٍ بمعنى مَفْعُول، مثل: قَتَيل وقَتْلَى وجَرِيح وجَرْحى وصَرِيع


(١) كذا بالأصل، انظر العبارة باختلافٍ في كلٍّ من المصادر الثلاثة.

(٢) عند الراغب: تَعرِضُ.

(٣) المفردات: وقد يعتري.

(٤) بهامش المطبوعة الكويتية: «الكلام في سكرى صفة للمؤنث والتنظير بصرعى وجرحى لجمع التكسير، وكذلك التعليل التالي المنقول عن ابن جني، وكان حقه التنظير بنحو: شكوى وشروى وفي الطبرسي (تفسير سورة الحج): وأما سكرى في الجمع فهو مثل صرعى وجرحى».

(٥) سورة الحج الآية ٢.

(٦) سورة النساء الآية ٤٣.