تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[خوف]:

صفحة 205 - الجزء 12

  وما يُعَالِجُهُ مِن الزَّرْعِ، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ.

  وقال اللَّيْثُ: الْخَنَفُ، مُحَرَّكَةً: انْهِضَامُ أَحَدٍ جَانِبِي الصَّدْرِ أو الظَّهْرِ، يُقال: صَدْرٌ أَخْنَفُ، وظَهْرٌ أَخْنَفُ.

  ويُقَال: وَقَعَ في خَنْفَةٍ، بالفَتْحِ، ويُكْسَرُ، هكذا في سائرِ النُّسَخِ، والذي في الجَمْهَرَةِ لابن دُرَيْدٍ: وَوَقَعَ في خَنْفَةٍ، وخَنْعَةٍ، أي بِالفَاءِ والعَيْن: أيْ: مَا يُسْتَحْيَا* مِنْهُ، فظَنَّ المُصَنِّفُ أَنَّه بالفَتْحِ والكَسْرِ، وهو مَحَلُّ تَأَمُّلٍ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:

  الخُنُوفَ في الدَّابَّةِ، كالخِنافِ، وقيل: الخِنَافُ: داءٌ يأْخُذُ الخَيْلَ في العَضُدِ، ونَاقَةٌ مِخْنَافٌ: خَنُوفٌ، لَيِّنَةُ اليَدَيْنِ في السَّيْرِ.

  وَالخَنْفُ: الحَلْبُ بأَرْبَعِ أَصَابِعَ، ويَسْتَعِينُ معها بالإبْهَامِ، ومنه حديثُ عبدِ الملكِ، أَنَّه قال لِحَالِبِ نَاقَةٍ «كيْف تَحْلِبُ⁣(⁣١) هذه النَّاقَةَ، أَخَنْفاً، أَم مَصْرًا، أَم فَطْرًا؟».

  وَرأَيْتُ في هامِش الصِّحاحِ، عن أَبي بكرٍ: جَمَلٌ خِنِفَّى العُنُقِ، كزِمِكَّى: شَدِيدُه، وقد تقدَّم مِثْلُه في «ج ن ف»⁣(⁣٢) فَلْيُنْظَرْ.

  [خوف]: خَافَ الرَّجُلُ، يَخَافُ، خَوْفاً، وخَيْفاً هكذا هو مضبُوطٌ بالفَتْحِ، وهو أَيضاً مُقْتَضَى سِياقِهِ، والصَّحيحُ أَنَّه بالكَسْرِ، وهو قَوْلُ اللِّحْيَانِيِّ، وهكذا ضَبَطَه بالكَسْرِ، وفيه كَلامٌ يَأْتِي قَرِيباً، ومَخَافَةً، وَأَصْلُهُ: مَخْوَفَةٌ، ومنه قَوْلُ الشاعرِ:

  وَقد خِفْتُ حتَّى ما تَزِيدُ مَخَافَتِي ... عَلَى وَعِلٍ في ذِي المَطَارَةِ عَاقِلِ⁣(⁣٣)

  وخِيفَةً، بالكَسْرِ، وهذه عن اللِّحْيَانِيِّ، ومنه قَوْلُه تعالَى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً}⁣(⁣٤)، وقال غيرُه: الخِيفُ، والخِيفَةُ: اسْمانِ، لا مَصْدَرانِ، وأَصلُهَا خِوْفَةً، صَارَتِ الواوُ يَاءً، لانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وجَمْعُهَا خِيَفٌ، هكذا هو مَضْبُوطٌ في سائرِ النُّسَخِ، بكَسْرٍ ففَتْحٍ، والصَّوابُ بالكَسْرِ، ومنه قَوْلُ صَخَرِ الْغَيِّ الهُذَلِيِّ:

  فَلَا تَقْعُدَنَّ علَى زَخَّةٍ ... وَتُضْمِرَ في الْقَلْبِ وَجْداً وخِيفا⁣(⁣٥)

  هكذا أَنْشَدَهُ اللِّحْيَانِيُّ، وجَعَلَهُ جَمْعَ خِيفَةٍ، قال ابنُ سِيدَه: ولا أَدْرِي كيف هذا؛ لأَنَّ المَصَادِرَ لا تُجْمَعُ إِلَّا قَلِيلاً، قال: وعسى أَن يكون هذا مِنَ المَصَادِرِ التي قد جُمِعَتْ، فيَصِحُّ قَوْلُ اللِّحْيَانِيِّ.

  قال اللَّيْثُ: خَافَ، يَخَافُ، خَوْفاً، وإِنَّمَا صارتِ الواوُ أَلِفاً في يَخَافُ؛ لأَنَّهُ على بِنَاءِ عَمِلَ يَعْمَلُ، فاسْتَثْقَلُوا الواوَ، فأَلْقُوْها، وفيها ثَلاثةُ أَشْيَاءَ، الحَذْفُ، والصَّرْفُ، والصَّوْتُ وَرُبَّمَا أَلْقَوا الحَرْفَ بصَرْفِهَا، وأَبْقَوا مِنْهَا الصَّوْتَ. [وقالُوا: يَخافُ، وكان حَدُّهُ يَخْوَفُ، بالْوَاوِ مَنْصُوبةً، فأَلْقَوُا الواوَ وَاعْتَمَدَ الصوت على صَرْفِ الواوِ، وقالوا: خافَ، وكان حَدُّه خَوِفَ، بالوَاوِ مكسورَةً، فأَلْقَوُا الواوَ بصَرْفِهَا، وأَبْقَوُا الصَّوْتَ، واعتمد الصوتُ]. علَى⁣(⁣٦) فَتْحَةِ الخاءِ، فصارَ مَعَهَا أَلِفاً لَيِّنَةً.

  وَأَمَّا قَوْلُ الشاعرِ:

  أَتَهْجُرُ بَيْتاً بالْحِجَازِ تَلَفَّعَتْ ... بِهِ الْخَوْفُ والأَعْدَاءُ أَمْ أَنتَ زَائِرُهْ؟

  وَإِنَّمَا أَرادَ بالخَوْفِ المَخَافَةَ، فأَنَّثَ لذلك.

  أي: فَزِعَ فهو خَائِفٌ، والأَمْرُ منه خَفْ، بفَتْحِ الخاءِ، وهُمْ خُوَّفٌ وخِيَّفٌ، كَسُكَّرٍ، وقِنَّبٍ، وَالذي في الصِّحاحِ: خُوَّفٌ، وخُيَّفٌ، مِثْلُ قِنَّبٍ، ذَكَرَه صاحِبُ اللِّسَانِ، قال الصَّاغَانِيُّ: ومِن خُيَّفٍ، كسُكِّرٍ، قِرَاءَةُ ابنِ مَسْعُودٍ ¥ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خُيَّفاً⁣(⁣٧)، قال الكِسَائِيُّ: مَا كان مِن بَنَاتِ الوَاوِ مِن ذَوَاتِ الثَّلاثةِ فإِنَّهُ يُجْمَعُ علَى فُعَّلِ، وفيه


(*) وردت بالكويتية: (يُسْتَحْيَى).

(١) عن اللسان وبالأصل «أتحلب» وفي النهاية: كيف تحلبها.

(٢) بالأصل «ج ز ف» خطأ.

(٣) البيت للنابغة الذبياني ديوانه صنعة ابن السكيت ص ٦٨ وبالأصل «بذي المطارة» والمثبت عن الديوان. وفي معجم البلدان «مطارة» بذي مطارة.

(٤) سورة الأعراف الآية ٢٠٥.

(٥) ديوان الهذليين ٢/ ٧٤ ويروى «غيظاً» بدل «وجداً».

(٦) كذا بالأصل وفي الكلام قلق واضطراب والعبارة في التهذيب: وأبقوا منه الصوت. وقالوا: «يخاف» وكان حده: «يخوف» الواو منصوبة، فألقوا الواو واعتمد الصوتُ على صرف الواو. وقالوا: خاف، وكان حده «خوف» الواو مكسورة فألقوا الواو بصرفها وأبقوا الصوت، فاعتمد الصوت على فتحة الخاء فصار معها ألفاً ليّنة.

(٧) سورة البقرة الآية ١١٤.