تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[فدكس]:

صفحة 392 - الجزء 8

  الذي نَقَلَ منه صَحيحاً لم يُغَيِّرْ دَحْلاً برَجُلٍ، فكذلك لم نَثِقْ بضَبْطه في هذا الحَرْف، فنقُولُ: لعلَّ هذا الدَّحْلَ كانَ كَثيرَ العَناكِب مَهْجُوراً لا تَرِدُ عليه الرّعاةُ إِلاّ قليلاً، فسُمِّي بالفُدْسيّ، إِما بالضّمِّ نِسبةً إِلى المفرد، أَو الفِدَسيّ، بكسر ففتح، نسبةً إِلى الجَمْع، وعَجيبٌ تَوَقُّفُ الأَزهريِّ فيه، وكَأَنَّهُ لم يَتَأَمَّلْ، أَو لَم يَثْبُتْ عنْدَه ما يَطْمَئنُّ إِليه قَلبُه، فتأَمَّلْ وأَنْصِفْ.

  والفَيْدَسُ، كحَيْدَرٍ: الجَرَّةُ الكَبيرَةُ، وهي دُونَ الدَّنِّ وفَوْقَ الجَرَّةِ، يَسْتَصْحِبُها سَفْرُ البَحْرِ، أَي مُسافِرُوه، وهي لُغةٌ مصْريَّةٌ، قاله الصّاغانيُّ.

  وقال ابنُ الأَعْرَابيِّ: أَفْدَسَ الرجُلُ، إِذا صارَ في إِنَائه، هكذا في سائر النُّسَخ، وفي التكملة والعُباب، وهو خطأٌ، قلَّدَ المصنِّفُ فيه الصّاغَانيَّ، والذي في نَصِّ النَوادر، على ما نَقَلَه الأَزْهَريُّ وغيرُه: صارَ في بَابه⁣(⁣١) الفِدَسَةُ، وهي العَنَاكِبُ، فتأَمَّل ذلك، والله تعالَى أَعْلَمُ.

  [فدكس]: الفَدَوْكَسْ: الأَسَدُ، كالدَّوْكَس.

  والفَدَوْكَس: الرَّجلُ الشَّديدُ، عن ابن عَبّادٍ، وقيل: الرجُلُ الجَافِي.

  وفَدَوْكَسٌ: حَيٌّ منْ تَغْلِبَ، التَّمْثيلُ لسيبَوَيْه، والتَّفْسير للسِّيرافيِّ، وهو جَدٌّ للأَخْطَل، وفي الصّحَاح: رَهْطُ الأَخْطَل الشاعر، واسمُه غِيَاث بن غَوْثٍ التَّغْلبيُّ، وهم من بَني جُشَمَ بن بَكْر بن حُبَيب بن عَمْرو بن غَنْم بن تَغْلب، هكَذَا ذَكَروا، ونَقَلَه في العبَاب عن ابن الكَلْبيّ في جَمْهَرة نَسَب تَغْلبَ، وذكر الناشِريُّ النَّسّابَةُ أَنّ الفَدَوْكَسَ هو ابنُ مالك بن جُشَمَ. وساق نَسَبَ الأَخْطَل، فقال: غِيَاثُ بنُ غَوْث بن الصَّلْت⁣(⁣٢) بن طارِقَةَ⁣(⁣٣) بن عَمْرو بن سحبل بن الفَدَوْكَس، وفي العبَاب: طارِقَةُ بن سَيْحانَ بن عَمْرو بن فَدَوْكَس، وفي المؤْتَلف والمخْتَلف للآمديِّ⁣(⁣٤): طارِقة بن التَيَّحَان⁣(⁣٥)، مثْل هَيَّبَانَ.

  [فردس]: الفِرْدَوْس، بالكَسْر، وأَطْلَق في ضَبْط ما بَقِيَ لشُهْرَته: الأَوْدِيَةُ الَّتي تُنْبِتُ ضُرُوباً من النَّبْت، وعِبَارةُ المحْكَم: هو الوَادِي الخَصِيبُ، عنْدَ العَرَب، كالبُسْتَان. وقال الزَّجّاج: حَقيقَةُ الفِرْدَوْس أَنّه البُسْتَانُ الذي يَجْمَعُ كُلَّ ما يَكُونُ في البَسَاتِينِ، قال: وكذلك هو عنْدَ كُلِّ أَهلِ لُغَةٍ.

  وقيل: الفِرْدَوُس عنْدَ العَرب: المَوْضِعُ تكونُ فيه الكُرُومُ، وأَهْلُ الشام يقولون للبَسَاتينِ والكُرومِ: الفَرَادِيس. وقال أَهلُ اللُّغَة: الفِرْدَوْس مذَكَّرٌ، وقد يُؤَنَّثُ، ومنه قولُه تعالَى: {الَّذِينَ يَرِثُونَ} الْفِرْدَوْسَ {هُمْ فِيها خالِدُونَ}⁣(⁣٦) وإِنَّمَا أَنَّثَ؛ لأَنَّه عَنَى به الجَنَّةَ، وهو قَليلٌ، ولذا أَتَى بلفظ «قَد».

  واختُلِفَ في لَفْظَةِ الفِرْدَوْس، فقيل: عَرَبيَّةٌ، وهو قولُ الفَرّاءِ، أَو رُوميَّةٌ نُقِلَتْ إِلى العَرَبيَّة، نقلَه الزَّجّاجُ وابنُ سيدَه، أَو سُرْيانيَّةٌ، نقلَه الزَّجَّاجُ أَيضاً⁣(⁣٧).

  وفِرْدَوْسُ: اسمُ رَوْضة دونَ اليَمَامَة، لبَنِي يَرْبُوع بن حَنْظَلةَ بن مالك بن زَيْد مَنَاةَ بن تَمِيمٍ، وفيه يَقُولُ الشّاعر:

  تَحِنُّ إِلى الفِرْدَوْسِ والبِشْرُ دُونَهَا ... وأَيْهَاتَ منْ أَوْطانِهَا حَوْثُ حَلَّتِ

  وفِرْدَوْسٌ: ماءٌ لبَني تَمِيمٍ قُرْبَ الكُوفَة، وهو بعَيْنه الرَّوْضَةُ الّتي لبَني يَرْبُوعٍ منهم، المُشْتَمِلَةُ على ميَاهٍ يُسَمَّى كُلُّ وَاحدٍ منها بالفِرْدَوْس، وهذا من المصنِّف غريبٌ، كيف يُكرِّرهما وهُمَا وَاحدٌ، وأَحْيَاناً يَفْعَل ذلك في كِتَابه.

  وقَلْعَةُ فِرْدَوْسٍ بقَزْوِينَ، وإِليها نُسِبَ أَبو الفَتح نَصْرُ بنُ رِضْوَانَ بن بَروان⁣(⁣٨) الفِرْدَوْسيُّ، أَجازَ الخَطيبَ عبدَ القاهر⁣(⁣٩) ابنَ عبد الله الطُّوسيَّ، والتَّقيَّ سلَيْمَانَ بنَ حَمزَةَ. مات سنة ٦٤٧. وكذا الوَليُّ المشْهور الشَّيْخُ نَجيب الدِّين الفِرْدَوْسيُّ، صاحب الطَّريقة الفِرْدَوْسيَّة، والمدفونُ بالحَوْض الشَّمْسيِّ من حَضْرة دهْلى، حَرَسَها الله تعالَى وسائرَ بلاد الإِسلام.

  والفُرْدُوس، كعُصْفُورٍ: النُّزُلُ يكونُ في الطَّعَام، نقلَه ابنُ درَيْدٍ عن قَوْمٍ من أَهْل البَحْرَيْن.


(١) كذا وفي التهذيب: «في إنائه».

(٢) عن جمهرة ابن حزم وبالأصل «الصعب».

(٣) في جمهرة ابن حزم: «طارق» وفيه: طارق بن السيحان بن عمرو بن السيحان بن فدوكس.

(٤) بالأصل: للأموي تحريف.

(٥) عن المؤتلف للآمدي ص ٢١ وفيه: «طارقة بن عمرو بن التيحان» وبالأصل: سيحان.

(٦) سورة «المؤمنون» الآية ١١.

(٧) نقل الأزهري عن السدي قال: الفردوس أصله بالنبطية فرداسا. وذهب ابن الأنباري إلى التأكيد بكونه عربياً مستدلاً بقول حسان: وإن ثواب الله. البيت، سيرد قريباً.

(٨) صوبها في المطبوعة الكويتية «ثروان».

(٩) بالأصل «الخطيب بن عبد القاهر» وما أثبت عن المطبوعة الكويتية.