تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حرث]:

صفحة 194 - الجزء 3

  وفي الحديث: «يَبْعَثُ الله السَّحَابَ، فيَضْحَكُ أَحْسَنَ الضَّحِكِ، وَيَتَحَدَّثُ أَحْسَنَ الحَدِيثِ» قال ابنُ الأَثِيرِ: جاءَ في الخَبَرِ أَنَّ حَدِيثَهُ الرَّعْدُ، وضَحِكَهُ البَرْقُ، وشُبِّهَ⁣(⁣١) بالحَدِيثِ؛ لأَنّه يُخْبِرُ عن المَطَرِ وقُرْبِ مجيئِهِ، فصارَ كالمُحَدِّثِ به، ومنه قول نُصَيْبٍ:

  فعَاجُوا فَأَثْنَوْا بالّذِي أَنْتَ أَهْلُه ... ولو سَكَتُوا أَثْنَتْ عليكَ الحَقَائِبُ

  وهو كَثِيرٌ في كلَامهم، ويجوزُ أَن يكونَ أَرادَ بالضَّحِكِ افْتِرَارَ الأَرْضِ⁣(⁣٢) وظُهُورَ الأَزْهَارِ، وبالحَدِيثِ ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ من صِفَةِ النَّبَات وذِكْرِهِ، ويُسَمَّى هذا النّوعُ في عِلْم البَيَانِ: المَجَازَ التَّعْلِيقيَّ، وهو من أَحسَنِ أَنواعِه.

  وتَرَكْتُ البِلادَ تَحَدَّثُ، أَي تَسْمَعُ فيها دَوِيًّا، حكاه ابن سِيدَه عن ثعلب.

  ومن المجاز: صاروا أَحادِيثَ، كذا في الأَساس.

  وناقَةٌ مُحْدِثٌ، كمُحْسِنٍ: حدِيثَةُ النّتَاجِ، نقله الصّاغَانِيّ.

  [حرث]: الحَرْثُ: الكَسْبُ، كالاحْتِرَاثِ، وفي الحَدِيثِ «أَصْدَقُ الأَسماءِ الحَارِثُ»؛ لأَنَّ الحارِثَ هو الكاسِبُ، واحْتِراثُ المالِ كَسْبُه، والإِنْسانُ لا يَخْلُو من الكَسْبِ طَبْعاً واخْتِيَاراً.

  قال الأَزهريّ: والاحتِراثُ: كَسْبُ⁣(⁣٣) المالِ، والحَرْثُ العَمَلُ للدُّنْيَا والآخِرَةِ، وفي الحَدِيثِ «احْرُثْ لدُنْياكَ كأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَداً، واعْمَلْ لآخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تموتُ غَداً». وفي الأَساس: ومن المجاز: احْرُثْ لآخِرَتِكَ، أَي اعْمَلْ لَهَا⁣(⁣٤).

  وقد أَطال فيه الهَرَوِيُّ في الغَرِيبَيْن، والأَزهريُّ في التَّهْذِيب، ونقله على طُولهِ ابنُ مَنْظُورٍ في لسانه.

  والحَرْثُ: جَمْعُ المالِ وكَسْبُه.

  وَحَرَثَ، إِذا اكْتَسَب لِعِياله واجْتَهَدَ لَهُم، يقال: هو يَحْرُثُ لعيالِه، ويَحْتَرِثُ، أَي يَكْتَسِبُ، وفي التّنزيلِ العَزِيزِ: {وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا}⁣(⁣٥) أَي كَسْبَهَا.

  والحَرْثُ: الجَمْعُ بَيْنَ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، عن أَبي عَمْرٍو، وقَدْ حَرِثَ كسَمِعَ.

  والحَرْثُ: النِّكاحُ بالمُبَالَغَةِ ونَصُّ ابن الأَعرابيّ: الجِمَاعُ الكَثِيرُ، وقد حَرَثَها إِذا جَامَعَها جاهِداً مُبَالِغاً، وأَنشد المُبَرِّد:

  إِذَا أَكَلَ الجَرَادُ حُرُوثَ قَوْمٍ ... فحَرْثِي هَمُّه أَكْلُ الجَرادِ

  والحَرْثُ: المَحَجَّةُ المَكْدُودَةُ بالحَوَافِرِ، لكَثْرَةِ السَّيْرِ عليها.

  والحَرْثُ: أَصلُ جُرْدَانِ الحِمَارِ، وهو نَصُّ عبارةِ الأَزْهَرِيّ في التّهْذِيب، وغيرِ واحدٍ من الأَئِمَّة، والجُرْدَانُ، بالضم: قَضِيبُ كلِّ ذي حافِرٍ، فلا يُلْتَفَتُ إِلى قولِ شيخنا: هو من إِغْرَابِه على النّاس.

  ومن المجاز: الحَرْثُ: السَّيْرُ على الظَّهْرِ حَتّى يُهْزَلَ، قال ابنُ الأَعرابيّ: حَرَثَ الإِبِلَ والخَيْلَ وأَحْرَثَهَا: إِذا سَارَ عليها حَتّى تُهْزَلَ، وفي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ «أَنَّهُ قالَ للأَنْصَارِ: مَا فَعَلَتْ نَوَاضِحُكُمُ؟ قالُوا: أَحْرَثْنَاهَا⁣(⁣٦) يَوْمَ بَدْر» أَي أَهْزَلْنَاها، يقال: حَرَثْتُ الدَّابَّةُ وأَحْرَثْتُهَا، أَي أَهْزَلْتُهَا.

  والحرث، والحِرَاثَةُ: العَمَلُ في الأَرْضِ زَرْعاً كانَ أَو غَرْساً.

  وقَدْ يكُونُ الحَرْثُ نَفْسَ الزَّرْع وبه فَسّرَ الزّجّاجُ قولَه تعالى: {أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ}⁣(⁣٧).

  حَرَثَ يَحْرُثُ، حَرْثاً، وفي التَّهْذِيب: الحَرْثُ: قَذْفُكَ الحَبَّ فِي الأَرْضِ للازْدِراعِ، والحَرَّاثُ: الزَّرّاعُ، وقد حَرَثَ، واحْتَرَثَ، مثل: زَرَعَ، وازْدَرَعَ.

  ومن المجاز: الحَرْثُ: تَحْرِيكُ النَّارِ وإِشْعالُهَا بالمِحْرَاثِ⁣(⁣٨).


(١) في النهاية: وشبهه.

(٢) في اللسان: افترار الأرض بالنبات.

(٣) في التهذيب: من كسب المال.

(٤) الأصل واللسان، وفي التهذيب: «ومنه حديث ابن عمر أنه قال».

(٥) سورة الشورى الآية ٢٠.

(٦) في النهاية واللسان: حرثناها.

(٧) سورة آل عمران الآية ١١٧.

(٨) قال الليث: محراث النار: مسحاتها التي تحرك بها النار.