[ذمر]:
  وقَولُه تعالى: {وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ}(١) فيه وَجْهانِ: أَحدُهما أَنَّ ذِكْرَ الله تعالى إِذا ذَكَرَهُ العَبْدُ خَيْرٌ للعَبْد من ذِكْر العَبْدِ للعَبْدِ.
  والوَجْهُ الآخَرُ أَنَّ ذِكْرَ الله يَنْهَى {عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ} أَكْثَرَ(٢) مما تَنْهَى الصّلاة.
  وقال الفَرَّاءُ في قَوْله تعالى: {سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ}(٣).
  وفي قوله تعالى: {أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ}(٤) قال: يُرِيد يَعِيبُ آلِهتَكم. قال: وأَنت قَائِل لرَجُل: لئن ذكَرْتَنِي لتَنْدَمَنَّ، وأَنْت تُرِيد: بسُوءٍ، فيجوز ذلك. قال عنترة:
  لا تَذْكُرِي فَرَسِي وما أَطْعَمْتُه ... فيَكون جِلْدُكِ مثْلَ جِلْدِ الأَجْرَبِ
  أَراد: لا تَعِيبِي مُهْرِي. فجعلَ الذِّكْر عَيْباً.
  قال أَبو منصور: أَنكَر أَبُو الهَيْثَم(٥) أَن يكون الذِّكْرُ عَيْباً.
  وقال في قول عَنْتَرة: أَي لا تُولَعِي بِذِكْره وذِكْرِ إِيثارِي إِيّاه باللَّبَن دُونَ العِيَال(٦). وقال الزَّجّاج نَحْواً من قول الفَرَّاءِ، قال: ويُقَال: فلانٌ يَذْكُر النَّاسَ، أَي يَغْتَابُهم، ويَذْكُر عُيُوبَهم.
  وفلانٌ يَذْكُر الله، أَي يَصِفُه بالعَظَمَة ويُثْنِي عليه ويُوَحِّده.
  وإِنما يُحذَف مع الذِّكْر ما عُقِلَ مَعْنَاه.
  وقال ابنُ دُرَيْد: وأَحسَب أَن بعضَ العَرَب يُسَمِّي السِّمَاكَ الرامِحَ: الذَّكَرَ.
  والحُصُنُ: ذُكُورَةُ الخَيْلِ وذِكَارَتُها.
  وسَيفٌ ذُو ذَكَرٍ(٧)، أَي صارِمٌ. ورجُلٌ(٨) ذَكِيرٌ، كأَمِيرٍ: أَنِفٌ أَبِيٌّ.
  وفي حديث عائشةَ ^ «ثم جَلَسوا عندَ المَذَاكرِ(٩) حتَّى بَدَا حاجِبُ الشَّمس» المَذَاكِر: جمْع مَذْكَر، مَوضع الذِّكْر، كأَنَّهَا أَرادَت: عِنْد الرُّكْن الأَسْوَدِ أَو الحِجْر.
  وقولُه تَعالى: {لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً}(١٠) أَي مَوْجُوداً بذَاتِه وإِن كان مَوجُوداً فِي عِلْم الله.
  ورَجلٌ ذَكَّارٌ، ككَتَّانٍ: كَثِيرُ الذِّكْر للهِ تَعَالى. وسَمَّوا مَذْكُوراً.
  [ذمر]: الذَّمِرُ ككَبِدٍ وكِبْدٍ أَي بكَسْر فَسُكُون، والذَّمِير، مثل أَمِير، والذِّمِرُّ، مثل فِلِزٍّ: الرَّجلُ الشُّجَاعُ جَمْع الكُلّ غيْرَ الأَخِير أَذْمَارٌ، وجَمْع الذِّمِرْ الذِّمِرُّون، والاسم الذَّمارةُ، بالفتح، وقيل: الذِّمِرُّ هو الشُّجاع المُنْكَر. وقيل: المُنْكَر الشَّدِيدُ. وقيل: هو الظَّريفُ اللَّبيبُ المعْوانُ.
  والذِّمْر، بالكَسْرِ: من أَسماءِ الدَّواهِي، كالذُّمائِرِ، بالضَمَ، وهو الشَّدِيد المُنْكَر.
  والذَّمْرُ بالفَتْحِ: المَلامَةُ والحَضُّ معاً، والتَّهدُّد والغَضَب والتَّشْجِيع.
  وفي حَديث عَلِيّ: «أَلَا وإِن الشيطانَ قد ذمَرَ(١١) حِزْبَه» أَي حَضَّهم وشَجَّعَهم.
  ذمَرَه يَذْمُرُه ذَمْراً: لامَه وحَضَّه وحَثَّه.
  وفي حَدِيث آخَرَ «وأُمُّ أَيْمَن تَذْمُر(١٢) وتَصْخَب» أَي تغضب.
  وفي حديثٍ آخَرَ: «جاءَ عُمَر، ذامراً»، أَي مُتَهَدِّداً.
  والذَّمْرُ: زَأْرُ الأَسَدِ، وقد ذَمَرَ، إِذَا زَأَرَ.
  والذِّمَارُ، بالكَسْر، ذِمَارُ الرَّجُلِ، وهو كُلُّ ما يَلْزَمُك حفْظُه وحِيَاطَتُه وحِمَايَتُه، وإِن ضَيَّعه لَزِمَه اللَّوْمُ. ويقال:
  الذِّمَار: ما وَرَاءَ الرَّجُلِ ممّا يَحِقُّ عليه أَن يَحْمِيَه، لأَنهم: قالوا: حَامِي الذِّمَارِ، كما قالُوا: حَامِي الحَقِيقَةِ. وسُمِّيَ ذِمَاراً لأَنّه يَجِب على أَهْله التَّذَمُّرُ له، وسُمِّيَت حقِيقَةً لأَنَّه يَحِقُّ على أَهلِهَا الدّفْعُ عنها.
(١) سورة العنكبوت الآية ٤٥.
(٢) في التهذيب: أكبر.
(٣) سورة الأنبياء الآية ٦٠.
(٤) سورة الأنبياء الآية ٣٦.
(٥) عبارة التهذيب: وقد أنكر بعضهم أن يكون الذكر عيباً. وقال أبو الهيثم في قول عنترة.
(٦) التهذيب: على العيال.
(٧) في اللسان: ذو ذُكْرَة.
(٨) عن اللسان، وبالأصل «سيفٌ».
(٩) في النهاية: «ثم جلسوا عند المذكر حتى بدا حاجب الشمس» المذكر موضع الذكر ..
(١٠) الآية الأولى من سورة الإنسان.
(١١) ضبطت عن النهاية، وفي اللسان بتشديد الميم.
(١٢) في النهاية: ويروى تَذَمَّر بالتشديد.