تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ذمر]:

صفحة 445 - الجزء 6

  وقَولُه تعالى: {وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ}⁣(⁣١) فيه وَجْهانِ: أَحدُهما أَنَّ ذِكْرَ الله تعالى إِذا ذَكَرَهُ العَبْدُ خَيْرٌ للعَبْد من ذِكْر العَبْدِ للعَبْدِ.

  والوَجْهُ الآخَرُ أَنَّ ذِكْرَ الله يَنْهَى {عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ} أَكْثَرَ⁣(⁣٢) مما تَنْهَى الصّلاة.

  وقال الفَرَّاءُ في قَوْله تعالى: {سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ}⁣(⁣٣).

  وفي قوله تعالى: {أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ}⁣(⁣٤) قال: يُرِيد يَعِيبُ آلِهتَكم. قال: وأَنت قَائِل لرَجُل: لئن ذكَرْتَنِي لتَنْدَمَنَّ، وأَنْت تُرِيد: بسُوءٍ، فيجوز ذلك. قال عنترة:

  لا تَذْكُرِي فَرَسِي وما أَطْعَمْتُه ... فيَكون جِلْدُكِ مثْلَ جِلْدِ الأَجْرَبِ

  أَراد: لا تَعِيبِي مُهْرِي. فجعلَ الذِّكْر عَيْباً.

  قال أَبو منصور: أَنكَر أَبُو الهَيْثَم⁣(⁣٥) أَن يكون الذِّكْرُ عَيْباً.

  وقال في قول عَنْتَرة: أَي لا تُولَعِي بِذِكْره وذِكْرِ إِيثارِي إِيّاه باللَّبَن دُونَ العِيَال⁣(⁣٦). وقال الزَّجّاج نَحْواً من قول الفَرَّاءِ، قال: ويُقَال: فلانٌ يَذْكُر النَّاسَ، أَي يَغْتَابُهم، ويَذْكُر عُيُوبَهم.

  وفلانٌ يَذْكُر الله، أَي يَصِفُه بالعَظَمَة ويُثْنِي عليه ويُوَحِّده.

  وإِنما يُحذَف مع الذِّكْر ما عُقِلَ مَعْنَاه.

  وقال ابنُ دُرَيْد: وأَحسَب أَن بعضَ العَرَب يُسَمِّي السِّمَاكَ الرامِحَ: الذَّكَرَ.

  والحُصُنُ: ذُكُورَةُ الخَيْلِ وذِكَارَتُها.

  وسَيفٌ ذُو ذَكَرٍ⁣(⁣٧)، أَي صارِمٌ. ورجُلٌ⁣(⁣٨) ذَكِيرٌ، كأَمِيرٍ: أَنِفٌ أَبِيٌّ.

  وفي حديث عائشةَ ^ «ثم جَلَسوا عندَ المَذَاكرِ⁣(⁣٩) حتَّى بَدَا حاجِبُ الشَّمس» المَذَاكِر: جمْع مَذْكَر، مَوضع الذِّكْر، كأَنَّهَا أَرادَت: عِنْد الرُّكْن الأَسْوَدِ أَو الحِجْر.

  وقولُه تَعالى: {لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً}⁣(⁣١٠) أَي مَوْجُوداً بذَاتِه وإِن كان مَوجُوداً فِي عِلْم الله.

  ورَجلٌ ذَكَّارٌ، ككَتَّانٍ: كَثِيرُ الذِّكْر للهِ تَعَالى. وسَمَّوا مَذْكُوراً.

  [ذمر]: الذَّمِرُ ككَبِدٍ وكِبْدٍ أَي بكَسْر فَسُكُون، والذَّمِير، مثل أَمِير، والذِّمِرُّ، مثل فِلِزٍّ: الرَّجلُ الشُّجَاعُ جَمْع الكُلّ غيْرَ الأَخِير أَذْمَارٌ، وجَمْع الذِّمِرْ الذِّمِرُّون، والاسم الذَّمارةُ، بالفتح، وقيل: الذِّمِرُّ هو الشُّجاع المُنْكَر. وقيل: المُنْكَر الشَّدِيدُ. وقيل: هو الظَّريفُ اللَّبيبُ المعْوانُ.

  والذِّمْر، بالكَسْرِ: من أَسماءِ الدَّواهِي، كالذُّمائِرِ، بالضَمَ، وهو الشَّدِيد المُنْكَر.

  والذَّمْرُ بالفَتْحِ: المَلامَةُ والحَضُّ معاً، والتَّهدُّد والغَضَب والتَّشْجِيع.

  وفي حَديث عَلِيّ: «أَلَا وإِن الشيطانَ قد ذمَرَ⁣(⁣١١) حِزْبَه» أَي حَضَّهم وشَجَّعَهم.

  ذمَرَه يَذْمُرُه ذَمْراً: لامَه وحَضَّه وحَثَّه.

  وفي حَدِيث آخَرَ «وأُمُّ أَيْمَن تَذْمُر⁣(⁣١٢) وتَصْخَب» أَي تغضب.

  وفي حديثٍ آخَرَ: «جاءَ عُمَر، ذامراً»، أَي مُتَهَدِّداً.

  والذَّمْرُ: زَأْرُ الأَسَدِ، وقد ذَمَرَ، إِذَا زَأَرَ.

  والذِّمَارُ، بالكَسْر، ذِمَارُ الرَّجُلِ، وهو كُلُّ ما يَلْزَمُك حفْظُه وحِيَاطَتُه وحِمَايَتُه، وإِن ضَيَّعه لَزِمَه اللَّوْمُ. ويقال:

  الذِّمَار: ما وَرَاءَ الرَّجُلِ ممّا يَحِقُّ عليه أَن يَحْمِيَه، لأَنهم: قالوا: حَامِي الذِّمَارِ، كما قالُوا: حَامِي الحَقِيقَةِ. وسُمِّيَ ذِمَاراً لأَنّه يَجِب على أَهْله التَّذَمُّرُ له، وسُمِّيَت حقِيقَةً لأَنَّه يَحِقُّ على أَهلِهَا الدّفْعُ عنها.


(١) سورة العنكبوت الآية ٤٥.

(٢) في التهذيب: أكبر.

(٣) سورة الأنبياء الآية ٦٠.

(٤) سورة الأنبياء الآية ٣٦.

(٥) عبارة التهذيب: وقد أنكر بعضهم أن يكون الذكر عيباً. وقال أبو الهيثم في قول عنترة.

(٦) التهذيب: على العيال.

(٧) في اللسان: ذو ذُكْرَة.

(٨) عن اللسان، وبالأصل «سيفٌ».

(٩) في النهاية: «ثم جلسوا عند المذكر حتى بدا حاجب الشمس» المذكر موضع الذكر ..

(١٠) الآية الأولى من سورة الإنسان.

(١١) ضبطت عن النهاية، وفي اللسان بتشديد الميم.

(١٢) في النهاية: ويروى تَذَمَّر بالتشديد.