تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[زوغ]:

صفحة 29 - الجزء 12

  قُلْتُ: وقَوْلُ المُصَنِّفِ: «في الكُلِّ» يُشْعرُ بأَنَّ زُلُوغَ الشَّمْسِ والنّارِ أَيْضاً بإِهْمَالِ العَيْنِ، فيحتاج أَنْ يُذْكَرا في تَرْكِيبِ «ز ل ع» وقَدْ أَهْمَلَهُمَا هُنَاكَ، كما نَبَّهْنَا عَلَيْهِ، وأَمّا الصّاغَانِيُّ فأَوْرَدَهُمَا عَن ابْنِ عَبّادٍ وسَلَّمَ، ولَم يَقُلْ: إِنَّهُ تَصْحِيفٌ، فالأَوْلَى حَذْفُ لَفْظَةِ «في الكُلِّ»، فإِنَّهُ لَوْ كانَ إِهْمَالُ العَيْنِ فِيهِمَا صَوابا لذَكَرَهُما الأَئِمَّةُ في تَرْكِيبِ «ز ل ع» ولَم يَتَعَرَّضْ لَهُمَا أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَعَلِمْنَا أَنَّهُمَا بالغَيْنِ مُعْجَمَةً، فَتأَمَّلْ.

  وازْدَلَغَ الجِلْدُ: إذا أَصابَتْهُ النّارُ فاحْتَرَقَ، نَقَلَهُ العُزَيْزِيُّ في تَكْمِلَةِ العَيْنِ.

  * ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:

  زَلَغَهُ بالعَصَا: ضَرَبَهُ، عن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ، كَذا في اللِّسَان.

  [زوغ]: زاغَ يَزُوغُ زَوْغًا وزَيْغًا: مَالَ عَنِ القَصْدِ، عَن ابْنِ دُرَيْدٍ.

  وَزَاغَ عن الطَّرِيقِ زَوْغًا، وزَيْغًا: عَدَلَ، والياءُ أَفْصَحُ، وَأَنْشَدَ ابنُ جِنِّي في الواوِ:

  صَحَا قَلْبِي وأَقْصرَ واعِظَايَهْ ... وَعُلِّقَ وَصْلَ أَزَوغَ مِنْ عَظَايَهْ

  جَعَلَ الزَّيَغَانَ للعَظايَةِ.

  وزاغَ قَلْبَه يَزُوغُه: أَمالَ جاءَ مُتَعَدِّياً أَيْضاً، وقَرَأَ نافِعٌ في الشَّواذِّ: رَبَّنَا لا تَزُغْ قُلُوبَنا⁣(⁣١) بفَتْحِ التّاءِ وضَمِّ الزّايِ.

  وقال ابنُ عَبّادٍ: زاغَ النَّاقَةَ يَزُوغُها زَوْغًا: جَذَبها بالزِّمامِ وَأَنْشَدَ قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:

  ولا مَنْ زاغَها بالخَزائِمِ⁣(⁣٢)

  قال: والعَيْنُ أَعْرَفُ، قال الصّاغَانِيُّ أَمّا اللُّغَةُ فَبالعَيْنِ المُهْمَلَةِ لا غَيْرُ، وأَمّا ما ذَكَرَ لِذِي الرُّمَّةِ فَلَم أَجِدْهُ في مِيمِيَّتِه الَّتِي أَوَّلُهَا:

  خَلِيلَيَّ عُوجا النّاعِجَاتِ فسَلِّما ... عَلَى طَلَلٍ بَيْنَ النَّقَى والأَخارِمِ

  قلتُ: والبَيْتُ المَذْكُورُ لِذِي الرُّمَّةِ تَقَدَّمَ إِنْشادُه عَلَى الكَمَالِ في «ز وع» فراجِعْه.

  وقال: اليَزِيدِيُّ: زاغَ في كُلِّ ما جَرَى في المَنْطِقِ يَزُوغُ زَوَغَانًا مُحَرَّكَةً، أي: جَارَ.

  * ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  أَزاغَهُ في المَنْطِقِ إِزاغَةً، وأَنا أُزِيغُه، وزاوَغْتُه مُزَاوَغَةً وَزِوَاغًا، وزُغْتُ بِه.

  ثُمَّ هذا الحَرْفُ مَكْتُوبٌ عِنْدَنا بالأَسْوَدِ، وهكَذا في غالِبِ النُّسَخِ، وقَالَ الصّاغَانِيُّ في التَّكْمِلَةِ: «ز وغ» أَهْمَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، ونَقَلَ قَوْلَ اليَزِيدِيِّ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ، فتَأَمَّلْ.

  [زيغ]: زاغَ يَزِيغُ زَيْغًا، وزَيَغانًا، الأَخِيرَةُ مُحَرَّكَةً، وزَيْغُوغَةً كشَيْخُوخَةٍ: مَالَ فهُوَ زائِغَ، والواوُ لُغَةٌ.

  ومِنَ المَجَازِ: زاغَ البَصَرُ زَيْغًا، أي: كَلَّ، وَمِنْهُ قَوْلُه تَعالَى: {ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى}⁣(⁣٣) وقِيلَ: زاغَتِ الأَبْصَارُ، أي: مالَتْ عَنْ مَكانِهَا، كما يَعْرِضُ للإنْسانِ عِنْدَ الخَوْفِ.

  ومِنَ المَجَازِ أَيْضاً: زَاغَتِ الشَّمْسُ زَيْغًا وزُيُوغًا، فَهِيَ زائِغَةٌ: مالَتْ، ففَاءَ الفَيْءُ.

  والزَّيْغُ: الشَّكُّ، والجَوْرُ عَنِ الحَقِّ، ومِنْهُ قَوْلُه تَعالَى: {فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ}⁣(⁣٤) وفي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ، ¥: «أَخَافُ إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِه أَنْ أَزِيغَ» أي: أَجُورَ وَأَعْدِلَ عَنِ الحَقِّ، وقالَ الرّاغِبُ: الزَّيْغُ: المَيْلُ عن الاسْتِقَامَةِ إلى أَحَدِ الجانِبَيْنِ، وزالَ، ومَالَ، وزاغَ مُتَقَارِبَةٌ، لكِنْ زاغَ لا يُقَالُ إلّا فِيما كانَ عَنْ حَقٍّ إِلَى باطِلٍ.

  وقَوْمٌ زاغَةٌ عَنِ الشَّيْءِ، أي: زائِغُونَ، كالباعَةِ للبَائِعِينَ.

  والزَّاغُ: غُرَابٌ صَغِيرٌ إِلَى البَيَاض، لا يَأْكُلُ الجِيَفَ، وَقد رُخِّصَ في أَكْلِه. قُلْتُ: وهُوَ المُسَمَّى الآنَ بمِصْر بالغُرَاب النُّوحِيِّ ج: زِيغانٌ كطِيقانٍ وطاقٍ، وقالَ الأزْهَرِيُّ: لا أَدْرِي أَعَرَبِيٌّ أَمْ مُعَرِّب؟


(١) سورة آل عمران الآية ٨.

(٢) تمامه في اللسان «زوع»

ألا لا تبالي العين من شد كورها ... عليها ولا من زاعها بالخزائم

قال في التكملة: زاغ الناقة بزمامها مثل زاعها.

(٣) سورة النجم الآية ١٧.

(٤) سورة آل عمران الآية ٧.