[مزح]:
  [مزح]: مَزَحَ كمَنَع يَمْزَح مَزْحاً ومُزَاحاً ومُزَاحَةً، بضمّهما - وقد ضبط بالكسر في أَوّلهما أَيضاً وضَبَطَ الفيّوميّ ثانيهما ككَرَامَة، وهما أَي المُزَاح والمُزاحَة اسمانِ للمصدَر -: دَعَبَ، هكذا فَسَّروه. وفي المحكم: المَزْح نَقيضُ الجِدّ. ونقل شيخُنَا عن بعضِ أَهل الغَرِيب أَنَّه المُبَاسَطَة إِلى الغَيْرِ على جِهَةِ التّلَطُّف والاستِعْطَافِ دونَ أَذِيَّة، حتّى يَخْرُجَ الاستهزاءُ والسُّخَرية. وقد قَال الأَئمة: الإِكثارُ منه والخُرُوجُ من الحدّ مُخِلٌّ بالمرُوءَةِ والوَقَارِ، والتنزُّهُ عنه بالمَرَّةِ والتقبُّضُ مُخِلٌّ بالسُّنَّةِ والسِّيرةِ النَّبَوِيّة المأْمُورِ باتّباعها والاقتداءِ، وخيرُ الأُمور أَوْسطُها.
  ومَازَحَه مُمازَحَةً ومِزَاحاً، بالكسر، استدرَكه بالضَّبْط لإِزالة الإِبهام بينه وبين ما قبلَه. وإِيّاك والمُزاح، ضبط بالكسر والضّمّ.
  وتَمَازَحَا: تَدَاعَبَا، ورجُلٌ مَزَّاحٌ.
  والإِمزاحُ: تِعْرِيشُ الكَرْمِ، حكاه أبو حنيفة.
  ومن المجاز: مَزَّحَ العِنَبُ تَمزيحاً: لَوَّنَ، وكذلك السُّنبلُ. ومَزَّحَ الكَرْمُ: أَثْمرَ، أَو الصواب بالجيم، وقد تقدّم، وأورده الزمخشريّ وغيره هنا(١).
  والمَزْحُ: السُّنْبُل:
  * ومما يستدرك عليه:
  المُزَّحُ من الرِّجَال: الخارجون من طَبْع الثُّقلاءِ المُتميِّزُون من طبع البُغَضاءِ، قاله الأَزهريّ.
  ومُنْيَةُ مَزّاحٍ، ككتّان، قَرية بمصر من الدَّقهليّة، نُسب إِليها أَبو العزائم سُلطانُ بنُ أَحمدَ بن إِسماعيلَ، مُقْرِيءُ الدِّيارِ المصريّة وعالمِها، حدّثنا عنه شيوخُ مشايخِ مشايخِنا.
  [مسح]: المَسْحُ، كالمَنْع: إِمرارُ كَ اليَدَ على الشّيْءِ السَّائِل أو المُتَلطِّخِ لإِذهابِه بذلك، كمَسْحِك رأْسَك من الماءِ وجَبِينَك من الرَّشَح، كالتَّمسيحِ والتَّمَسُّح، مَسَحه يَمسَحه مَسْحاً، ومسَّحَه، وتَمسَّح منه وبه.
  وفي حديث فرَسِ المُرَابطِ «أَنّ عَلَفَه ورَوْثَهُ ومَسْحاً عنهُ، في مِيزَانِه» يُرِيدُ مَسْحَ التُّرابِ عنه وتَنظيفَ جِلْدِه. وفي لسان العرب: وقوله تعالى {وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}(٢) فسَّره ثعلبٌ فقال: نزَل القُرآنُ، بالمَسْح والسُّنَّةُ بالَغسْل، وقال بعضُ أَهلِ اللُّغَة: من خَفَض «أَرجُلِكم» فهو على الجِوَارِ. وقال أَبو إِسحاق النّحوي: الخفْضُ على الجِوَارِ لا يجوز في كتابِ الله ø، وإِنّما يجوز ذلك فِي ضَرورة الشِّعْر، ولكنّ المَسْحَ على هذه القراءَةِ كالغَسْل. ومّما يَدلُّ على أَنّهُ غَسْلٌ أَنّ المسحَ على الرِّجْل لو كانَ مَسْحاً كمَسْحِ الرَّأْسِ لَم يَجُزْ تَحديدُه إِلى الكَعْبَيْن كما جاز التحديدُ في اليَديْن إِلى المرافق، قال الله ø {وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ}، بغير تَحديدِ في القرآن، وكذلك في التَّيمُّمِ {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}(٣) من غير تَحديد، فهذا كلُّه يُوجِب غَسْلَ الرِّجلين. وأَمّا مَن قرأَ {وَأَرْجُلَكُمْ} فهو على وَجهَين: أحدهما أَنّ فيه تَقديماً وتأْخيراً، كأَنّه قال: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ...} {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ...}[ {وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ}، فقدّمَ وأَخَّرَ ليكون الوضُوءُ وِلاءً شيئاً بعد شيْءٍ. وفيه قولٌ آخَر، كأَنّه أَراد: واغسلوا أَرْجُلَكم إِلى الكعبين](٤) لأنّ قَوله {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} قد دَلَّ على ذلك كما وصَفْنَا، ويُنْسَق بالغَسْل(٥)، كما قَال الشاعِر.
  يا لَيْتَ زَوْجَكِ قد غَدَا
  مُتَقَلِّداً سيْفاً ورُمْحَا
  المعنى متقلّداً سيفاً وحاملاً رُمحاً.
  وفي الحديث «أَنّه تَمسَّحَ وصَلَّى» أَي تَوضّأَ. قال ابن الأَثير: يقال للرَّجل إِذا تَوَضَّأَ: قد تَمَسَّح، والمسْحُ يكون مَسْحاً باليَد وغَسْلاً. ونقل شيخُنا هذه العبارةَ بالاختصار ثم أَتبعها بكلامِ أَبي زيدِ وابن قُتيبة ما نصُّه: قال أبو زيد: المَسْحُ في كلام العرب يكون إِصابَةَ البَللِ، ويكون غَسْلاً، يُقَال مَسَحْتُ يَدِي بالماءِ، إِذا غَسَلْتُها، وتَمسَّحْتُ بالماءِ،
(١) قال في الأساس: وهو الصحيح دون الجيم. وأنشدوا قول ابن هرمة:
كما صاح سرب من عصافير صيغة
كواعدن كرماً بالسراة ممزّحا
(٢) سورة المائدة الآية ٦.
(٣) سورة المائدة الآية ٦.
(٤) ما بين معكوفتين زيادة عن التهذيب واللسان، وقد نبه بهامش المطبوعة المصرية إِلى هذا النقص ورواية اللسان.
(٥) الأصل واللسان، وزيد في التهذيب: على المسح.