تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حدق]:

صفحة 68 - الجزء 13

  للصّاغانِيِّ، فالصوابُ أَنَّ أَحَدَهُما تَصْحِيفٌ عن الآخَرِ، فتَأَمَّلْ.

  [حدبق]: الحُدْبُقُ، كعُصْفُرٍ أَهمَلَه الجوهرِيُّ، وصاحبُ اللِّسانِ، وقالَ ابنُ عَبّادٍ: هو القَصِيرُ المُجْتَمِعُ كما في العُبابِ.

  [حدق]: الحَدَقَةُ، محرَّكَةً: سوادُ العَيْنِ عن ابنِ دُرَيْدٍ، وهو المُسْتَدِيرُ وَسَطَ العَيْنِ، وقِيلَ: هي في الظّاهِرِ سوادُها، وفي الباطِن خَرَزَتُها، وقال الجَوْهَرِيُّ: سوادُها الأَعْظَم، وقال غيرُه: السّوادُ الأَعْظَمُ في العينِ هي الحَدَقَة، والأَصْغَرُ هو الناظِرُ، وفيه إِنسانُ العَيْنِ، وإِنّما الناظِرُ كالمِرْآةِ إِذا اسْتَقْبَلْتَها رأَيْتَ فِيها شَخْصَك، وقولُهم في حديث الأَحْنَف: «نَزَلُوا في مِثْلِ حَدَقَةِ البَعِيرِ أَي: نَزَلُوا في خِصْبٍ، وشَبَّهَهُ بحَدَقَةِ البَعيرِ لأَنّها رَيَّا من الماءِ، قال ابنُ الأَثِيرِ: لأَنّها تُوصَفُ بكثرةِ الماءِ والنَّداوَةِ، ولأَنَّ المُخَّ لا يَبْقَى في شَيْءٍ من الأَعْضاءِ بقاءَه في العَيْنِ كالحُنْدُوقَةِ بالضَّمِّ والحِنْدِيقَةِ بالكسرِ، قال ابنُ دُرَيْدٍ: ولا أَدْرِي ما صِحَّتُها⁣(⁣١)، ج: حَدَقٌ بحَذْفِ الهاءِ وأَحْداقٌ، وحِداقٌ واقتصرَ الجوهريُّ على الأَولِ والثانِي، وأَنْشَدَ لأَبِي ذُؤَيْبٍ:

  فالعَيْنُ بَعْدَهُمُ كأَنَّ حِداقَها ... سُمِلتْ بشَوْكٍ، فَهْيَ عُورٌ تَدْمَعُ⁣(⁣٢)

  قالَ: «حِداقها» أَرادَ الحَدَقَةَ وما حَوْلَها، كما يُقال للبَعِيرِ: ذُو عَثانِينَ، ومِثْلُه كَثِيرٌ.

  وحَدَقُوا به يَحْدِقُونَ: إِذا أَطافُوا به قالَ الأَخْطَلُ يَمْدَحُ بَنِي أُمَيَّةَ:

  المُنْعِمُونَ بَنُو حَرْبٍ وقَدْ حَدَقَتْ ... بيَ المَنِيَّةُ واسْتَبْطَأْتُ أَنْصارِي

  كأَحْدَقُوا به، وكُلُّ شَيْءٍ اسْتَدارَ بشَيْءٍ، وأَحاطَ بهِ، فقد أَحْدَقَ به.

  وتَقُول: عليه شامَةٌ سَوْداءُ قد أَحْدَقَ بِها بَياضٌ.

  واحْدَوْدَقُوا بالشَّيْءِ: مثل حَدَقُوا به، وأَحْدَقُوا، نقله الصّاغانِيُّ. وحَدَقَ فلانٌ الشَّيْءَ بعَيْنِه يَحْدِقُه حَدْقاً: إِذا نظر اليْه وفي حَدِيثِ مُعاوِيَةَ بنِ الحَكَمِ: «فحَدَقَنِي⁣(⁣٣) القَوْمُ بأَبْصارِهِم» أَي: رَمَوْنِي بحَدَقِهِم.

  ورأَيْتُ المَيِّت يَحْدِقُ يَمْنَةً ويَسْرَةً حُدُوقاً بالضَّمِّ: إِذا⁣(⁣٤) فَتَح عَيْنَيْهِ، وطَرَفَ بهما.

  وحَدَقَ فُلاناً: إِذا أَصابَ حَدَقَتَه.

  ويُقالُ للقَوْمِ المُصِيبِينَ في الرِّمايَةِ: رُماةُ الحَدَقِ.

  والحَدَقُ، مُحَرَّكَةً: الباذِنْجانُ نَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ عن ابنِ الأَعْرابِيِّ، واحِدَتُها حَدَقَةٌ، شُبِّهَ بحَدَقِ المَها، قال:

  تَلْقَى بِها بِيضَ القَطا الكُدارِي ... تَوائِماً كالحَدَقِ الصِّغارِ

  ووُجِدَ بخَطِّ عليِّ بنِ حَمْزَةَ: الحَذَقُ: الباذِنْجانُ، بالذّال المَنْقُوطة، ولا يُعْرَفُ.

  والحَدِيقَةُ: الرَّوْضَةُ ذاتُ الشَّجَرِ كما في الصِّحاحِ، وهي كُلُّ أَرضٍ استدارَتْ، وأَحْدَقَ بها حاجِزٌ، أَو أَرضٌ مُرْتَفِعَةٌ، قال عَنْتَرَةُ:

  جادَتْ عَلَيْها كُلُّ بِكْرٍ حُرَّةٍ ... فتَرَكْنَ كُلَّ حَدِيقَةٍ كالدِّرْهَمِ

  ويُرْوَى: «كُلَّ قَرارَةٍ».

  وقِيلَ: الحَدِيقَةُ: حُفْرةٌ تكونُ في الوادِي تَحْبِسُ الماءَ، وكُلُّ وَطِئٍ يَحْبِسُ الماءَ في الوادِي - وإِن لم يَكُن الماءُ في بَطْنِه -: حَدِيقَةٌ، والحَدِيقَةُ أَعْمَقُ من الغَدِيرِ ج: حَدائِقُ وفي التَّنْزِيلِ العَزِيزِ: {وَحَدائِقَ غُلْباً}⁣(⁣٥).

  أَو الحَدِيقَةُ: البُسْتانُ عليه الحائِطُ، وخَصَّ بعضُهُم من النَّخْلِ والشَّجَرِ المُلْتَفِّ، وهو قَوْلُ ابنِ دُرَيْدٍ والزَّجّاج، وخَصَّ بعضُهم الشَّجَرَ بالمُثْمِرِ، وقال بَعْضُهُم: بل هِيَ الجَنَّةُ من نَخْلٍ وعِنَبٍ، قال:

  صُوْرِيَّةٌ أُولِعْتُ باشْتِهارِها ... ناصِلَةُ الحِقْوَيْنِ من إِزارِها


(١) الجمهرة ٢/ ١٢٣.

(٢) ديوان الهذليين ١/ ٣.

(٣) ضبطت في اللسان بتشديد الدال.

(٤) في التهذيب: أي يفتح عينيه وينظر.

(٥) سورة عبس الآية ٣٠.