تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[روغ]:

صفحة 26 - الجزء 12

  [روغ]: راغَ الرَّجُلُ والثَّعْلَبُ يَرُوغُ رَوْغًا ورَوَغَانًا، الأَخِيرُ بالتَّحْرِيكِ، أي: مالَ، وحادَ عَنِ الشَّيْءِ.

  وَرَاغَ فُلانٌ إِلَى فُلانٍ: مالَ إِلَيْهِ سِرًا، ومِنْهُ قَوْلُه تَعالَى: {فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ}⁣(⁣١) وقَوْلُه تَعالَى: {فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ}⁣(⁣٢) كُلُّ ذلِكَ انْحِرَافٌ في اسْتِخْفَاءٍ، وقيلَ: أَقْبَلَ، وقالَ الفَرّاءُ: قَوْلُه: {فَراغَ إِلى أَهْلِهِ} مَعْنَاهُ: رَجَعَ إِلَى أَهْلِه في حالِ إِخْفَاءٍ مِنْه لِرُجُوعِه، وَلا يُقَالُ لِلَّذِي رَجَعَ: قَدْ راغَ، إلّا أَنْ يَكُونَ مُخْفِياً لِرُجُوعِهِ، وَقالَ: في قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَراغَ عَلَيْهِمْ}: مالَ عَلَيْهِم، وكَأَنَّ الرَّوْغَ ههُنَا أيْ: أَنَّهُ اعْتَلَّ عَلَيْهِمْ رَوْغًا؛ لِيَفْعَلَ بآلِهَتِهِمْ مَا فَعَلَ، وقالَ الرّاغِبُ: أَصْلُ مَعْنَى الرَّوْغِ: المَيْلُ في جانِبٍ، لِيَخْدَعَ مَنْ خَلْفَهُ.

  والاسْمُ: الرَّواغُ، كسَحابٍ.

  والرَّوّاغُ كشَدّادٍ. الثَّعْلَبُ، وَمِنْهُ قَوْلُ مُعَاوِيَةَ لِعَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ ¤: «إِنَّمَا أَنْتَ ثَعْلَبٌ رَوّاغٌ، كُلَّما خَرَجْتَ مِنْ جُحْرٍ انْجَحَرْتَ في جُحْرٍ».

  والرَّوّاغُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ قَيْسٍ بنِ سُمَيٍّ من تُجِيبَ القَبِيلَة المَشْهُورَة.

  والرَّوّاغُ والِدُ⁣(⁣٣) سُلَيْمَانَ الخُشَنِيِّ الَّذِي هُوَ شَيْخٌ لسَعِيدِ بنِ عُفَيْرٍ، ووالِدُ أَبِي الحَسَنِ أَحْمَدَ بنِ الرَّوّاغِ بنِ بُرْدِ بنِ نَجِيحٍ الأَيْدَعَانِيِّ المِصْرِيِّ، الَّذِي يَرْوِي عَنْ بُجَيْرِ بنِ بُكَيْرٍ المُحَدِّثِينَ ذكَرَهُم ابنُ يُونُسَ في تَارِيخِ مِصْرَ، وقد سَبَقَ للمُصَنِّفِ في «رَوَعَ» هذا الكَلامُ بعَيْنِه تَقْلِيدًا للِصّاغانِيِّ، ثُمَّ أَعادَه هُنَا عَلَى الصّوابِ من غَيْرِ تَنْبِيهٍ عليهِ، وهُوَ غَرِيبٌ مِنْهُ يُحْتَاجُ التَّنَبُّهُ له.

  ويُقَال: هذِه رِواغَتُهم ورِياغَتُهُم بِكَسْرِهِما، أي: مُصْطَرَعُهُمْ أي: المَوْضِعُ الَّذِي يَصْطَرِعُونَ فِيهِ، صارَت الواوُ ياءً لِانْكِسَارِ ما قَبْلَها، نَقَلَ الجَوْهَرِيُّ الثانِيَةَ عَن اليَزِيدِيِّ، قال الصّاغَانِيُّ: وهذا القَلْبُ لَيْسَ بضَرْبَةِ لازِبٍ.

  والرِّياغُ، كَكِتَابٍ: الخِصْبُ، نَقَلَهُ ابنُ عَبّادٍ.

  قال: ويُقَالُ: أَخَذْتَنِي بالرُّوَيْغَةِ، كجُهَيْنَةَ، أي: بالحِيلَةِ، وهُوَ مِنَ الرَّوْغِ، بالفَتْحِ.

  وأَراغَ إِراغَةً: أَرادَ وطَلَبَ، كارْتاغَ، تَقُول: أَرَغْتُ الصَّيْدَ، وماذَا تُرِيغُ: أي: ما تُرِيدُ وما تَطْلُبُ. وقَال خالِدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ كِلابٍ في فَرَسِه حَذْقَةَ:

  أَرِيغُونِي إِراغَتَكُمْ فإِنِّي ... وَحَذْقَةَ كالشَّجَى تَحْتَ الوَرِيدِ⁣(⁣٤)

  وَفي التَّهْذِيبِ: فُلانٌ يُرِيغُ كَذا وكَذا، ويُلِيصُه، أي: يَطْلُبُه ويُرِيدُه⁣(⁣٥)، وأَنْشَدَ اللَّيْثُ:

  يُدِيرُونَنِي عَن سالِمٍ وأُرِيغُه ... وَجِلْدَةُ بَيْنَ العَيْنِ والأَنْفِ سالِمُ⁣(⁣٦)

  وَيُقَال: فُلانٌ يُرِيغُنِي عَلَى أَمْرٍ، وعَنْ أَمْرٍ، أي: يُراوِدُنِي وَيَطْلُبُه مِنِّي، ومِنْهُ حَدِيثُ قَيْسٍ: «خَرَجْتُ أُرِيغُ بَعِيرًا شَرَدَ مِنِّي» أي: أَطْلُبُه بِكُلِّ طَرِيقٍ، ومِنْهُ رَوَغانُ الثَّعْلَبِ.

  وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: رَوَّغ فُلانٌ الثَّرِيدَةَ تَرْوِيغًا: إذا دَسَّمَهَا ورَوّاها، وَكَذلِكَ مَرَّغَهَا، وسَغْبَلَهَا، وروَّلَها، وهو مَجَازٌ، ومنه الحَدِيثُ: «فَلْيُرَوِّغْ لَهُ لُقْمَةً» أي: يُشرِّبْهَا بالدَّسَمِ.

  والمُرَاوَغَةُ: المُصَارَعَةُ، يُقَالُ: هُوَ يُرَاوِغُ فُلانًا: إذا كانَ يحِيدُ عَمّا يُدِيرُه عَلَيْهِ ويُحَايِصُه، قال عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ العِبَادِيُّ:

  يَوْمَ لا يَنْفُعُ الرِّواغُ ولَا يَنْ ... فَعُ إِلَّا المُشَيَّعُ النِّحْرِيرُ

  كالتَّراوُغِ يُقَال: تَرَاوَغَ القَوْمُ، أي: راوَغَ بَعْضُهم بَعْضاً.

  [وأَنْ يَطْلُبَ بعضُ القومِ بعضاً.] *.

  وقال ابْنُ دُرَيْدٍ: تَرَوَّغَ، هكَذَا في النُّسَخِ، والصَّوابُ: تَرَوَّغَتِ الدّابَّةُ: إذا تَمَرَّغَتْ.


(١) سورة الذاريات الآية ٢٦.

(٢) سورة الصافات الآية ٩٣.

(٣) في القاموس: «والدا سليمان الخشني وأحمد ..».

(٤) البيت في اللسان «حذف» قاله في فرسه حذفة وروايته:

فمن يك سائلا عني فإني ... وَحذفة كالشجا تحت الوريد

(٥) في التهذيب واللسان: ويديره.

(٦) البيت في التهذيب ونسبه لدارة أبي سالم.

(*) ساقطة من المطبوعتين: المصرية والكويتية.