تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[جدع]:

صفحة 54 - الجزء 11

  ضِئْبُهُ: ما فِيهِ من حَبِّ اللُّؤْلُؤِ، شَبَّهَ قَطَرَانَ الدَّمْعِ به.

  مِنْ طَمْحَةٍ⁣(⁣١) صَبِيرُهَا جَحْلَنْجَعِ

  وفي بَعْضِ النُّسَخِ⁣(⁣٢):

  لَمْ يَحْضهَا الجَدْوَلُ بالتَّنَوُّعِ.

  هكَذَا ذَكَرُوه ولَمْ يُفَسِّرُوه.

  وِقَالُوا: القائِلُ أَبو تُرَابِ: كانَ أَبُو الهَمَيْسَعِ - فِيمَا ذُكِرَ - مِن أَعْرَابِ مَدْيَنَ، وما كُنَّا نَكادُ نَفْهَمُ كَلامَهُ، قالَ: وكانَ يُسَمِّي الكُوزَ⁣(⁣٣) المِحْفَى. وقالَ الأَزْهَرِيُّ عن هذِهِ الكَلِمَة وما بَعْدَها في أَوّلِ بابِ الرُّبَاعيّ من حَرْفِ العَيْنِ: هذِه حُرُوفٌ لا أَعْرِفُها، ولَمْ أَجِدْ لَها أَصْلاً في كُتُبِ الثِّقَاتِ الَّذِينَ أَخَذُوا عَنِ العَرَبِ العَارِبَةِ ما أَوْدَعُوا كُتُبَهُمْ، ولَمْ أَذْكُرْها وأَنا أَحُقُّها، ولكِنْ ذَكَرْتُهَا اسْتِنْداراً لَها، وتَعَجُّباً مِنْهَا، ولا أَدْرِي ما صِحَّتُهَا، ولَمْ أَذْكُرْها هُنَا مَعَ هذا القَوْلِ إِلَّا لَئَلّا يَذْكُرَها ذاكِرٌ، أَو يَسْمَعَها سَامِعٌ فيَظُنَّ بِها غَيْرَ مَا نَقَلْتُ فِيها. والله أَعْلَمُ.

  قال شَيْخُنَا: وقد اخْتَلَفَتْ فيه كَلِمَةُ أَئمَّةِ الصَّرْفِ، وادَّعَوْا فيه الاسْمِيَّةَ والفِعْلِيَّةَ، وقالَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُ فِعْلٌ: لَمْ يَرِدْ فِعْلٌ سُدَاسِيٌّ لَيْسَ أَوَّلُهُ هَمْزَةَ وَصْلٍ غَيْرُ هذَا اللَّفْظِ، والفِعْلِيَّةُ فيه - ولا سِيَّما في نَظْمٍ أَبِي الهَمَيْسَعِ - غَيْرُ ظَاهِرَةٍ، ولا فيه ما يَدُلُّ عَلَيْهَا، والله أَعْلَمُ.

  قُلتُ: الَّذِي حَكاهُ الأَزْهَرِيُّ⁣(⁣٤) عن الخَلِيل بنِ أَحْمَدَ قالَ: الرُّباعِيّ يَكُونُ اسْماً ويَكُونُ فِعْلاً، وأَمَّا الخُمَاسِيُّ فلا يَكُونُ إِلّا اسْماً، وهو قَوْلُ سِيبَوَيْه ومَنْ قالَ بقَوْلِه، فتَأَمَّلْ.

  هذا ما أَوْرَدَهُ شَيْخُنَا.

  [جدع]: الجَدْعُ، كالمَنْعِ: الحَبْسُ والسّجْنُ، جَدَعْتُه فهو مَجْدُوعٌ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ هُنَا وفي الذَّالِ المُعْجَمَةِ أَيْضاً، وقِيلَ: بالذَّالِ مُعْجَمَةٍ هُو المَحْفُوظُ، كما سَيَأْتِي.

  ويُقَالُ: جَدَعَ الرَّجُلُ عِيَالَه، إِذا حَبَسَ عَنْهُم الخَيْرَ. قال أَبُو الهَيْثَمِ: الَّذِي عِنْدَنَا في ذلِكَ أَنَّ الجَدْعَ والجَذْعَ وَاحِدٌ، وهو حَبْسُ مَنْ تَحْبِسُهُ عَلَى سُوءِ وَلائِهِ⁣(⁣٥)، وعَلَى الإذالةِ مِنْكَ.

  وِالجَدْعُ: القَطْعُ البائنُ، وقِيلَ: هُوَ قَطْعُ الأَنْفِ، أَو الأُذُنِ، أَو اليَدِ، أَو الشَّفَة ونَحْوِهَا. يُقَالُ: جَدَعَهُ يَجْدَعُهُ فهو جادِعٌ، وقَدْ جَدِعَ جَدَعاً، فهو أَجْدَعُ بَيِّنُ الجَدَع، مُحَرَّكةً، والأُنْثَى جَدْعاءُ. قالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ الكِلابَ والثَّوْرَ:

  فانْصَاعَ مِنْ حَذَرٍ وسَدَّ فُرُوجَهُ ... غُبْرٌ ضَوارٍ: وَافِيانِ وأَجْدَعُ

  أَجْدَعُ، أَي مَقْطُوعُ الأُذُنِ، وَافِيَان: لم يُقْطَعْ من آذانِهِمَا شَيْءٌ. قُلْتُ: ويُرْوَى «فاهْتَاجَ مِن فَزَعِ»⁣(⁣٦). وغُبْرٌ: طوال وفي رِوَايَةٍ: «غُبْسٌ ضوارٍ» أَيْ لَمَّا أَفْزَعَتْه الكِلابُ عَدَا عَدْواً شَدِيداً، فكانَ ذلِكَ العَدْوُ هو الَّذِي سَدَّ فُرُوجَهُ، إِلَّا أَنَّ اللَّفْظَ للْكِلابِ والمَعْنَى علَى العَدْوِ، هذَا قَوْلُ الأَصْمَعِيّ، كما في شَرْحِ الدِّيوانِ. وقِيلَ: لا يُقَالُ: جَدِعَ، ولكِنْ جُدِعَ من المَجْدُوع.

  وِالجَدَعَةُ، مُحَرَّكةً: ما بَقِيَ مِنْهُ بَعْدَ الجَدْعِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وهي مَوْضِعُ الجَدْعِ، وكَذلِكَ العَرَجَةُ مِنَ الأَعْرَجِ، والقَطَعَةُ مِنَ الأَقْطَعِ.

  وِالأَجْدَعُ: الشَّيْطَانُ، قال الفَرّاءُ: يُقال: هو الشَّيْطَانُ، والمارِدُ، والمارِج، والأَجْدَعُ.

  وِالأَجْدَعُ: وَالِدُ مَسْرُوقٍ التّابِعِيِّ الكَبِيرِ، هو أَبو عَائِشَةَ مَسْرُوقُ بنُ الأَجْدَعِ بنِ مالِكِ بن أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ الله بنِ مُرِّ بنِ سَلامانَ بنِ مَعْمَرِ بنِ الحارِثِ بنِ سَعْدِ بنِ عبْدِ الله بنِ وَدَاعَةَ⁣(⁣٧) الهَمْدَانِيُّ، ثمّ الوَدَاعِيُّ الكُوفِيُّ، مِنْ ثِقَاتِ التابعين، وغيَّرَهُ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضِيَ الله تَعالَى عنه وسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمنِ، ورُوِيَ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّه قَالَ: قَدِمْتُ على عُمَرَ، فقالَ لِي: ما اسْمُك؟ فقُلْتُ: مَسْرُوقُ بنُ الأَجْدَعِ، فَقَالَ: أَنْتَ مَسْرُوقُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ. حَدَّثَنا رَسُولُ الله ÷ أَنَّ الأَجْدَعَ شَيْطَانٌ. فكانَ اسْمُه فِي الدّيوانِ مَسْرُوقَ بن عَبْدِ الرَّحْمنِ.

  وِجُدَيْعٌ، كزُبَيْرٍ: عَلَمٌ.


(١) في اللسان: وطمحةٍ.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وفي بعض النسخ أي زيادة على الشطر الثلاث (كذا) شطر رابع وهو لم يحضها ... الخ». والشطر في اللسان والتكملة والتهذيب.

(٣) في التهذيب واللسان: «الكُور» بالراء.

(٤) انظر التهذيب ٣/ ٢٦٢ أول كتاب الرباعي من حرف العين.

(٥) التهذيب: «ولايةٍ» والأصل كاللسان.

(٦) وهي رواية ديوان الهذليين ١/ ١٢.

(٧) في جمهرة ابن حزم: وادعة.